/ مرسال الترس /
عبّرت فئة من اللبنانيين عن “الفرح” بمغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قصر بعبدا، بعد انتهاء ولايته، بحجة أن عهده أوصل اللبنانيين إلى “جهنم”، كما جاء في التحذير على لسانه من مسار الوضع.
وعبّرت فئة من اللبنانيين عن “الحزن” لمغادرة الرئيس عون، قبل أن يحقّق ما كان يتمنى من إصلاحات وتغيير.
الوضع المشابه خَبِرَه اللبنانيون في محطات عدة مشابهة منذ الاستقلال، وها هم يعيدون الكَرّة، عن جهل أو عن غباء، وإلاّ لماذا يكررون نفس المشاهد منذ سبعة عقود من دون أن يرف لهم جفن، متجاهلين ما يعكسه على بلدهم من توغل في الابتعاد عن ما يسمونه حضارة وديمقراطية؟!
أمعن اللبنانيون في انقساماتهم عند نهاية عهد الرئيس الأول للجمهورية بشارة الخوري إثر التجديد له، وبعده كميل شمعون نتيجة الثورة، ومن ثم شارل الحلو جراء ممارسات ما كان يسمى بـ “المكتب الثاني”، ولاحقاً سليمان فرنجية بسبب نشوب “حرب السنتين” التي امتدت صراعاتها الى عهد الرئيس الياس سركيس، وانتهاء عهد خليفته بشير الجميل سريعاً وقبل أن يستلم مهامه، لترتفع وتيرة الصراعات في عهد شقيقه أمين ويسلم ولايته إلى حكومتين إحداها “دستورية” برئاسة قائد الجيش العماد ميشال عون وأخرى “شرعية” برئاسة سليم الحص الذي أعطى بنفسه توصيف الحكومتين بين “دستورية” و”شرعية”، لينتهي أمرهما بتوقيع “اتفاق الطائف” الذي اعتقد كثيرون انه سيكون نهاية المأساة.
لكن مسيرة ذلك الاتفاق استهلت باستشهاد أول رئيس على إسمه، رينه معوض، ليحل بعده الياس الهراوي الذي توّج عهده بمرسوم تجنيس لم تنته تداعياته ومفاعيله. ولم يكد يأفل عهده الممدد حتى جاء قائد جيش آخر، أميل لحود، ليحمل وزر استشهاد الرئيس رفيق الحريري واحتجاجات تحمل شعار كلمة “فلّ”، ليخلفه قائد جيش ثالث، ميشال سليمان، موسوماً بأحداث مخيم نهر البارد وبفترة فراغ طويلة تتوجت بوصول الرئيس الثالث عشر للجمهورية وقائد جيش سابق أيضاً، ميشال عون.
الثابت أننا كلبنانيين لم نستطع الخروج من هذه التراجيديا التي رافقتنا وترافقنا، وكأنها اللعنة التي تركها الاستعمار بيننا كي لا نهنأ بما مررنا به من بعض الأيام السمان، ومحاولة وضع أسس بناء دولة في عهد قائد الجيش الأول فؤاد شهاب في ستينات القرن الماضي، لتنعكس عجافاً علينا إلى مدى لا أحد يدرك أفقاً لها، أو يتوقع أيام سعادة ورفاه وإطمئنان، كما يحصل في بعض الدول النفطية الخليجية.
حتى قبل استخراج ثرواتنا النفطية والغازية، يأتي من يحذر من أن تكون نقمة وليس نعمة. وكأن الصراعات والحروب هي في صلب جينات اللبناني، وليس مكتوباً له أن يهنأ بما أغدقه الله عليه من نِعَم!