هل يحق لنا أن نكفر؟!

| رندلى جبور |

هل يحق لنا أن نكفر ونحن نرى الشرّ الكثير ونرى الكثيرين مع الشرّ؟

هل يحق لنا أن نكفر والظلم يُظلّل الدنيا التي وكأنها تغطي الظالم وتدين المظلوم؟

هل يحق لنا أن نكفر وهناك من يسكت عن أفعال الجلاد ومن يلوم المعتدى عليه على ردّ فعله؟

هل يحق لنا أن نكفر وقد أوجعتنا الخسائر والثرثرة البلا منطق وآلمتنا الأذية؟

هل يحق لنا أن نكفر وهناك من يقف مع الباطل ويهاب الحق والحقيقة؟

هل يحق لنا أن نكفر والنفاق يحيط بنا، والحياة تُرينا الفاسد مرتاحاً والكاذب مبتسماً والسارق حراً والقاتل منتشياً ومعدوم الضمير يتسلى بمشاعرنا وأرواحنا؟

هل يحق لنا أن نكفر بعدما تساقط الخير عن أشجار هذا العالم، والنهايات لا توقظ الضمائر؟

هل يحق لنا أن نكفر فيما المناضل يُحارَب والمقاوم يُشيطَن والمؤمن يُلدغ من نفس الجحر ألف مرة؟

هل يحق لنا أن نكفر والكلام صار ممجوجاً بلا فعل، والمتفرجون على الويلات وكأنهم يشاهدون فيلماً لا يعنيهم؟

هل يحق لنا أن نكفر وأمامنا الدمار وكل ما شيّدناه ينهار ومن الداخل والخارج تأكلنا النار؟

هل يحق لنا أن نكفر وقد صار أبطالنا شهداء ورموزنا في السماء؟

يحق لنا أن نكفر؟

ولكن مهلاً…

هل نكفر وهناك من دفع دمه من أجلنا؟ وهناك من تشرّد ولم يصرخ؟ وهناك من دفع كل الأثمان من جيبه وبيته وأعصابه ولا يزال واقفاً؟

وهناك من لا يزال يناضل ويقاتل رغم كل الضربات؟

وهناك من لا يزال يقول لنا: الحمد لله وكما يشاء الله؟

وهناك من لا يزال يصلّي ويقرأ في الانجيل والقرآن؟

وهناك من لا يزال يحمل بعضاً من أمل؟

كلا.. لا يحق لنا أن نكفر ونحن مولودون من رجاء أن بعد الصلب قيامة، وبعد الجلجلة تجلّي، ونحن سالكون على طريق الحق ولو كان سالكوه قلّة.

تلك القلة هي التي تجعل الحياة تستمر، فهل نقف نحن فيما العجلة لا زالت تدور؟

لن نقف، ولن نكفر، وبإيماننا سننتصر!