/ مرسال الترس /
كالعادة، كلما اشتد الصراع بين القيادات والزعامات المارونية، يشدّون الرحال صوب بكركي، علّها تجد المخارج لمشاكلهم وصراعاتهم. لكن بكركي تجد نفسها، في كل مرة، داخل دوامة من الخيبة، لأن كلاً من هؤلاء القيادات يريد وضع “إذن الجرة” في المكان الذي يلائمه، من دون تقديم أي تنازل إكراماً لـ “ذقن سيد الصرح”، سوى في حالات محدودة جداً.
وأحدث ما يسجل في هذا الإطار، الانتخابات الرئاسية، بعد خلو الموقع بانتهاء ولاية الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون منذ نحو أربعة أشهر، وتنافسهم على كرسي يدركون جميعاً أنه في مهب الريح، لأن “لوحة صراعاتهم” تبدو على الشكل التالي:
* الثقة مفقودة تماماً بين حزب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، اللذين تحولا إلى ألدّ الأعداء بسبب سقوط “اتفاق معراب”. ذلك السقوط المدوي نتيجة النكوص بالعهود التي قُطعت بين الجانبين، حتى أن رئيس “القوات” سمير جعجع يرفض أي تواصل أو لقاء، مهما كانت طبيعته، مع رئيس “التيار” النائب جبران باسيل. فيما كلّ من الإثنين أقسم “اليمين المعظّم” بينه وبين نفسه، للحؤول دون وصول رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى قصر بعبدا.
* فرنجية الذي ترك التواصل قائماً مع جميع الأطراف، في الطائفة وخارجها، يتحفظ على أي لقاء سياسي مع باسيل للأسباب المعروفة، أو التي بقيت طي الكتمان.
* حزب “الكتائب”، الذي وضع نفسه في “تيار الثورة” على الرغم من أنه في صلب العائلات السياسية التي حكمت وتحكّمت بالوضع السياسي في لبنان منذ الاستقلال، بات على مسافة غير قريبة من الأفرقاء الثلاثة المشار إليهم، وكل من زاوية خاصة أسوأ من التي سبقت.
* النواب الموارنة الذين ركبوا موجات “السيادة” أو “التغيير”، لفحتهم ريح الغرور، حتى صدّقوا أنهم قادرون على قلب المعادلات، فباتوا في حالة “شبه عداء” بين بعضهم البعض، وبات كل واحد منهم يغرّد باسم هذا المرشح أو ذاك.
* حزب “القوات اللبنانية” تبنى ترشيح رئيس حركة “الاستقلال” النائب ميشال معوض، بعد سلسلة من التعرجات في علاقتهما، ليرى نفسه مؤخراً يطرح مقولة “ندعمه حتى الساعة” إلا إذا ظهر إسم يتم التوافق عليه!
أمام هذا الواقع المؤلم، وجدت بكركي نفسها في حيرة من أمرها في كيفية طرح مبادراتها التوفيقية بين أبناء الرعية، بعدما وجدتها تتساقط الواحدة بعد الأخرى، بسبب النكايات وتباعد المصالح والتوافقات.
آخر ما استجد في هذا الإطار، تكليف سيد الصرح البطريرك بشارة الراعي أحد المطارنة بإجراء اتصالات فردية مع كل طرف على حدة، لاستشراف إمكانية الوصول إلى صيغة ترضي الجميع.
لكّن مصادر مقربة من الصرح أكدت لموقع “الجريدة” أن هذه الخطوة لا تعدو كونها “لرفع العتب ليس إلاّ”، لأن بكركي، في قرارة نفسها على قناعة تامة أن هناك “فالج ماروني” لا تمكن معالجته، وليس له أي دواء ناجع، على الأقل في المدى المنظور، وهو يتسبّب ـ أو يساهم ـ في إطالة أمد الفراغ في الموقع الماروني الأول في لبنان، وبالتالي إرباك وإضعاف موقع رئاسة الجمهورية. مع ذلك، تحاول بكركي التعايش مع هذا “لفالج”، وهي لا تريد أن “ترفع العشرة”!
هل يجب أن ينتظر اللبنانيون، فوق كل ما لديهم من أزمات، “طائف ثانٍ” أو “دوحة ثانية” أو “باريس خامس”… ليستطيعوا فتح أبواب قصر بعبدا مجدداً؟