ذكرت “الأخبار” أنه ليس معلوماً بعد السبب الذي دفع وسائل الإعلام الصهيونية إلى نشر خبر، الأسبوع الماضي، عن زيارة سرية قام بها الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود اللبنانية – الفلسطينية المحتلة آموس هوكشتاين إلى تل أبيب، وما إذا كان هناك من ضلّل الإعلام العبري. إذ إن الجانب الأميركي بادر بنفي الأمر. وتم، بعيداً من الإعلام، إبلاغ جهات عدة في لبنان والمنطقة وأوروبا بأن الإسرائيليين ليسوا جاهزين بعد لتقديم جواب نهائي لانشغالهم بتطورات الحرب على غزة والاستنفار في الضفة الغربية.
لكن اللافت أن هذه “التوضيحات” الأميركية رافقها الإصرار على ترداد لازمة أن الأمور “قابلة للحل”، وأضافوا على ذلك أن “كل القوى السياسية في إسرائيل تدرك أن ملف الترسيم شأن يخص الأمن القومي ولا يمكن إقحامه في المعركة الانتخابية الداخلية”.
وبحسب مصادر معنية بالملف، فقد تلقّت إسرائيل، عبر جهات مختلفة، التوضيحات الكافية حول موقف الحكومة اللبنانية و”حزب الله”، وموجزه الآتي:
أولاً، أن المهلة الزمنية للعدو لحسم الأمر لم تتغير ولا تتجاوز منتصف أيلول المقبل، وأي إشارات تسويف أو إطلاق مناورات سياسية أو حتى عمليات عسكرية ستدفع المقاومة إلى تقليص المهلة.
ثانياً، أن المقاومة ترفض ربط الملف بالانتخابات الإسرائيلية، وهي غير معنية بأي نقاش حول الواقع السياسي في “إسرائيل” وانعكاسات الملف على الانتخابات وغيره من التفاصيل التي تهم السياسيين الإسرائيليين.
ثالثاً، أن معادلة المقاومة لا تزال ثابتة، ومفادها أنه لا يمكن لـ “إسرائيل” البدء في استخراج الغاز من أي منصة في البحر الفلسطيني المحتل، وليس من منصة “كاريش” فقط، ما لم يُعلن رفع الحظر المفروض على عمل الشركات في التنقيب والاستخراج في البحر اللبناني بعد حسم حقوق لبنان في الحقول والخطوط وفق ما تسلّمه هوكشتاين من الرؤساء الثلاثة في آخر زيارة له إلى بيروت.
رابعاً، أن المقاومة جدية، وقد أرسلت إشارات عملانية تدل على استعدادها لضرب مجموعة من المنصات دفعة واحدة إذا لزم الأمر. وقد أُحيطت كل الشركات الأجنبية العاملة في هذه الحقول علماً بذلك وتبلّغت تحذيرات من مغبة الاشتراك في ما تعتبره المقاومة اعتداء إسرائيلياً على لبنان، ما دفع الجانب اليوناني الذي نفى بداية ملكيته لسفينة “إنيرجين” إلى التراجع والإقرار بذلك وبأن غالبية العاملين على متنها يونانيون.
خامساً، أن محاولة العدو المناورة من خلال تجميد العمل في منصة “كاريش” مقابل تجميد تهديد المقاومة أو تعطيله سيصار إلى الرد عليها بالتأكيد أنه لا يمكن للعدو استخراج الغاز من كل حقول المتوسط ما لم يقرّ بحقوق لبنان، وما لم تبادر الولايات المتحدة بتوقيع تعهد خطي علني يضمن حرية لبنان في استقدام أي شركة عالمية للعمل في حقوله.
وتؤكّد المصادر المعنية لـ “الأخبار” أن التوقعات حول الجولة الجديدة من الاتصالات تتركز الآن على معلومة تفيد بأن هوكشتاين ينتظر تأكيداً على مواعيد له في “إسرائيل” خلال هذا الأسبوع. وأنه في حال حصل الأمر، يفترض أن يتوجّه إلى تل أبيب للحصول على ما يمكن وصفه بالحل. وفي حال كانت المناخات سلبية فإن الموفد الأميركي ليس مضطراً للذهاب، بالتالي ستكون مهمته التالية في لبنان معقّدة، لأن فكرة التفاوض من جديد على إطار للبحث وترسيم وخلافه لم تعد ممكنة.
وعلمت “الأخبار” أنه فور انتشار تسريبات في الأيام القليلة الماضية، حول مناخات سلبية ورفض إسرائيلي لمقترحات لبنان، عمد هوكشتاين إلى التواصل سريعاً مع مسؤولين لبنانيين مؤكداً لهم أن الأمر “غير صحيح ولم يحصل”، وأنه عندما غادر لبنان إلى فلسطين المحتلة، عقب زيارته الأخيرة لبيروت، أمضى هناك ست ساعات فقط التقى خلالها رئيس حكومة الاحتلال، وأنه لا يزال في انتظار تحديد موعد جديد له.