/ غاصب المختار /
وضع الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، في حديثه “لقناة الميادين”، حدّاً فاصلاً ضخماً لكل التسريبات عن موقف الحزب من ترشيح فلان أو فلان لرئاسة الجمهورية، بعدما كثرت التسريبات المغلوطة التي تتناول موقف الحزب، تارة بالقول أنه يدعم ترشيح رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وطوراً انه يدعم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ومرة أنه يرفض ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون…
الحقيقة التي أكدها نصر الله، أن الحزب لم يناقش بعد موضوع الاستحقاق الرئاسي، لكن بالطبع سيتشاور بشأنه عندما يحين الوقت مع الحلفاء وأولهم الرئيس نبيه بري، لتوحيد الموقف حول مرشح واحد إن أمكن، أو التفاهم “حبّياً” على الافتراق المؤقت واختيار كل طرف المرشح الذي يراه مناسباً، لكن في كل الحالات لن يكون هناك خلاف بين “حزب الله” وحركة “أمل”، مع ترجيح عدم الاختلاف على المرشح.
وعلى خطٍ موازٍ، يبدو أن مقولة “الرئيس القوي” في طائفته أو تياره السياسي أو كتلته النيابية، قد سقطت لمصلحة الرئيس التوافقي أو رئيس التسوية، ذلك ان تجربة فرض “الرئيس القوي” أظهرت انه في ظل الانقسام الحاد والاصطفافات الطائفية والسياسية، والخلافات المتعلقة بمصالح وطروحات هذا الطرف أو ذاك، أظهرت ان انتخاب رئيس قوي في طائفته وبكتلته النيابية سيُبقي العهد ـ أيّاً كان الرئيس ـ أسير الشروط والشروط المضادة والمطالب والمطالب المضادة، وبالتالي التعطيل، لا سيما مع انعدام وجود صلاحية فعلية لرئيس الجمهورية في فرض ما يريده، إلّا في حالات قليلة وهي تتخذ الطابع التعطيلي، أي السلبي، لا الإيجابي الذي يُسهّل تسيير أمور الدولة ومؤسساتها.
لكن المشكلة في رئيس التسوية أنه سيكون أيضاً عرضة للابتزاز والشروط والطلبات وتمرير الصفقات والمصالح، وإلّا تعرّض للضغوط والتعطيل واستحضار الخلافات على كل كبيرة وصغيرة، لا سيما أن رئيس التسوية بين كل القوى السياسية يعني تشكيل حكومة تسوية من الأطراف ذاتها، والتجارب البعيدة والقريبة حاضرة في الذاكرة.
على هذا، لن يبدأ الكلام الفعلي عن الرئيس العتيد، العلني وفي الأروقة السياسية، إلّا اعتباراً من منتصف شهر آب المقبل، لتكون قد تبلورت صورة المرشحين الفعليين لا مرشحي التسريبات الهادفة إلى حرق أوراقهم مسبقاً. ولتكون قد تبلورت صورة الوضع الإقليمي والموقف العربي بشكل خاص من الاستحقاق الرئاسي، بعد الكلام عن دخول مصري وسعودي على خط هذا الاستحقاق، مع العلم أن السفير المصري في بيروت أعلن، في احتفال السفارة لمناسبة ذكرى ثورة 23 تموز، أن مصر عادت الى لعب دورها العربي الفعال والسعي الى معالجة المشكلات العربية.
ولعل اختيار شخصية تمزج بين الرئيس القوي ورئيس التسوية، سيكون الغالب، وهنا تكمن صعوبة الاختيار. فمن هو الشخص الذي يتمتع بهذين المعيارين؟! لعلها عجيبة من عجاب لبنان السياسية إذا حصلت!