من هما الحزبان “الديمقراطي” و”الجمهوري” المتنافسان في أميركا؟

| روان فوعاني |

تدخل الولايات المتحدة الأميركية المعترك الانتخابي لاختيار الرئيس العتيد.

يتنافس عبر صناديق الاقتراع المرشحين كامالا هاريس ودونالد ترامب، عن الحزبين الكبريين في الولايات المتحدة الديمقراطي والجمهوري.

تأسس الحزب الديمقراطي عام 1798، وتعود أصوله إلى ما كان يسمى بالحزب الجمهوري الديمقراطي، الذي تأسس عام 1792 على يد توماس جيفرسون وجيمس ماديسون وغيرهما من معارضي النزعة “الفدرالية” في السياسة الأميركية.

نشأ الحزب الديمقراطي على الفكر المحافظ، وارتبط بحماية مؤسسة العبودية قبيل الحرب الأهلية الأميركية التي نشبت عام 1862، واكتسب شعبية في الجنوب امتدت من نهاية الحرب إلى السبعينيات من القرن العشرين.

عرف أزمات متعددة في الستينيات من القرن العشرين بتبنيه حركة الحقوق المدنية، والمشاكل الناجمة عن الحرب الفيتنامية، وتحول تحت قيادة الرئيس فرانكلين روزفلت عام 1932 باتجاه الليبرالية والأفكار التقدمية ومناصرة النقابات العمالية وتدخل الدولة في الاقتصاد.

يضم الحزب الأقليات سواء الدينية أو العرقية، ويناصر بعض القوانين المتهمة بالإضرار بالأسرة من قبيل ما يتعلق بزواج المثليين.

صوَّت في الكونغرس لصالح تفويض استخدام القوة العسكرية في غزو أفغانستان عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، لكن أغلب الديمقراطيين اعتبروا فيما بعد أن ذلك التدخل كان خطأ، وعارضوا استمرار الحرب، ووضع الرئيس الديمقراطي باراك أوباما خطة لانسحاب جميع القوات عام 2014.

دعم إنهاء برنامج الأسلحة النووية الإيرانية، واتفاق عام 2013 مع حكومة إيران لوقف البرنامج النووي الإيراني في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية، وتبنى الخيار الدبلوماسي في معالجة الملف.

دعم الانسحاب من العراق، وفي 27 فبراير/شباط 2009 أعلن الرئيس أوباما عن وضع جدول زمني للانسحاب مدته 16 شهرا.

ولا يخفي الديمقراطيون -كما الجمهوريين- دعمهم الصريح والواضح لـ”إسرائيل”.

المسار السياسي

منذ عام 1828 وحتى عام 2012 فاز الديمقراطيون بـ(21) انتخابا رئاسيا من أصل (44) انتخابا، واستفاد بشكل مستمر من جماعات عديدة من ضمنهم المهاجرين.

بعد عام 2000 غاب الحزب عن الواجهة السياسية مدة ست سنوات سيطر فيها الجمهوريون، لكنه تمكن عام 2006 في الانتخابات النصفية من الحصول على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، وتولت الديمقراطية نانسي بيلوسي رئاسة الكونغرس.

تمكّن مرشح الحزب باراك أوباما في يونيو/حزيران 2008 من أن يكون الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة الأميركية، وأول رئيس من أصول أفريقية يصل إلى البيت الأبيض، ويكون سابع رئيس ديمقراطي خلال القرن العشرين.

وكان الديمقراطي فرانكلين روزفلت الرئيس الأميركي الوحيد الذي ترشح للرئاسة أربع مرات من 1933 إلى 1945، وكان الديمقراطي جون كينيدي أصغر رئيس أميركي منتخب والرئيس الكاثوليكي الوحيد في التاريخ الأميركي.

ومن الرؤساء الديمقراطيين أيضا: هاري ترومان (1945-1953) الذي أمر بإلقاء القنابل الذرية على هيروشيما في اليابان، وليندون جونسون (1963-1969) الذي وقع قانون الحقوق المدنية للأميركيين ذوي الأصول الأفريقية الذي تمَّ وضع مسودته في عهد الرئيس كيندي، وجيمي كارتر (1977-1981) الذي أشرف على توقيع معاهدة كامب ديفد بين مصر وإسرائيل.

ومن الشخصيات التي قادت الحزب ديبي واسرمان شولتز، وهوارد دين، وروبرت بيرد ونانسي بلوسي.

أما الحزب الجمهوري، تأسس في 20 فبراير/شباط 1854 من بعض المنشقين الشماليين عن الحزبين اليميني (الويغ) والديمقراطي، وكان بعض هؤلاء المؤسسين ضد وضعية الرق القائمة آنذاك وضد مطالبات الانفصال الإقليمية، وبسرعة أصبح الحزب الجمهوري بديلا عن الحزب اليميني وندا للحزب الديمقراطي.

تبنى سياسات أفضت إلى تحرير الأميركيين من أصل أفريقي من العبودية، لأن فكرة تأسيس الحزب انبثقت من تحرير العبيد في القرن التاسع عشر.

الفكر والأيديولوجيا:

ليس للحزب الجمهوري توجه فكري واضح أو عقيدة مذهبية سياسية ثابتة، وتخترقه العديد من التيارات الداخلية المختلفة لدرجة التناقض أحيانا، حيث يضم المحافظين الماليين والمحافظين الاجتماعيين و”المحافظين الجدد”، والمعتدلين والمدافعين عن الحريات.

ومن هذا الخليط والائتلاف حاول الحزب تنظيم نفسه وبناء أيديولوجيته عام 1960. ويمكن تمييز اتجاهين كبيرين فيه هما: المحافظون والليبراليون، وداخل كل اتجاه يوجد العديد من التيارات.

ويصنف الحزب ضمن أحزاب يمين الوسط، لأنه محافظ في الجوانب الاجتماعية وليبرالي في الشؤون الاقتصادية.

عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 تصدرت واجهةَ الحزب مجموعةٌ كانت أقلية فيه، وهي المحافظون الجدد الذين فرضوا نظرتهم على السياسة الخارجية الأميركية، وفي فترة حضورهم القوي قامت الحرب على أفغانستان عام 2001 وغزو العراق عام 2003، فضلا عن الحرب على الإرهاب.

يعتبر الحزب الأسواق الحرة وعمل الفرد من العوامل الأساسية وراء الازدهار الاقتصادي، ولذلك يطالب بعدم التدخل في الاقتصاد وتعزيز المسؤولية الشخصية على برامج الرعاية الاجتماعية.

ويرفض زيادة الضرائب على المواطنين وذوي الدخل المحدود، ويؤكد على المساواة وتكافؤ الفرص والحفاظ على تماسك الأسرة من خلال رفضه تشريع قوانين تضرُّ المجتمع وتقوض أسسه، من قبيل رفضه زواج المثليين.

المسار السياسي:

منذ تأسيسه فاز الحزب بمنصب الرئيس 19 مرة، ومن أبرز الرؤساء الجمهوريين: أبراهام لينكولن، وروزفلت، ورونالد ريغان الذي كان له دور في إنهاء الحرب الباردة مع روسيا، وريتشارد نيكسون الذي أُجبِر على الاستقالة بسبب فضيحة “ووترغيت”، وجورج بوش الأب، وجورج دبليو بوش الابن.

تناوب مع الحزب الديمقراطي على الكونغرس الأميركي وسيطر عليه في الفترة التي امتدت من 1995 إلى 2007، ثم استعاد الأغلبية في 2010 و2012.

كما تولى الحزب الحكم في ولايات أميركية متعددة وصلت أحيانا 24 ولاية (عام 2010)، وتولى أيضا عمادة مدن كبيرة مثل: نيويورك، وسان دييغو، ودالاس.

خسر مرشح الحزب السيناتور جون ماكين من ولاية آريزونا الانتخابات الرئاسية عام 2008 أمام المرشح الديمقراطي باراك أوباما، كما خسر -أيضا- مرشح الحزب مت رومني الانتخابات الرئاسية عام 2012 أمام باراك أوباما، لكنه حصل على الأغلبية في مجلس النواب في العام نفسه.

من قيادات الحزب الجمهوري: رينس بريبيوس الذي أصبح رئيس اللجنة الوطنية للحزب في 14 يناير/كانون الثاني 2011 وأعيد انتخابه في 25 يناير/كانون الثاني 2013، وشارون داي الرئيس المشارك، وتوني باركر أمين صندوق الحزب، وجون رايدر المستشار العام.

ذكر مراقبون أن كواليس مؤتمر الجمهوريين الوطني الذي اختاروا فيه مت رومني مرشحا رئاسيا عام 2012 عرفت تحالفا وصف بالخطير، أتاح للوبي الإسرائيلي المتحالف مع اليمين المتطرف وأصحاب والطاقة والسلاح التحكم بالحزب والسيطرة عليه من خلال جماعات إسرائيلية الهوية لها أذرع مالية وسياسية متنفذة.

ولعب اللوبي المذكور دورا كبيرا في دعم الجمهوريين لاستعادة السيطرة على مجلس النواب والهيمنة على الكونغرس بمجلسيه لعرقلة أداء الرئيس باراك أوباما ومشاريعه.