كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”:مع البحث عن رئيس جديد للجمهورية، بدأ البحث الجدّي، منذ أيام، في هوية رئيس الحكومة الجديد وانتمائه. فالنقاش حول حكومة تصريف الأعمال ودستوريتها انتهت مفاعيله مع انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، وهذا يعني أنه يفترض الانتقال إلى مرحلة جديدة أصبحت كل القوى معنية بها، لحظة أصبح الفراغ الرئاسي أمراً واقعاً.
مع الفراغ الجديد، بدأ الكلام الذي لا يزال حتى الآن من طرف واحد، عن تسوية جديدة يقوم بها فريق واحد. أي أن قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر يفتشان عن تفاهم على رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة معاً. وذلك يعني أن من سيتم اختياره رئيساً للحكومة، لن يكون زعيماً سنياً، وليس نتيجة تسمية الأكثرية السنية السياسية، بل أن اختيار شخصية سنية سيتم من جانب طرف واحد ولو لم تكن هذه الشخصية محسوبة على الموالاة، وإسقاطه على فريق المعارضة. إلا أن حدود هذه التسوية التي يتوسع الكلام عنها، لم تأخذ في الاعتبار أن الكتل المعارضة من قوات لبنانية وكتائب ومستقلين وقسم من النواب التغييريين، لن توافق على مثل هذه الاقتراحات.
أولاً، لأن قوى 8 آذار هي التي ستختار الرئيس الجديد، بعدما تردد في كواليس سياسية أن التسوية لن تأتي إلا برئيس يوافق عليه التيار الوطني الحر، وهي التي ستقترح كذلك اسم رئيس الحكومة العتيد لتنال موافقة الآخرين عليه، وحكماً ستكون الحكومة من لون واحد حينها، لأن القوى المعارضة سبق أن أعلنت أنها لن تشارك قوى 8 آذار في أي حكومة، ولن تنتج مجدداً حكومة وحدة وطنية على غرار تجربة عام 2016. والنواب التغييريون بدورهم كانوا أعلنوا أنهم لن يشاركوا في السلطة. في المقابل يتركز تعويل قوى 8 آذار، مرة جديدة وليس بتأثير الرئيس نبيه بري وحده، على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للمشاركة في التسوية وفي الحكومة في آن. وهذا ما تتوقعه حكماً الكتل المعارضة بناء على تجارب سابقة، ولو أن جنبلاط يسير حتى الآن رئاسياً بمرشح المعارضة النائب ميشال معوض.تبعاً لذلك تصبح المعارضة أمام سيناريو مختلف هذه المرة، كما يفترض أن تكون عليه مقاربتها لأي نوع من المقترحات المتداولة. انطلاقاً من أن نتائج الانتخابات النيابية أفرزت واقعاً جديداً وقوى جديدة متنوعة سواء لجهة المعارضة أو المستقلين والتغييريين. في حين أن الكلام عن تسويات من جانب واحد يعني مجدداً عدم الاعتراف بالوقائع التي أدت إليها الانتخابات، وأن التوافق الذي تجري الدعوة إليه عبر آليات حوار، سيكون لتسويق اقتراحات أحادية مسبقة، وليس نتيجة تفاهم القوى السياسية. أما كيفية التعامل مع هذا المسار، فرهن بتبعات أي محاولة لفرض أمر واقع جديد، ستكون قوى المعارضة أمام خيار التكيف معه أو مواجهته. وفي الحالتين يصبح الوضع الداخلي أمام محك جديد، لا يبدو من أول مؤشراته أنه يدعو إلى التفاؤل بإمكان تخطيه بسهولة.