مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الثلاثاء 2/4/2024
لم يهدأ دوي الإعتداء الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق والذي أدى إلى سقوط عدد من الشهداء بينهم قياديان كبيران في الحرس الثوري.
الكثير من الوقائع الميدانية والسياسية تجمعت غداة هذا الإعتداء الذي نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه تم إبلاغ واشنطن به قبل تنفيذه بدقائق لكن الولايات المتحدة نفت معرفتها المسبقة بالأمر.
وأبلغت واشنطن الجمهورية الإسلامية بعدم ضلوعها في الضربة الإسرائيلية بينما كشف وزير الخارجية الإيراني عن رسالة مهمة تم إرسالها إلى الحكومة الأميركية باعتبارها داعمة للكيان الصهيوني.
وبحسب حسين أمير عبد اللهيان فإن الرسالة التي أرسلت عبر سويسرا تشدد على وجوب أن تتحمل واشنطن المسؤولية.
وقد توعدت إيران برد حاسم على الإعتداء الإسرائيلي على قنصليتها وأعلن مجلس الأمن القومي اتخاذ القرارات المناسبة فيما صرح الرئيس إبراهيم رئيسي بأن الجريمة لن تمر من دون رد.
وعلى الصعيد الدبلوماسي طرقت الجمهورية الإسلامية باب الأمم المتحدة مطالبة بعقد جلسة عاجلة وطارئة لمجلس الأمن. وبحسب التوقعات الروسية فإن الجلسة ستعقد اليوم.
وعلى غير ما كانت عليه الحال في حالات سابقة حصد العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق إدانات عربية ودولية واسعة امتدت من دول الخليج وعلى رأسها السعودية مرورا بمصر والأردن والعراق وصولا إلى روسيا والصين وباكستان وكوبا.
وفي لبنان أبرق الرئيس نبيه بري إلى القيادة الإيرانية مستنكرا الغارة الإسرائيلية ومعزيا بالشهداء الأبرار الذين نذروا أنفسهم على مدى عقود لدعم ونصرة قضايا المستضعفين.
وسط هذا المشهد رفعت جميع البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في العالم حال التأهب والإستنفار إلى درجاتها القصوى خشية رد إيران على استهداف قنصليتها في دمشق.
على أن الغارة على دمشق لم تكن آخر المشوار العدواني بالنسبة لإسرائيل.
ففي قطاع غزة لم يحيد جيش الإحتلال حتى المنظمات الإغاثية الأجنبية إذ شن غارة على متطوعين في واحدة منها بدير البلح ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء.
وقد اتسمت ردود الفعل الدولية على هذا الإعتداء بالضعف فقال البيت الأبيض مثلا “إنه إذا كان هذا الأمر صحيحا فإنه مقلق”
أما أوستراليا فاكتفت وزارة خارجيتها باستدعاء السفير الإسرائيلي.
الإعتداء على متطوعي الإغاثة لم يحجب هول المشاهد المؤلمة التي تكشفت بعد انسحاب قوات الإحتلال من مجمع الشفاء في غزة جثث متفحمة ومتحللة ودمار شامل وممنهج وكأن زلزالا قد ضرب هذه البقعة.
من هذه المشاهد خرج المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بنتيجة: مستشفى الشفاء يسجل إحدى أكبر المذابح في التاريخ الفلسطيني.
لليوم الثاني على التوالي، تفجير القنصلية الايرانية في دمشق يفرض نفسه محليا واقليميا . إيران اعلنت على لسان رئيسها ابراهيم رئيسي ان الجريمة الاسرائيلية الجبانة لن تمر من دون رد. وحزب الله اكد في بيان اصدره ان جريمة القنصلية لن تمر من دون ان ينال العدو العقاب والانتقام. فهل تهديد ايران وحزب الله سيتحقق هذه المرة، ام انه مجرد تصعيد كلامي لاستيعاب وقع الضربة الموجعة ولرفع المعنويات؟ على اي حال ما حصل ليس تفصيلا، وهو حادث من سلسة حوادث تؤكد ان هناك اعادة رسم لخريطة توزع القوى في المنطقة. فالاستهداف الممنهج لكل ما هو ايراني في سوريا يعني امرا واحدا، وهو ان مرحلة ما بعد غزة في سوريا لن تكون كما قبلها.
محليا، الجديد الرئاسي، اذا كان هناك من جديد، لن يتبلور قبل منتصف الجاري. فالاسبوع المقبل ستكون هناك عطلة طويلة لمناسبة عيد الفطر، ما يؤجل حراك الخماسية وكل حراك آخر.
سينال الكيان الخبيث عقابه على ايدي رجالنا البواسل،حسم الامام السيد علي الخامنئي، وسنجعلهم يندمون على هذه الجريمة ومثيلاتها، مضيفا ما يخفف على اصدقاء الجمهورية الاسلامية الايرانية واعدائها اعباء التحليل بمآلات عملية اغتيال اللواء في الحرس الثوري الايراني الشهيد محمد رضا زاهدي والعميد محمد هادي حاج رحيمي ورفاقهما داخل القنصلية الايرانية في دمشق . فيما داخل الكيان الصهيوني تقلب بالمواقف بين تبني العملية في حمأة الحاجة الى اختراع انجاز زمن الاحباط ، والخشية من التداعيات.
وكعادته تكفل الاميركي بتبرير الجريمة الصهيونية التي اجمع العالم على ادانتها وعلى التحذير من تداعياتها الاقليمية، فيما تداعى مجلس الامن الى جلسة ستعقد للبحث بالانتهاك الاسرائيلي لكل القوانين والاعراف الدولية..
جريمة ادانتها كل قوى المقاومة في فلسطين ولبنان والمنطقة، مؤكدة على منطق الاصرار والعزيمة باكمال الطريق الذي مشاه القائد الكبير الشهيد زاهدي ورفاقه.
وعلى طريق الاجرام أكمل الصهاينة المتجاوزون لكل الحدود، ولم يكفهم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى الفلسطينيين حتى لم تسلم منهم طواقم المنظمات الاممية والجهات الدولية، وكذلك المنتسبون الى المطبخ العالمي – الجمعية التي تعمل في غزة برعاية دولية وبمعرفة وترخيص صهيونيين – فقد قدمت موظفيها من استراليين وارلنديين وغيرهم قضوا بنيران الحقد الصهيوني، وجريمتهم انهم يقدمون ما امكن من وجبات الغذاء للشعب الفلسطيني المجوع والمحاصر..
على ان الحصار الذي يطبق على حكومة بنيامين نتنياهو سيأخذها وكيانها الى الهلاك، وهي ليست نبوءات عرافين، بل عارفين بالحال الاسرائيلية كاللواء الشهير اسحاق بريك، الذي وصف نتنياهو وحكومته بالمتعفنين الذين يقودون اسرائيل الى الهاوية، جازما بأن كيانهم لن يصمد في صراع البقاء من دون تغيير المستويين السياسي والعسكري…
اقليميا، الانظار نحو الرد الايراني المحتمل على الغارة الاسرائيلية التي استهدفت طهران في قلب دمشق.
اما في غزة، فالوضع على حاله من القتل والتدمير، فيما حبس الانفاس مستمر حول مصير رفح اثر الاجتماع الاسرائيلي-الاميركي الذي بحث بالبدائل الاميركية المطروحة، في مقابل اصرار بنيامين نتنياهو على الهجوم، آخذا في الاعتبار الهواجس الاميركية، كما نقل عن المشاركين في الاجتماع.
وفي خضم المشهد المشتعل، لهيب الجنوب يلفح كل لبنان، الذي يبقى حتى اشعار آخر، اسير المشاريع الاقليمية والتفاعلات الداخلية معها، فيما الرئاسة شاغرة والمؤسسات مترهلة واموال المودعين في مهب الريح.
هل سترد إيران على الضربة الإسرائيلية ؟ إذا كان الجواب نعم ، هل سترد هي مباشرة أو عبر حزب الله أو حماس أو الحوثيين ؟ أين سيكون الرد ؟ ومتى ؟ هل سيكون في قلب إسرائيل أو من لبنان أو عبر اليمن ؟ هل ستكون على قاعدة ” العين بالعين ” في إحدى سفارات أو قنصليات إسرائيل في العالم ؟ ماذا سيكون عليه موقف واشنطن التي تبرأت مما قامت به إسرائيل؟
صحيحح انها ليست المرة الأولى التي تستهدف إيران منذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول الفائت، لكنها المرة الأولى التي تستهدف إيران على أرض إيرانية تحمل الصفة الديبلوماسية، فهل ينفع هنا ” الصبر الاستراتيجي ” والإحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين ؟ أم ان إيران لديها حساباتها الأخرى وتوقيتها التي ترفض ان يفرضه احد عليها؟ هل للتروي علاقة بما يحكى عن اتصالات بين واشنطن وطهران وان الضربة جاءت لنسف هذه الأتصالات؟
في السابق ، حين كانت اسرائيل تضرب المصالح الايرانية والايرانيين أينما وجدوا ، كانت الجمهورية الإسلامية تحمل واشنطن المسؤولية وتلوح أو تضرب مصالحها ، فهل تفعل ذلك اليوم خصوصا أنها ألمحت إلى مسؤوليتها ؟ من السابق لأوانه إعطاء أجوبة جازمة وحاسمة ، ولكن ما هو شبه مؤكد أنه يصعب على إيران ألا ترد ، كما أنه من البساطة الاعتقاد بأن إسرائيل لم تاخذ بعين الاعتبار ان إيران سترد وبأنها قد تكون احتاطت لأي ردة فعل .
في مطلق الأحوال ، المنطقة تنزلق إلى مزيد من التدهور .
البداية من تداعيات الضربة الإسرائلية لأيران في دمشق.
موت المستشفيات تدمير وكالة الاونروا اغتيال الصحافة لعب بنيران دبلوماسية مع ايران استدراج المنطقة الى الحرب الشاملة .. ثم طهو المطبخ العالمي للاغاثة وحرقه على نار غزة العالية.
هي وقائع جرت بالمشهد المباشر لكن الولايات المتحدة لن تصدق على اي منها بانتظار التحقيق ولاسيما حيال استهداف اسرائيل سبعة عمال من منظمة وورلد سنترال كيتشن الذين شاركوا في عمليات الإغاثة منذ السابع من اوكتوبر وقد طالب وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن بتحقيق “سريع ومحايد” في حادثة استهداف المنظمة الانسانية علما بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أعطاه النتيجة الفورية واعترف بمسؤولية جيشه عن الحادثة.
وبرر هذا الإستهداف قائلا: قواتنا أصابت عن غير عمد أشخاصا أبرياء في غزة كان نتنياهو سريعا وغير محايد واعترف بابادة طواقم اغاثة عالمية قبل استهدافه لوائح الطعام وفي طريق عودتها الى رفح ولدى وصولها الى دير البلح أطلقت مسيرة اسرائيلية اربعة صواريخ على السيارات الدولية المصفحة فقتلت بولنديا واستراليا وبريطانيا وكنديا وأميركيا ومترجما فلسطينيا وآخرين لم يتم التعرف على جثثهم.
هي حادثة لا يمكن ان تكون عن طريق الخطأ لكون الطاقم الانساني يعمل في غزة منذ بداية الحرب ، ويرفع على سطح مركباته شعار المؤسسة العالمية . وإذ اختبأت اسرائيل خلف هذه الجريمة من دون تقديم اعتذار للدول المعنية وبينها اميركا نفسها، فإنها في جريمة ضرب قنصلية ايران في دمشق فاخرت بما أنجزت، واعتبرت ان القنصلية ليست مقرا دبلوماسيا بل كان لإدارة الحرس الثوري من العاصمة السورية.
ورفعت روسيا هذا الاعتداء الى مجلس الامن طلبا لإدانة استهداف مقار دبلوماسية، وستكون الانظار على الايادي الاميركية وما اذا كانت سترفعها بالفيتو لمنع الادانة عن اسرائيل وهي اذا كانت لا تزال تحقق بملابسات مطبخ الاغاثة، فإن الحقائق في القنصلية الايرانية ظهرت نتائجها منذ اللحظة الاولى للاستهداف وإحدى النتائج أن اسرائيل ضربت القنصلية، وأرادت من خلال سيلان الدماء الدبلوماسية فك قواعد الاشتباك القائمة بين اميركا وايران وتعطيل اي تقارب كان يعمل عليه سابقا وسيتسمر في المستقبل.
لكن طهران لم تكسر جسر العبور، وإن وجهت الاتهام الى واشنطن بالمسؤولية عن العملية سواء كانت على علم بها او لم تكن تعلم. ولم تلح في الآفاق الاقليمية الدولية نذور حرب شاملة اذ يعتقد بحسب قراءة الموقف الايراني أن طهران ليست على خريطة الاستدراج او تحويل نيران القنصلية الى حرب عالمية . وسيتم اختبار موقفها من خلال قرارات مجلس الامن ومدى استعداد الدول الخمس الدائمة العضوية لتبني الادانة التي قد تسحب عصب التوتر من المنطقة.