الحل الديبلوماسي في غزة ما عاد مستحيلاً.. وقطر تقود المفاوضات؟

مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الجمعة 27/10/2023 

 

هل تسبق اللغة الديبلوماسية لغة الحديد والنار، وهل يسبق وقف اطلاق النار في غزة الهجوم البري الذي تعد اسرائيل العدة له منذ عشرين يوما؟ الحل الديبلوماسي ما عاد مستحيلا على ما يبدو. اذ اوردت معلومات صحافية ان قطر تقود مفاوضات بين اسرائيل وحركة حماس ينحصر هدفها في امرين اثنين: وقف اطلاق النار وانجاز صفقة تبادل للاسرى بين الطرفين. فهل ينجح المسعى القطري، ام ان اسرائيل تناور وتكسب وقتا في انتظار توافق السلطة السياسية فيها والمؤسسة العسكرية على شن الهجوم البري على غزة؟ توازيا، الواقع على الارض ينبىء ان اسرائيل تواصل استعداداتها للهجوم البري. فهي ولليلة الثانية على التوالي نفذت عملية برية محددة الاهداف وسط  غزة بدعم من طائرات مقاتلة ومسيرات, ما يعني ان اسرائيل “تزيت” ماكينتها الحربية للهجوم البري، فيما تواصل قصف  القطاع بعنف وقوة،  بحيث  بلغ عدد ضحايا القصف سبعة الاف واربعمئة وخمس عشرة ضحية، فيما تجاوز عدد الجرحى العشرين الفا
في هذا الوقت اميركا تواصل معاقبة حماس والحرس الثوري الايراني على عملية طوفان الاقصى. وقد اصدرت وزارة الخزانة الاميركية حزمة ثانية من العقوبات على مسؤولي حماس في ايران وعلى اعضاء في الحرس الثوري .  على الحدود الجنوبية للبنان، الوضع يراوح بين التوتر وبين الهدوء الحذر. لكن تبادل القذائف والصواريخ خفت وتيرته عما كان عليه الامر في الايام الماضية. سياسيا،  نائب رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني حط في لبنان واجتمع بالرئيس نبيه بري وبنائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم. زيارة المسؤول الايراني للبنان سبقتها زيارة العراق وستتبعها زيارة الى دمشق. اللافت ان المسوؤل الايراني اكد ان المنطقة ستهب هبة  واحدة من اجل التصدي ودعم الشعب الفلسطيني اذا استمر العدوان الاسرائيلي.  من جهته ، اعلن نعيم قاسم ان الاميركي  والاسرائيلي لا يعلمان ما تخبئه الايام اذا استمر العدوان. فهل ما قاله الرجلان في اطار التهويل والتهديدات الكلامية، ام ان ايران تعد العدة لفتح الجبهات التي تمون عليها ضد اسرائيل، فتحقق عمليا، لا نظريا،  مبدأ وحدة الساحات؟>

 

لقد خسرنا الحملة العسكرية بالفعل، وأي حركة مهما كانت جريئة وناجحة لن تمحو هزيمة سبعة اكتوبر ..

انه نائب رئيس أركان الجيش الصهيوني الأسبق واللواء في الاحتياط “يائير غولان” الذي انضم الى الكثيرين من الخبراء الصهاينة الذين يتبنون هذا الرأي المطوق للجيش العبري بحركته، وللقيادة السياسية بقراراتها ..

فاي عمل ولو كان جريئا لن يمحو الهزيمة كما قال غولان، فكيف بالاعمال الخائفة والمربكة والقرارات المترددة التي تسيطر على القيادتين العسكرية والسياسية؟ اما العمل الوحيد المتاح امامهم الى الآن بفعل الصمت العالمي والعربي فهو المذابح التي ترتكب بحق الاطفال والنساء والمدنيين العزل، كأعمال انتقامية حاقدة لا تعيد هيبة ولا تغير معادلة ميدانية، والدليل انه اثناء ارتكاب آلة حربهم للمجازر في القطاع ، كانت صواريخ المقاومة تتساقط على تل ابيب محققة اصابات عديدة ومعطلة مطار بن غوريون مؤكدة ان قدراتها ما زالت بخير، وان اوراقها لا تزال حاضرة ..

اما استحضار الهجوم البري بمشاهد لدبابات وآليات عسكرية تتقدم تحت الخوف والتصوير الحراري، فلن تعيد الثقة لجيش مهتز يتقدم بضعة امتار تحت عدسات الكاميرات ثم يعود ادراجه تحت ضربات المقاومين ..

ضربات يتردد صداها من غلاف غزة الى الحدود الشمالية مع لبنان حيث اصابت صواريخ المقاومة المحتل في العديد من المواقع العسكرية المقابلة للاراضي اللبنانية محققة اصابات ومكبدة العدو خسائر بعتاده وتجهيزاته الالكترونية المتطورة، فيما كان جمهور المقاومة يشيع شهداءه على طريق القدس مؤكدا متابعة المسير حتى التحرير ..

وفي الميادين العربية اصوات تحررت من الاعتبارات السياسية المطوقة لها، فخرجت مسيرات هادرة في العديد من الدول العربية والمدن العالمية كان ابرزها في الاردن ومصر هتفت لفلسطين واهلها وشهدائها ومقاومتها، معتبرين انها الخلاص الوحيد ..

 

على مرأى ومسمع العالم بأسره، وبدعم مطلق من دول معروفة، يتواصل القتل الوحشي لشعب محروم من كل الحقوق، وابسطها دولة مستقلة كسائر شعوب الارض.
وامام مشهد الموت، لا معنى في الخارج لأي موقف سياسي او بطولة وهمية، او تصعيد عبثي، في وقت يحكى عن وساطة تقودها قطر للتوصل الى وقف لإطلاق النار، وتبادل للأسرى بين حماس والعدو.
وفي لبنان، حيث يقف الجيش بالمرصاد لأي اعتداء اسرائيلي، وتواصل المقاومة تقديم الشهيد تلو الشهيد في ردها الدقيق والمدروس على الانتهاكات، كادت اوهام البعض ان تعمي بصره عن مواجهة الحقائق، فراح يصدر المواقف التي يرى البعض فيها مؤشرا الى ما قد يأتي، فيما يضعها البعض الآخر في سياق الحرتقات المحلية، على وزن “باي باي يا حلوين”.
وفي مقابل هذا المشهد المشتت محليا، تشكل الافكار التي توصل اليها التيار الوطني الحر لتفاهم وطني في هذه المرحلة، نقطة ارتكاز لحماية لبنان من الخطر.
فالوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني أقل الإيمان، تماما كالمطالبة بتحقيق دولي حول احداث غزة، وبمحاسبة اسرائيل على جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحق المدنيين العزل.
أما التأكيد على حق لبنان بالدفاع عن نفسه فضرورة لحماية لبنان ومنع استخدام الأراضي اللبنانية كمنصة لشن هجمات تجر لبنان الى الحرب.
فلبنان بمواجهة اسرائيل، معني باستعادة حقوقه انطلاقا من الالتزام بالقرارات الدولية، وبمبادرة بيروت العربية للسلام، وباستعادة الأراضي اللبنانية المحتلة وتأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين وحماية كافة حقوق لبنان وموارده الطبيعية، وخاصة ما يتعلق بالنفط والغاز والمياه… واخيرا عودة النازحين السوريين الى بلادهم، ذلك ان ملف النزوح السوري يبقى امرا ملحا، ينبغي التعاطي معه كعنصر تفجير للبلد، خاصة في مرحلة التوتر العالي الراهنة.
وعلى الصعيد السياسي، يشكل الإسراع في اعادة تكوين السلطة تحت عنوان التوافق الوطني، المدخل الوحيد لتنفيذ برنامج الإصلاحات المطلوبة واللازمة.
اما التخبط المحلي في التعامل مع الشغور المحتمل في قيادة الجيش، فمؤشر واضح الى فشل المنظومة السياسية في احترام منظومة القوانين والاعراف، لمصلحة حسابات سياسية ضيقة، وطموحات غير مشروعة، ونوايا مبيتة على اكثر من صعيد.

 

في اليوم الواحد والعشرين على حرب غزة ، ثلاثة ملفات في الواجهة: الوضع الصحي داخل القطاع، والتوغل البري، والأسرى.
الوضع الصحي على مستوى المستشفيات تقول حماس إنه كارثي، وبدأت أصوات عالمية ترتفع، وفي مقدمها الصليب الأحمر الدولي ، لتجنب كارثة إنسانية .

في المقابل تتهم إسرائيل حماس بأنها تستخدم المستشفيات دروعا.

التوغل البري ، يبدو أن اسرائيل استعاضت عنه موقتا ربما، بعمليات توغل موضعية ضد أهداف معينة ، هكذا لا تثير الدول المؤثرة الرافضة هذا التوغل، وتتفادى التعرض لخسائر، تبعا لتحضيرات حماس لمواجهة هذا التوغل.

الملف الثالث هو ملف الأسرى الذي يبدو انه يجول في أكثر من عاصمة ، من الدوحة إلى موسكو ، وصولا إلى الأمم المتحدة ، لكن الملف مازال في بداياته ولم يشهد أي مؤشر إيجابي حتى الساعة، بل على العكس ، مازال في مرحلة تبادل الشروط, لا الأسرى.
ملف مستجد هو ملف الصراع الاميركي الإيراني المباشر ، فهل ينذر بمواجهة بينهما ؟

وقبل الدخول في تفاصيل النشرة نشير إلى تصعيد عسكري هو الأعنف في غزة منذ السابع من الشهر .

 

هو التفاوض بالنار ..

فمع بدء معادلة الاسرى بالاسرى , يبدو ان غزة موعودة بليلة دامية مهد لها العدو بعزل المدينة عن شبكة الاتصالات وقطع التيار الكهربائي وتطويق القطاع بقصف هو الاعنف منذ بدء الحرب .

والانباء الواردة هذا المساء من قطاع غزة تحدثت عن قصف تدميري ربما يكون تمهيدا لبدء دخول قوة المشاة، لكن معركة الاجتياح البري سيواجه فيها جنود العدو غزة بطبقتين : الارض  وما تحتها.

واللافت ان التصعيد الناري كان يسبقه بساعات حديث عن تقدم جبهة التفاوض على الاسرى ووقف اطلاق النار  حيث دارت المحركات على محورين روسي وقطري  .

وطرح وقف اطلاق النار مقابل الاسرى سرى مفعوله مع انطلاق مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف إلى الشرق الاوسط وبلوغها  الدوحة بهدف عقد اجتماعات خاصة بصفقة التبادل.

وأما حماس وعبر وفدها الموجود في موسكو فقد حسمت رأيها وأعلنت أنه لن يتم إعادة المزيد من الأسرى قبل الاتفاق على وقف إطلاق النار وهو ما لم يدخل حتى اللحظة في سردية الاحتلال الذي ندد باستقبال موسكو للوفد الحمساوي واتهمها بدعم الارهاب.

وعند هذا الحد توقفت حرب المعلومات وبقيت الكلمة للميدان فلم يعل على صوت العدوان الهمجي على قطاع غزة سوى الراجمات الصادحات وصليات الصواريخ العابرة للغلاف ومنه إلى قلب تل أبيب وعمق وأطراف مستوطناتها فأصابت الأبنية والأبراج…

ورفعت المستوطنات ومن فيها إلى مستوى الإنذار الأحمر ردا على استهداف المدنيين.

واستمرار كتائب القسام بإطلاق رشقات متتالية للصواريخ على مدى واحد وعشرين يوما من معركة الطوفان يثبت أن “السلاح صاحي”.

ودخلت على خط ناره  كتائب أبو علي مصطفى وغيرها من الفصائل المقاومة على أرض معركة واحدة  لتثبت أن ادعاءات الاحتلال باستهداف المواقع والمراكز  هي عملية تمويه فاشلة لاستهدافه المدنيين وتبرير مجازره…

وها هو جيش الاحتلال اليوم وبعد قصفه المستشفى المعمداني يهدد باستهداف مستشفى الشفاء في غزة بذريعة أن القيادة المركزية لحماس موجودة أسفل المستشفى.

وإزاء استمرار العدوان على غزة رأى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن المنطقة اليوم على صفيح ساخن وأن العدوان سيخرج كل المنطقة عن السيطرة.

ولكن دول القرار التي تخوض حرب التعبئة دعما ل‍بنيامين نتنياهو تهرب إلى الأمام في تعويم حل الدولتين بمفاوضات جديدة علما أن الأمم المتحدة صادقت منذ عقدين على هذا القرار ولم تلتزم إسرائيل به كعشرات القرارات الصادرة بحقها…

وفي المقابل فإن الاتحاد الأوروبي ومعه الولايات المتحدة الأميركية لا يقرأون في أسباب الطوفان ولا يقاربون قهر شعب القطاع ومعاناته وحرب إبادته وتهجيره…

ويمنون أهل القطاع بنوافذ إنسانية وبهدنة بين مجزرة ومذبحة لإيصال مساعدات لمن وصفوهم بالمحتاجين وعلى مدى واحد وعشرين يوما من الحرب على القطاع ماطلوا في استصدار بيان لوقف إطلاق النار.