إنها الثامنة صباحاً بتوقيت النصر…
في الرابع عَشَرَ من آب ٢٠٠٦ صمتت أصوات العدوان وارتفع صوت واحد يصدح بنداء العودة… هو صوت نبيه بري… فالنصر لا يكتمل إلا بعودة أهل الجنوب الى أرضهم… ومن تهدّم بيتُه فليسكن فوق الركام ويفترش التراب ويلتحف السماء… أليست أوصال الوطن المقطعةُ/ موصولة في شرايين القلب….
وهكذا كان…لبى الجنوبيون النداء… ورسموا صوراً للتاريخ عن زحفٍ بشري ثبّت النصر بالعودة بعد الشهادة وأسقط مؤامرة الأرض المحروقة وكتب فصلاً جديداً أذهل العالم من حكاية طائر الفينيق… وانتصر لبنان..
لبنان اليوم لم تُسجِّل وقائعُهُ أيَّ تطورات بارزة لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في سواهما.
في غضون ذلك تستعد حركة أمل لإطلاق فعاليات الذكرى الرابعة والأربعين لجريمة إخفاء الامام الصدر ورفيقيه.
ودعت جماهيرَ الإمام وسائر اللبنانيين إلى المشاركة الواسعة في هذه الفعاليات وصولا إلى إحياء الفعالية المركزية في الحادي والثلاثين من آب والتي ستـُحدَّدُ تفاصيلُها وترتيبات إحيائها في بيان يصدر عن قيادة الحركة في اليومين المقبلين.
خارج لبنان توزعت الأحداث بين مصر وفلسطين المحتلة والولايات المتحدة.
في مصر حادث مأساوي يرتبط بحريق ضخم اندلع في كنيسة المُنيرة بمحافظة الجيزة ذهب ضحيته أكثر من أربعين قتيلاً وخمسين مصابًا ويبدو ان الحريق ناجم عن تماس كهربائي في وحدات التكييف.
وفي فلسطين المحتلة وقبل ان ينقضي أسبوع على إنتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تلقى العدو ضربة وجهها إليه فلسطيني عندما هاجم حافلة تقل مستوطنيين في القدس المحتلة.
الهجوم أسفر عن إصابة عشرة مستوطنين ووصفته الفصائل الفلسطينية بالبطولي والشجاع واعتبرته رد فعل على جرائم إسرائيل وعربدتها مؤكدة انه يأتي في سياق إستمرار المقاومة في وحدة الساحات.
أما في الولايات المتحدة فما زال سلمان رشدي راقدًا في المستشفى بحال الخطر فيما مَثُلَ طاعنُهُ الأميركيُّ – اللبناني الأصل هادي مطر أمام قاضٍ في نيويورك حيث دفع ببراءته تهمة محاولة القتل.
الرابعَ عشرَ من آب، يومُ الانتصارِ الذي اقتحمَ التاريخَ ولم تَنتهِ روايتُه المجيدةُ الى يومِنا هذا..
بعدَ ستةَ عشرَ عاماً ، يقولُ الصهاينةُ يا ليتَهم ما زالوا عالقينَ في العامِ 2006 تحتَ وطأةِ هزيمتِهم في بنت جبيل ومارون الراس ووادي الحجير، ولم يَصلوا الى يومٍ يَرَون فيه مُسيَّراتِ المقاومةِ تحلقُ فوقَ منصاتِهم المعتديةِ على غازِ لبنان، او يَلمَسونَ مفاعيلَ صواريخِها الدقيقةِ تضربُ – قبلَ اطلاقِها – وعيَ اكبرِ جنرالاتِهم ومسؤوليهم، مذكرةً باسماءٍ لامعةٍ في الفشلِ والانهزامِ كأمثالِ ايهود اولمرت وعمير بيريتس ودان حالوتس.
ذهبَ هؤلاء وبقيَ لبنانُ الوطن، ومضت المقاومةُ الى الاعمار، والتجهيزِ والاستعداد، وقطفِ الانتصارات، عندَ الحدودِ وفي الجرود، وفي كلِّ جبهةٍ ومحور، وصولاً الى مواجهةِ الحصارِ الاميركي الخبيثِ وادواتِه الرخيصة، وفرضِ المعادلاتِ البحريةِ القاهرةِ للخياراتِ الصهيونيةِ والرافعةِ للموقفِ اللبناني في ملفِ الترسيمِ والحدود.
في هذه المناسبةِ يزدادُ اللبنانيونَ والاوفياءُ ايماناً بمقاومتِهم وبقدراتِها على مواجهةِ الصعوباتِ ودفعِ التهديدات، خصوصاً بعدما انتهى لبنانُ القديمُ واصبحنا أمامَ وقائعَ جديدةٍ تفرضُ مزيداً من الشراكةِ والحوارِ لبناءِ القدرات، كما اكدَ رئيسُ المجلسِ التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين.
في فلسطين، كانَ فجرُ اليومِ مضيئاً ببطولةِ مقاومٍ فلسطينيٍ اختارَ الزمانَ والمكانَ المناسبينِ لاخبارِ العدوِ انَ جريمتَه ضدَّ غزةَ لن تمرَّ مرورَ الكرام، واضعاً اجراءاتِ الاحتلالِ في زاويةٍ ضيقةٍ وفارضاً عليه مستوياتٍ عاليةً من القلقِ والخوفِ والرعب. وبلسانِ اوساطِ الاحتلال، فانَ اُسلوبَ العمليةِ والطريقةَ التي نُفذت بها يَزيدانِ الخشيةَ من حصولِ عملياتٍ مشابهةٍ في مناطقَ اخرى من الاراضي المحتلة.
خمسة عشر يوماً تقريباً، وتبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد.
وفي هذا الإطار، وإذا وضعنا جانباً الظروف الإقليمية والدولية المؤثرة في الوضع اللبناني، يمكن تسجل ثلاث مفارقات على المستوى المحلي:
المفارقة الأولى، تصرف معظم المعنيين بالاستحقاق الرئاسي وكأن الشغور على مستوى رئاسة الدولة مع نهاية كل ولاية رئاسية بات الأمر الطبيعي، أما التزام المهل فهو الاستثناء. ولعلَّ المثل الفاقع الذي يصبُّ في هذا السياق اليوم، هو موقف رئيس الحكومة المكلف، غير الآبه على ما يبدو لتشكيل حكومة جديدة، معوِّلاً ربما على عدم انتخاب رئيس، حتى يصبح حاكماً بأمره على رأس الحكومة التي يتوقع أن تتسلم صلاحيات الموقع الأول.
أما المفارقة الثانية التي يمكن تسجيلها اليوم، فهي غياب أي مرشح جدي معلن لرئاسة الجمهورية. فباستثناء بعض الأسماء المتداولة همساً أو في الإعلام، لا أحد يجاهر بترشيحه. أما عدم طرح برنامج محدد، بالخطوط العريضة على الأقل، فبمثابة “تحصيل حاصل”، في ظل الشخصنة المعتادة من قبل البعض على الساحة الداخلية في مقاربة كل الاستحقاقات.
تبقى المفارقة الثالثة، وهي تجاهل معظم الأفرقاء الداخليين عمداً أي إشارة إلى القوة التمثيلية المفترضة، مباشرة أو بشكل غير مباشر، لأي مرشح رئاسي. فهذا يريد مرشحاً بواجه حزب الله، وذاك يريد مرشحاً بخلفية اقتصادية ومالية، وبين الإثنين مواصفات تروح وتجيء، وكأن ما تم تحصيله في السنوات الأخيرة على مستوى الميثاق والتمثيل الصحيح لجميع المكونات، لا قيمة له، حتى بالنسبة إلى بعض الأفرقاء المسيحيين، المعنيين مباشرة بالموضوع.
فولا تشديد جبران باسيل أمس من الديمان على الموضوع، لشعر اللبنانيون أن البحث عن رئيس جديد، هو كمثل البحث عن موظف في شركة، يملكها الغير، أي أنها تخص أفراداً ومكونات مناطة بهم، من دون سواهم، صلاحية التوظيف، بغض النظر عن الأهلية الشعبية الضرورية، والكفاءة الشخصية والمهنية الإلزامية، والسيرة الذاتية الوطنية التي يفترض ألا يكون عليها أي غبار.
وفي انتظار اتضاح الصورة اكثر على المستوى الرئاسي، تبقى الأنظار معلقة على ملف الترسيم، الذي يمكن أن يشق الاتفاق عليه الطريق واسعاً أمام خروج لبنان من الأزمة الاقتصادية والمالية، ليوضع سكة التعافي والازدهار من جديد.
افتتح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي
“منصَّة المواصفات” لرئيس الجمهورية:
على المرشَّح إعلانُ مواقفِه ِالواضحةِ من القضايا المصيرية، من مثلْ:السبيلُ الذي يسلكُه لإجراء مصالحة ٍ وطنية على أسس ٍ وطنية؟ أولوياتُه الوطنية ُوالإصلاحية ُ للنهوض الإقتصادي والمالي؟ المسارُ الذي يتَّبعُه لضمانِ الكِيان اللبناني ومنعِ بَعثرَتِه؟ كيفيةُ العملِ لتطبيقِ اللامركزية الموسعة؟ موقفهُ من عقدِ مؤتمر ٍدولي خاص بلبنان وتحديدِ نقاطه، ومن بينها القراراتُ الدولية ذاتُ الصِلة بلبنان؟ كيفيةُ إعادةِ دور لبنان في محيطه العربي والإقليمي والعالم؟ الخطةُ لديه لحل قضيةِ اللاجئين الفلسطينيين، وإعادة ِ النازحين السوريين إلى بلادهم؟ اقتراحُه لتنظيم عودة اللبنانيين الذين اضطُروا إلى اللجوء إلى إسرائيل سنة 2000؟ في ضوءِ كلِّ ذلك نقول: لا يجوزُ في هذه المرحلة المصيرية، أن نسمعَ بأسماء مرشحين من هنا وهناك ولا نرى أيَّ تصورٍ لأيِّ مرشح. كفانا مفاجآت”.
“كفانا مفاجآت” تعني ان البطريركَ الراعي أطاح، بعظةٍ واحدة، مجموعةَ اسماءْ بدأت تُطرَح في أكثرَ من منتدى ولقاء، فاستردَّ المبادرة، سواءَ من الذين يَطرحون اسماءَ أو يضعونَ فيتواتٍ على أسماء.
في موازاة “منصَّةِ المواصفات”، تبدو منصاتٌ أخرى في حال تعثُّر، من الإصلاحات الإقتصادية التي يُطلِقُ في شأنها المفاوِضُ والمفوَّض سعادة الشامي ناقوسَ الخطر حيال التباطؤ او التلكؤ في بنود الإصلاح، إلى ملف الكهرباء الذي يضغط أكثر فأكثر ، إلى ملف التربية الذي دخلَ في سباق مع الوقت مع اقتراب فتحِ المدارس والجامعات.
عالميًا، سلمان رشدي يتماثلُ للشفاء وَفقَ ما أعلن وكيلُه في بيان أرسِلَ إلى صحيفة واشنطن بوست، مشيرا إلى أن “جروحَه خطيرة لكنَّ حالتَهُ تتطورُ في الاتجاه السليم”.
عالميًا أيضًا، ولكنْ في الاقتصاد، أعلنت شركة “أرامكو” السعودية أنها حققت أرباحاً قياسية قدرُها 48,4 مليار دولار في الربع الثاني من 2022، بزيادة بنسبة 90,2 بالمئة مقارنة ًبالفترة ذاتها من العام الماضي بفضلِ ارتفاع أسعارِ النفط على خلفية الحرب في أوكرانيا.
هذا الرقم الهائل يجعلُها في موقع المسيطِر ِعلى سوق النفط عالميًا.
أما البداية فمن الداخل، من عيدٍ له رمزيتُه الدينية ُ والوطنية، عيدِ السيدة العذراء.
قداس في كنيسة “أبو سيفين” تحول إلى محرقة مدينة الجيزة. أول الفرضيات خلل كهربائي في أحد أجهزة التكييف أدى إلى حريق أودى بحياة أكثر من أربعين شخصا بينهم أطفال قضى معظمهم اختناقا واخر الفرضيات استبعاد العمل الإرهابي ونجاة مصر من أتون نيرانه فيما بقي احتمال أن يكون الحريق مفتعلا، وهو ما ستبينه التحقيقات الجنائية وما جرى شبه لنا أنه في لبنان بحوادث تكررت مع تخزين المواد الحارقة بين البيوت.. مع فرق أن اللبنانيين استحصلوا على إقامة دائمة في جمهورية جهنم فلا كنيسة قريبة تشفيهم.. ولا التضرع لأعجوبة ينتشلهم من قعر الجحيم في دولة محكومة من ائتلاف المجرمين والفاسدين وسارقي فلس المودع فتبت يدا أبي لهب.. والسلطة حمالة الحطب. في الدولة القابضة على أرواح مواطنيها رفعت الصلوات والعظات على نية تأليف حكومة صارت في خبر كان.. بعدما تقدم المبتدأ الرئاسي كل استحقاق ومن قداس أحد الحياد قال البطريرك الراعي إن الشعب يحتاج رئيسا يسحب لبنان من الصراعات ولا يجوز في هذه المرحلة أن نسمع بأسماء مرشحة ولا نرى تصورا لمرشح قدم الراعي برنامج الرئيس على ما عداه.. وتولى المطران الياس عودة تحديد المواصفات بأن يكون متخليا عن ذاته وأنانيته صاحب هيبة يعيد إلى الدولة هيبتها وسيادتها واستقرارها وأن يحسن اختيار وقيادة فريق عمله.. رئيس يحترم الدستور والقوانين متحرر من أثقال المصالح والارتباطات.
وبهذه المواصفات غير المطابقة للعهد القوي أسقطت من يد العهد اخر أوراقه بسقوط إسم رئيس التيار جبران باسيل من لوائح الشطب الرئاسية وقد قدم بالأمس أوراق الاعتماد من الديمان ووقف أمام المراة محددا مواصفات الرئيس القوي بكتلة نيابية ووزارية تدعم الرئيس وتقوي صلاحياته وكاد يقول الحرف الأول من اسمه “جبران باسيل” لكن الرئيس إن أتى من كتلة نيابية وازنة أم منفردا.. أكان قويا أو مقطوع الحيل فصلاحياته محفوظة وهو يملك الحق الدستوري في التوقيع من عدمه.. وجوارير بعبدا على رؤوس الأشهاد ومطلق من تولى سدة الرئاسة الأولى.. فإنه سيجلس على كرسي بتركة ثقيلة من أزمات أودت بالبلد إلى الانهيار وسيواجه من طبقة سياسية فاسدة لن تغير جلدتها بالمحاصصة المذهبية والطائفية، وبالإمساك بمفاصل البلاد ومرافقها وبالتكافل ستستمر في سرقة ما تبقى من أصول الدولة وودائع الناس حتى القرش الأخير وأمام هذه الصورة القاتمة لسلطة القتل والنهب.. فإن المجتمع الدولي ببنوكه وصناديقه يبدو أنه “شمع الخيط وهرب” إلى معالجة أزمات بدأت بالحرب الروسية الأوكرانية ولن تنتهي في المضيق بين تايوان والصين معطوفة على تعدد الأقطاب والحرب الاقتصادية الباردة بين ثلاثي الكوكب: أميركا وروسيا والصين وما بين الثلاثي فإن وحدة أوروبا تتفكك.. وبعد صيف حار ينتظرها شتاء قارس والقارة العجوز أصبحت بلا طاقة.