انتهت سابعةُ جلساتِ انتخابِ رئيسٍ للجمهوريةِ كما سالفاتِها، وستَنتهي الثامنةُ والتاسعةُ وقيلَ أكثر، ما دامَ المعنيونَ يُكثرونَ من الالعابِ البهلوانيةِ لحرقِ الوقت، على حسابِ اللعبةِ السياسيةِ الحقيقيةِ التي يَعرفُ الجميعُ انَ مسارَها الالزاميَ هو التفاهمُ للوصولِ الى رئيس..
فالتفاهمُ هو المعبرُ الاسرعُ لانجازِ هذه الـمُهمةِ الدستوريةِ بحسَبِ كتلةِ الوفاءِ للمقاومة التي رأت بعدَ جلستِها اليومَ انَ انتخابَ الرئيسِ يذللُ العقباتِ ويُسهّلُ الخطواتِ لانتشالِ البلادِ من ازماتِها الماليةِ والاقتصادية.
والبلادُ على موعدٍ معَ الجلسةِ الثامنةِ التي حَدَّدَها الرئيسُ نبيه بري في الاولِ من الشهرِ المقبل، ولن تُلامِسَ حدودَ المفاجآت، فيما سيكون جديدُها دخولَ نائبينِ جديدينِ هما فيصل كرامي وحيدر ناصر بدلَ النائبينِ المبطلةِ نيابتُهُما رامي فنج وفراس السلوم، بعدَ قرارِ المجلسِ الدستوري المستندِ الى طعونٍ فَرَضَت اعادةَ فرزٍ للاصوات، ما افرزَ نصراً معنوياً لكرامي وخطِّهِ السياسي، وللتنوعِ في عاصمةِ الشمالِ التي تحتاجُ الكثيرَ من الاهتمام ..
اما اهتمامُ اللبنانيينَ بل هاجسُهم فهو رفعُ الدولارِ الجمركي الى خمسةَ عشرَ الفَ ليرةٍ وتبعاتُه على الواقعِ المالي والاقتصادي، في ظلِّ ضياعٍ واضحٍ من قبلِ الوزاراتِ المعنيةِ لتحديدِ سقفِ التحولِ والتضخمِ الذي ستَتركُهُ هذه الزيادةُ على الاسعار، وما زادَ المشهدَ سوداوية، النعيُ الدائمُ للبنكِ الدولي الذي راَى انَ تعويمَ القطاعِ الماليِّ في لبنانَ باتَ امراً غيرَ قابلٍ للتطبيقِ نظراً لعدمِ توافرِ الاموالِ العامةِ الكافية، داعياً الى خطواتٍ سريعةٍ كإعادةِ هيكلةِ القطاعِ المصرفي بشكلٍ منصف، وإجراءِ إصلاحاتٍ شاملة. اما اُولى خطواتِ البنكِ المركزي بالتنسيقِ معَ صندوقِ النقدِ الدولي فكانت انجازَ عمليةِ التدقيقِ في موجوداتِ الذهبِ اللبناني من سبائكَ ونقودٍ معدنية، فاَنجزَ البنك العدَّ، وهو الانجازُ الوحيدُ في هذه الايام، فيما السؤالُ لماذا قَبِلَ المصرف العدَّ الآن؟ وهل من يُعِدُّ خُطةً ما لهذا المتبقي الوحيدِ لدى الدولة؟
عالمياً تبقى الانظارُ الى الدوحة حيثُ المنافساتُ تشتدُ خلالَ مبارياتِ كأسِ العالمِ معَ المفاجآتِ المتتالية، على انَ العينَ شاخصةٌ الى مباراةِ البرازيل ونتيجتِها، في ظلِّ زمنِ المفاجآتِ من الارجنتين الى المانيا.
في استحقاق 2022 الرئاسي، شخص الرئيس الجديد مهم، لكنه ليس الأهم.
فالأهم هذه المرة، أن يقترن الانتخاب المقبل بتصور واضح للخروج من الأزمة، تشترك فيه كل القوى المؤثرة في البلد، تحت مظلة اقليمية ودولية واقية، ومن دون المس طبعاً بالأساسيات الميثاقية، وأبرزها على الإطلاق، الصفة التمثيلة المباشرة أو غير المباشرة للمرشح المحظوظ.
فماذا ينفع اللبنانيين لو ربحوا رئيساً، وخسروا فرصة الإنقاذ السياسي والإصلاحي؟ وماذا يضمن عندها، عدم العودة الى الدوران في الحلقة المفرغة نفسِها من الأزمات، بتداعياتها المعيشية والحياتية التي أنهكت جميع الناس؟
اليس الافضل هذا المرة، ان يقترن انتخاب الرئيس الجديد، بتفاهم على معالجة الثغرات الدستورية، تعديلاً أو تفسيراً، دفاعاً عن الطائف، ومن دون أي مس بأسس النظام؟
أليس الأفضل هذه المرة، ان يقترن انتخاب الرئيس الجديد، باتفاق جديد على تطبيق ما لم يطبق من وثيقة الوفاق الوطني بشكل كامل وبلا استنسابية، وبمهل زمنية تضمن التنفيذ؟
أليس الأفضل هذه المرة، أن يقترن انتخاب الرئيس الجديد، بخطة اقتصادية ومالية، تغنينا عن التخبط المستمر، وتخلصنا مما يدبر للمودعين من قبل أكثر من طرف؟
أسئلة بسيطة، لكن مشروعة، يحق لكل مواطن، ولكل متابع للشأن العام أن يطرحها. فكثيرون اليوم يقرنون الإنقاذ بانتخاب أي رئيس، تماماً كما فعلوا قبل أشهر، عندما وعدوا بالخلاص بمجرد اجراء اي انتخابات. وإذ بهم ينتجون مجلساً مشتتاً، عاجزاً ليس فقط عن انتخاب رئيس، بل عن اقرار ولو اصلاح واحد جدي، بدءاً بقانون الكابيتال كونترول.
لكن، قبل العودة الى تفاصيل الجلسة، ابطل المجلس الدستوري اليوم نيابتي كل من رامي فنج وفراس السلوم، واستعاد فيصل كرامي مقعده النيابي، على ان تكون له اطلالة خاصة عبر الاوتيفي من طرابلس في سياق النشرة.
العالم مونديال… ومونديال هذا الموسِم حافل بالمفاجآت، على عكس “مونديال السياسة اللبنانية” المفعَم بالرتابة، ومن هذه الرتابة فشل المجلس النيابي للمرة السابعة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وأتت نتيجة فرز الأصوات في الجلسة على الشكل التالي: 42 ميشال معوض، 50 ورقة بيضاء، 8 لبنان الجديد، 6 عصام خليفة، 2 زياد بارود، صوت واحد لبدري ضاهر وورقة ملغاة.
والرتابة ذاتها تمثلت في تحديد الخميس المقبل للجلسة الثامنة أو بالأحرى للفشل الثامن.
لكن المجلس الدستوري كسر الرتابة، فأبطل نيابة النائب رامي فنج وأعلن فوز فيصل كرامي عن المقعد السني في طرابلس. كما اعلن بطلان نيابة فراس سلوم، وأعلن فوز حيدر آصف ناصر عن المقعد العلوي في طرابلس.
وإذا كان تموضع النائب كرامي معروفًا، فأين سيكون تموضع النائب العلوي الجديد؟ هل يكون مستقلًا أم يشكِّل مع النائب كرامي كتلة جديدة؟
ماليًا، وفي معلومة تصدر للمرة الأولى بشكل رسمي، أعلن مصرف لبنان عن “إنجاز عملية التدقيق في موجودات خزنة المصرف من الذهب (سبائك ونقود معدنية) التي أجرتها شركة تدقيق عالمية بالتنسيق والتوافق مع صندوق النقد الدولي، فتبيَّن أن موجودات خزنة مصرف لبنان من الذهب مطابقة تماماً، كمّاً ونوعاً، للقيود المسجّلة في السجلات المحاسبية لمصرف لبنان.
عربيًا وعالميًا، أعلن القنصل الصيني العام في دبي “لي شيوي هانغ” أن السعودية ستستضيف قمة عربية-صينية في أوائل كانون الاول المقبل. يأتي هذا التطور في خضم التوتر الدبلوماسي بين الرياض وواشنطن.
لكن تبقى الطليعة للمونديال.. ماذا في أحدث النتائج؟ وماذا عن التوقعات بشأن مباراة الليلة بين البرازيل وصربيا؟
خَطفتْ طرابلس أضواءَ قطر.. ورمى المجلسُ الدُستوري الكُرةَ في ملعبِ الفيحاء، قبلَ ليلةِ الجُمُعة المباركة برقصةِ الأقدام معَ ملوكِ السامبا على أرضِ لوسيل وبهجمةٍ مرتدّة منَ القاضي طنوس مشلب، سَجّلَ رئيسُ تيارِ الكرامة هدفاً في مَرمى الطعون.. وعاد فيصل كرامي نائباً بإجماعِ إعادةِ فرزِ الأقلام أُبطلت نيابةُ رامي فنج عن المَقعدِ السُني لصالحِ سليلِ عائلةِ الرشيد أما المَقعدُ العلوي فانتقلَ “من العِبّ للجَيبة” بسحبِ النيابة من فراس السلوم لصالح حيدر ناصر، الطبيبِ الجرّاح إبن جبل محسن، والذي يَجري حالياً أخْذُ “خزعةٍ سياسية” من مِلفّهِ الطِبي لفحصِها في المعملِ الرئاسي فنتائجُ طعونِ اليوم.. تُحتسَبُ في صُندوقةِ الغد.. وقد بدأ العدّ وأمامَ الوفودِ المهنئة بمفعولٍ رجعي عن نتائجِ انتخاباتِ أيار.. رَفعَ كرامي بطاقةَ الحواصلِ الخضراء بقولِهِ إنّ المجلسَ الدُستوري أعادَ الحقَّ إلى أصحابِه ممّن انتَخبوا لائحةَ الإرادة الشعبية ودارةُ فرنجية كانت أوّلَ المهنئين.. حيث التهاني مشتركة فآلةُ احتسابِ أصواتِ الخمسةِ والستين نائباً تَحرّكت وانطلقت نحوَ الهدف، من دونِ أن يَعنِيَ ذلكَ حسْماً لأيٍ من المرشحين وإثنين المشاورات حولَ انتخابِ الرئيس لِناظرِه قريب أما خميسُ الانتخاب فكان “بدري أبو كلبشة ضاهر فلتة الشوط”.. ولم يَجْرِ التلاعُبُ بعياراتِ ميشال معوض وإذ تَصدّرتِ الورقةُ البيضاء الجلسةَ السابعة.. كادتِ الدورةُ الثانية أن تُسجِّلَ “أوفسايد” لصالحِ النِصاب فكانَ رئيسُ مجلسِ النواب نبيه بري أوّلَ المتسلّلين خارجَ القاعة.. “لِعِب الـVAR بعِبّ بري”.. فغادرَ مِنطقةَ النِصاب من دونِ أنْ يَضرِبَ بمِطرقتِه إيذاناً بانتهاءِ الجلسة.. ومن دونِ أنْ يُحدِّدَ موعداً جديداً لانتخابِ رئيس واكتفى برفْعِ سُبابتِه ليُحدِّدَ الأوّلَ من الشهرِ المقبل تاريخاً لجلسةِ انتخابِ الرئيس الثامنة.. والتي ستكونُ نُسخةً غيرَ منقّحة عن سابقاتِها معَ ما يُرافِقُها من فوضى انتخابية ولَعِبٍ على رؤوسِ الأصابع والأوراقِ المرمية تحتَ أقدامِ النواب. ومن بينِ الأوراقِ البيض لمِحورِ الثنائي وحلفائِه، كان علي عمار.. الحكيم يُدلي بإفادةٍ عسكرية تَرتفِعُ كمُسيّرة من برج البراجنة إلى اليرزة.. ويُعلِنُ أنّ قائدَ الجيش جوزيف عون قدّمَ نموذجاً طيّباً في إدارتِه للمؤسسة، واستطاعَ من خلالِ قيادتِه للجيش أن يَحمِيَ السِلْمَ الأهلي وإذ نفى عمار وضْعَ فيتو على جوزيف عون.. فإنّ إشارتَه تلك جاءتْ بعدَ لقاءِ مسؤولِ وَحدةِ الارتباط والتنسيق وفيق صفا معَ قائدِ الجيش.. ولم يَتِمَّ بالتحديد ما إذا كان هذا “مرحلة صفا” معَ ترشيحٍ محتمَل لعون، أم هي مجرّدُ “تعكيرِ” أجواءِ الحليف جبران باسيل والتلويحِ له بإسمٍ يَتسبّبُ له بحساسيةٍ سياسية. خارجَ الجلسة رُصِدت المادة “مادة إجرا وإيدا من الشباك” لتعطيلِ التحقيق في تفجيرِ المرفأ وعلى ما انتهت إليه الجلسة.. تتّجهُ الأنظارُ إلى زيارةٍ محتملة بينَ العيدين للرئيسِ الفرنسي إيمانويل ماركون إلى لبنان وكما يقتضي التقليدُ السنوي فإنّ الرئيسَ الفرنسي يقومُ بزيارةِ القواتِ الفرنسية العاملة ضِمْنَ اليونيفيل، ويَقضي يومَ العيد معَ كتيبتِها في جنوب لبنان وكتائبُ القبّعاتِ الزُرق جنوباً وفي كلِ أصقاعِ العالم تَحتفي بأعيادِ الطابة المجيدة التي افتَتحَ عِزَّها كريستيانو رونالدو هذا المساء في مباراة البرتغال-غانا ليكون اللاعب الأول في العالم تسجيلاً للأهداف في خمس نسخ مختلفة من كأس العالم.. على أن يبدأَ الرقصُ الحقيقي التاسعة ليلاً معَ أمسيةِ البرازيل-صربيا.
في المجلس النيابي كانت الرتابة تتحكم في مفاصل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ، أما المفاجأة المدوية فكانت في المجلس الدستوري الذي أبطل نيابة رامي فنج وفراس السلوم ، معلنا فوز فيصل كرامي عن المقعد السني في طرابلس ، وحيدر آصف ناصر عن المقعد الهلوي في طرابلس أيضا.
على غرار الست السابقة لم تنتج الجلسة النيابية السابعة رئيسا للجمهورية، بل جائت نسخة طبق الأصل عن سابقاتها في غياب التفاهمات على اسم يحظى بأكثرية وازنة غي المجلس النيابي . السيناريو هو هو النواب حضروا أدوا بأصواتهم التي توزعت بين ورقة بيضاء بواقع خمسين صوتا وميشال معوض برصيد 42 . أذعيت الأرقام ثم تفرق النواب وطار النصاب ، والى الجلسة الثامنة .
وحتى لا تظل الأمور رهينة عداد الجلسات تبرز ضرورة التفتيش عن صيغة للتفاهم ، لأنه اذا بقينا في الأسلوب نفسه وبلا تواصل الجدي بين الكتل غير الإستعراض الاعلامي ” رح نضل محلنا ” على ما أوضح المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل قبل خروجه من مجلس النواب .
على مقربة من مبنى المجلس كان الرئيس نجيب ميقاتي يؤكد في منتدى بيروت الإقتصادي المنعقد في فينيسيا ان الخروج من المأزق يجب ان يكون عن طريق تسوية عامة تنطوي على انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن ونشكيل حكومة جديدة والإسراع في عجلة الإصلاحات وابرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي . ميقاتي حذر من ان الدول المانحة لن تمد يد المساعدة اذا لم يكن هناك مراقب دولي للإصلاحات وهذا المراقب هو صندوق النقد.