موعد للبنان مع القمّة العربيّة: انتخاب الرئيس قبل 19 أيار؟

 / جورج علم /

يُقرأ الدور السعودي في لبنان من زوايا ثلاث:

  • المملكة مهتمّة بالإستحقاق الرئاسي، والدليل مشاركتها في لقاء باريس الخماسي، والإجتماعات الدوليّة والإقليميّة ذات الصلة.
  • تملك خارطة طريق استناداً إلى المبادرة العربيّة التي طرحتها الكويت قبل نيّف وعام، وأيضاً البيانات الرسميّة الصادرة عن المملكة تجاه لبنان، وأبرزها البيان الختامي لقمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في جدّة.
  • وتملك آلية عمل للإنقاذ، ربما تتضح معالمها قبل 19 أيار المقبل، موعد انعقاد القمّة العربيّة الدوريّة في الرياض.

ويُقرأ الدور السعودي من خلال النشاط الذي يقوم به السفير وليد البخاري، وجولاته على المسؤولين، والقيادات، ومشاركته في الاجتماعات الدوليّة والإقليميّة حول لبنان، ومعرفته بالخفايا والخبايا، وموقعه على الشرفة المطلّة على الحدث المحلّي، بموازاة سعيٍّ نَهِم يقوم به مدققو الأخبار، للحصول من مجالسه على معلومة، أو خبر يمكن البناء عليه لمعرفة كيف تتجه رياح الأزمة، ومساراتها.

بعض السفراء العرب المتابعين لحركة البخاري، يطرح في مجالسه تساؤلات:

  • هل يقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن يكون موقع لبنان في القمّة العربيّة شاغراً في حضرة الملوك، والرؤساء، والأمراء العرب؟
  • هل يقبلا بالغياب اللبناني، فيما تُفعّل القنوات الدبلوماسيّة، لعودة سوريا إلى الحضن العربي إنطلاقا من قمّة الرياض؟

الجواب: إن الظروف تفرض إيقاعاتها، كما تفرض المستجدات وقائعها، ومن الآن وحتى 19 أيار، موعد إنعقاد القمّة، هناك مسار حافل بالمحطات، منها: إقتراب نهاية مهلة الشهرين التي نصّ عليها الإتفاق السعودي ـ الإيراني، لعودة السفراء، وتطبيع العلاقات، ومراجعة سلوك إيران في المنطقة، ومدى احترامها لسيادة دول الجوار.

وهناك اللقاء المرتقب بين وزيري خارجيّة البلدين الأمير فيصل بن فرحان، وحسين أمير عبد اللهيان، وما يمكن أن ينتج عنه من تفاهمات، أقله في ما يتعلق بملفات تسعى الرياض إلى إيجاد مخارج لها قبيل إنعقاد القّمة.

وهناك آليّة الإعداد، حتى تكون القمّة بمستوى التحديات المصيريّة عربيّاً، وإقليميّاً، ودوليّاً.

وكان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربيّة السفير حسام زكي قد تحدّث عن سلسلة طويلة من الاجتماعات المتتالية التي ستعقد تباعاً، على مستويات مختلفة، بهدف الإعداد الجيد للقمة بما يحقق الأهداف النبيلة المرجوّة منها، في ظلّ توجيهات العاهل السعودي وولي عهده اللذين يحرصان على أن تكون قمّة جمع الصف العربي، وتوحيد كلمة العرب في مواجهة التحديات المصيريّة الماثلة.

وهناك احتمال إعادة التمثيل الدبلوماسي بين الرياض ودمشق، الذي قد يسبق إنعقاد القمّة ـ كما هو معلن ومتوقع ـ وهذا، في حال حصوله، من شأنه أن يزيد من الإنفتاح الخليجي ـ العربي على سوريا، إنطلاقا من مسار سياسي ـ دبلوماسي ـ إقتصادي، يسهم في المساعدة للتوصل إلى تسوية سياسيّة تهدف إلى تحقيق المصالحة، وتعزيز روح الوحدة الوطنيّة، وإزالة العوائق التي تعترض عودة النازحين، والمساهمة في ورشة البناء والإعمار، والحرص على تحرير التراب السوري من الهيمنات الخارجيّة، ومحاربة شبكات الإرهاب والمخدرات، وضبط الحدود، والحدّ من النشاطات المسيئة للعلاقات، والمصالح المشتركة.

ويدخل الاستحقاق الرئاسي في لبنان الفضاء العربي من زوايا عدّة، أولها الزاوية المحليّة التي يعرف عنها السفير البخاري الكثير، والتي تحكمها استحالات ثلاث: إستحالة الحوار، والتوافق، والتفاهم على تسوية، ولو من نوع الحدّ من الخسائر، وإعادة توزيع الحصص والمغانم. استحالة انتخاب رئيس فريق، أو محور، رغماً عن الفريق الآخر، حتى ولو انتصرت المحاولات الهادفة للتوصل إلى ديمقراطيّة الـ65 صوتاً. وإستحالة تمزيق ما تبقى من جثّة الوطن، وتوضيبها في النعوش التقسيميّة التفتيتيّة من فدراليّة، وفئويّة، ومربعات مذهبيّة وطائفيّة.

وتنطلق الزاوية الثانية من درجة الانفراج المرتقبة في العلاقات السعوديّة ـ السوريّة، والجديّة المطلوبة لمعالجة جائحة المخدرات التي تقلق دول مجلس التعاون الخليجي، وتجفيف صناعتها، وملاحقة شبكاتها.

إن لبنان الفوضى، والحدود المستباحة، والأجواء المفتوحة، يشكّل النموذج الأمثل للتصنيع، والتصدير، والتهريب، وصلة الوصل ما بين المافيات، والشبكات، الإقليميّة والدوليّة. وإذا كان لا بدّ من ضبط “الجائحة”، فلا بدّ من وضع القطار اللبناني المربك عل سكّة الحل، وهذا لا يكون إلاّ بوضع حدّ للفراغ، وإعادة بناء المؤسسات الدستورية كي تتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها أولاً، وتجاه الدول الشقيقة والصديقة.

وتتمايز الزاوية الثالثة بالحضور العربي الذي يتنامى دوره من خلال التنسيق والتعاون ما بين القاهرة والرياض، والعديد من العواصم العربيّة والخليجيّة، حول كيفيّة إعادة لبنان إلى مكانه ومكانته، واستعادته إلى الحضن العربي. والجديد المتدوال يدور حول التفاهم على توقيت ساعة التوحيد العربيّة، ردّاً على ساعة التفتيت اللبنانيّة. وهناك حديث جدّي وراء الكواليس حول مسارات أربع قد تقود إلى انتخاب رئيس في لبنان قبل 19 أيار المقبل، يشارك في القمة العربيّة إلى جانب إخوانه من القادة العرب.

الأول: أن يتولّى الثلاثي العربي المشارك في الإجتماع الخماسي، وضع مسودة تسويّة للأزمة في لبنان تأخذ بعين الإعتبار الإصلاحات المطلوبة، والقرارات العربيّة ـ الدوليّة ذات الصلة.

الثاني: إدخال إيران كجزء داعم، ومساهم في الإعداد والإخراج، وفق ما يوفر الإتفاق السعودي ـ الإيراني من فرص وإمكانات.

الثالث: تسويق هذه المسودة مع الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وسائر القوى الدوليّة والإقليميّة المؤثرة.

الرابع: التخطيط للإخراج، وإمكانيّة الذهاب إلى “تنقيح الطائف”، أو إلى “دوحة ـ 2” تعقد تحت مظلة وارفة من الضمانات العربيّة، والإقليميّة، والدوليّة، سواء في القاهرة مقر جامعة الدول العربيّة، أو الرياض مقرّ القمّة الواعدة، أو الدوحة صاحبة القدرات والإمكانات.