لم يوقع رئيس الجمهورية مرسوم رفع الرسوم الجمركية، بحيث ترتفع من السعر الرسمي للدولار الأميركي على أساس 1500 ليرة لبنانية، إلى السعر الذي تعتمده منصّة صيرفة، وهو اليوم 26.100 ليرة لبناني، أي 17 ضعفاً ونصف تقريباً (17.4) عن السعر الحالي المعتمد، بعدما وقع المرسوم كل من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف خليل، على الرغم من التداعيات الخطيرة التي سيتركها رفع الدولار الجمركي بهذه النسبة دفعة واحدة على كل المستويات، الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية، من دون الأخذ بالتحذيرات العديدة التي صدرت عن مختلف الشرائح والقطاعات.
ومع امتناع الرئيس عون عن توقيع المرسوم، فإنه يكون قد عطّل “لغماً” كبيراً كان سينفجر في البلد بوجه رئيس الجمهورية في الأسابيع الأخيرة من عهده، فضلاً عن أنه أوقف المسار الذي اتبعه ميقاتي منذ تشكيل حكومته المستقيلة، والذي تم بموجبه رفع الدعم عن معظم المواد الغذائية والأدوية والسلع الاستهلاكية، وهو ما زاد في الأعباء على المواطنين ورفع من نسبة التضخّم بشكل كبير، إضافة إلى كونه قدّم كل ما يطلبه صندوق النقد الدولي “مجاناً”، ومن دون الحصول منه على اتفاق يفتح الطريق أمام وقف الانهيار المتدحرج بسرعة، بينما ما تزال “خطة التعافي” غامضة ويعتمد فيها ميقاتي “السرية” خوفاً من كشف مضمونها الذي أوحى مراراً أن ركيزتها تقوم على “هيركات” على الودائع.
وقد جاء قرار رئيس الجمهورية بعدم توقيع مرسوم رفع الدولار الجمركي، بمثابة “فرملة” للمسار الذي يسلكه ميقاتي في تحميل المواطنين كل أعباء الانهيار الذي أصاب البلد، بعد أن رفع الدعم عن البنزين والمازوت وعن الأدوية والحليب والمواد الغذائية، وجزئياً عن الخبز.
وقد برّرت أوساط الرئيس عون قراره بعدم التوقيع بأنّه “لا يجوز رفع الرسم فوراً بهذه النسبة العالية، في ظلّ عدم وضوح نتائجه الإيجابيّة على الخزينة من جهة، والتثبّت من نتائجه الكارثيّة على عائلاتٍ كثيرة ستُحرم من مواد كثيرة سيشملها المرسوم، ما سيزيد من الفوارق الاجتماعيّة بين اللبنانيّين. وهو يفضّل أن ترتفع الرسوم تدريجيّاً، وحينها يمكن رصد نتائجها تباعاً”.
ولا يُعتبر المرسوم نافذاً من دون توقيع الرئيس، كما أن عدم توقيعه لا يُجبر رئيس الجمهورية على رده لأنه مرسوم عادي وليس مرسوماً صادراً عن مجلس الوزراء يفرض على الرئيس مهلة معينة للرد. ولذلك فإن مرسوم رفع الدولار الجمركي قد تم تجميده، ولو مؤقتاً.