/ هبة علّام /
للمرة الثانية يُطرح اقتراح تعليق المادة 2 من القانون 515/على 1992 على جدول أعمال الجلسة التشرعية لمجلس النواب، تحت البند رقم 9، وهو قانون تنظيم الموازنة المدرسية ووضع أصول تحديد الأقساط في المدارس الخاصة غير المجانية، ويسقط، على الرغم من أن اللجان المشتركة أقرّته بعد إدخال بعض التعديلات عليه.
في الأصل، المادة 2 تشير إلى كيفية احتساب الأقساط المدرسية بالليرة اللبنانية، وبالتالي تعلقيها يعني أنه لا يعود هناك شكل معين و”مقونن” لاحتساب أو تحديد الأقساط المدرسية، والهدف هو زيادة تلك الأقساط أو التبرير للمدارس هذه الزيادة. وهذا الاقتراح كانت قد تقدّمت به النائبة السابقة بهية الحريري العام 2021 حين كانت رئيسة لجنة التربية النيابية.
الأكيد، أن تجميد هذه المادة من شأنه أن يرفع الأقساط المدرسية بطريقة غير مسبوقة، وبالدولار، ومن دون أي سقف محدّد، لكن الاقتراح سقط وبقيت المادة الثانية سارية المفعول، مع تعليق تأكيدي لرئيس المجلس نبيه بري حين قال عن هذا الاقتراح خلال الجلسة “إذا مرّ الاقتراح بيصير القسط بالدولار وبتعملنا مشكلة طويلة عريضة”.
عملياً ماذا يحدث على أرض الواقع؟
المدارس لم تنتظر أصلاً أي اقتراح، وهي لم تخضع لسلطة القانون، فقد عمدت معظم المدارس الخاصّة إلى فرض نسبة من القسط المدرسيّ للعام المقبل بالفريش دولار، ضاربة عرض الحائط أي إجراءات أو قرارات قد تتّخذها السلطات.
ومع فشل تجميد المادة الثانية من القانون 515، فإنّ ما تقوم به المدارس الخاصة اليوم مخالف للقانون، هذا ما أكّده الخبير الدستوري الدكتور جهاد اسماعيل في حديثه لموقع “الجريدة”.
ويشير اسماعيل إلى أنه “لا يحق للمدارس فرض أي قسط بالدولار على الأهالي، مهما كانت الذرائع، طالما أن المادة 2 من القانون 515 لا تزال مفعّلة، وطالما أن قانون النقد والتسليف يقول أن العملة الأساسية هي العملة اللبنانية الوطنيّة لا العملة الأجنبيّة.”
إذاً، نحن أمام مخالفة واضحة وصريحة للقوانين تمارسها المدارس الخاصة وتضغط على الأهالي، لاسيما وأن عملية النقل إلى القطاع الرسمي ستكون شبه مستحيلة في ظل قرارات الإضراب المفتوح. فمن يحاسب هذه المدارس التي تطلب “فريش” دولار، فيما الأهالي معظهم يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية؟
يقول الدكتور اسماعيل إنّه “بالمبدأ هناك مجالس عمل تحكيمية هي عبارة عن مجالس تربويّة، لكنّها معطّلة للأسف، وكأنها ليست موجودة، هناك فقط في جبل لبنان حيث عُيّن فيها أعضاء آخر مرة العام 1996، أمّا باقي المجالس فكأنها غير موجودة”.
ويشير إلى أنه “يمكن اللّجوء إلى مكان آخر لمحاسبة هذه المدارس التي تخالف القانون، من خلال تقديم شكاوى لدى مديرية التعليم الخاص في وزارة التربية، والتي تكون ملزمة أمام هذه الشكاوى، برفع توصية لوزير التربية الذي يتّخذ بدوره الإجراء المناسب بحق المدرسة المخالفة.”
لكن على أرض الواقع، قد لا نرى أي تحرّك لمواجهة الارتفاع المخيف في الأقساط المدرسية، بسبب انعدام الثقافة القانونية لدى معظم المواطنين، ما يبرّر عدم تحرّكهم بهذا الاتجاه، أو لأنهم مجبرون على الرضوخ لقرارات تلك المدارس حتى لا يحرموا أولادهم التعليم، فيما المدارس الرسمية متّجهة إلى “اللاعام دراسي”.
بالمقابل، مطالبة المدارس بالفريش دولار باتت معلومة ولم تعد خافية على أحد، وبالتالي على وزارة التربية، وبعد سقوط اقتراح تجميد المادة 2، أن تتحرّك من تلقاء نفسها وأن لا تنتظر شكاوى المواطنين، لاسيما أن المخالفة القانونية واضحة ولا لبس فيها، لعلّها تخفّف عن كاهل الأهالي أعباء العام الدراسي المقبل.