لا كهرباء ولا مياه.. وتخوف من انتشار الأوبئة في مراكز الإيواء!

| ناديا الحلاق |

مرة جديدة تتحول مدارس لبنان إلى مراكز إيواء للنازحين، بعد أن فرّ مئات الآلاف من العائلات هرباً من قصف العدو الاسرائيلي الذي استهدف مناطق عدة لا سيما في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.

موجة النزوح الكبيرة، دفعت الدولة اعتماد مبدأ فتح مراكز الإيواء كخطوة أولى، حيث وصل عددها إلى 777 مركزاً تشمل مدارس رسمية ومجمعات تربوية ومعاهد مهنية ومراكز زراعية وغيرها.

ولرصد أحوال النازحين جال موقع “الجريدة” على بعض المراكز في بيروت والجبل، فرصد مشاهد لعائلات ونساء وأطفال نازحين من الجنوب، تحمل في طياتها معاناة كبيرة يعيشها أشخاص، تركوا بيوتهم وأرزاقهم ومدارسهم وكل ذكرياتهم خلفهم ليصبحوا أمام مصير مجهول.

تقف زهراء على باب الغرفة التي لجأت إليها مع ثمانية أشخاص من أفراد عائلتها في مركز إيواء في منطقة الطريق الجديدة، يتكدسون فوق بعضهم البعض، في غرفة صغيرة تخلو من الحد الأدنى لمتطلبات العيش، وآخرون يفتروش باحة المركز، ويتقاسمون الفرش فيما بينهم فينام عليها كل شخصين أو أكثر.

وتقول زهراء التي دمر العدو الاسرائيلي منزلها، إن “الحياة اليومية في المركز صعبة جداً، نأكل ونشرب وننام ونطبخ في مكان واحد، لا يوجد لدينا غاز ولا مكان لغسيل ملابسنا ولا مكان للاستحمام”.

وتضيف زهراء: الحشرات متواجدة في المركز، ونحن متخوفون من انتشار الأمراض والأوبئة بيننا.

وبدموع تسيل على وجهها الشاحب حزناً تروي نازحة ثانية “زينب”، مأساتها وتهجيرها على يد الاسرائيليين، وتقول لموقع “الجريدة”: “لم أتخيل يوماً أنني سأترك البيت الذي بناه أبي بدموع العين، أشتاق إلى الجدران، ورائحة الأرض وأشيائي التي تركتها هناك. أشتاق إلى شجرة الغاردينيا التي زرعتها وتركتها قبل أن تتفح أوراقها”.

وتروي زينب وفي حلقها غصّة عمرها 8 أيام: نحن اليوم نعيش مأساة حقيقية، وينقصنا كل شي، وفي بعض الأحيان تنقطع عنا المياه وان أردنا استخدامها فعلينا التقشف، حتى في قضاء الحاجة لم يعد لدينا خصوصية، فإذا ما أردنا فعل ذلك لا بد أن يعلم كل من في المركز.

أما في منطقة عاليه، فلم تكن الشابة مريم ابنة الثلاثين عاماً بأحسن أحوالها، هي أيضاً تركت “جنوبها الأخضر” وكل تفاصيلها، ونزحت لساعات طويلة على الطريق قبل أن تصل إلى إحدى مراكز الإيواء في الجبل علّه يكون أكثر “أمناً” لها ولعائلاتها، إلا أنها وصلت إلى ما أسمته بـ “إيواء الجحيم”.

وتقول مريم بصوت مبحوح يعكس القلق والتعب، أن هذا المركز غير مجهز للإيواء البشري، ولا يصلح لذلك الاسم، إنه إيواء ما قبل الاكتشافات الحديثة للكهرباء المقطوعة، وعدم توفير الماء إلا لدقائق معدومة، بالاضافة إلى عدم توفّر الكهرباء.

كل ما نستطيع قوله أن أوضاع النازحين في مراكز الإيواء ليست بخير، وسيناريوهات كارثية يترقبها الجميع، فلتتدخل الحكومة بفعالية لحلحت أزمة النزوح قبل أن تدخل الأوضاع الإنسانية والصحية في مرحلة بالغة التعقيد.