/ مرسال الترس /
شهران ونيّف مضيا على إعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية، والتي أفضت عن 13 نائباً أصروا على تحميل أنفسهم لقب “التغييريين”، من دون أية تسميات أخرى، من منطلق أنهم، ووفق قناعات راسخة، سيستطيعون أن “يشيلوا زير” النظام في لبنان من “بير” الفساد والمحاصصة وكل ما يمت اليها من موبقات بصلة، وإذ بهم يغرقون من أول وصولهم بكمٍّ من التناقضات لا توحي مطلقاً أنهم سيبقوا متكاتفين متضامنين “على فرد قلب ورب” كما يقول المثل اللبناني.
أولى خطوات هؤلاء النواب التي اعتبرها خصومهم ناقصة، جاءت من نائب طرابلس عن المقعد العلوي فراس السلوم الذي رُفع على الأكف في المنطقة التي يُفترض أنه يمثلها (جبل محسن)، وسط هتافات تُحيي النظام في سوريا والرئيس بشار الأسد الذي توقّع وتمنى أفرقاء لبنانيون سقوطه سريعاً منذ عشر سنوات.
وثانية الخطوات جاءت من النائب “التغييري” (طبيب العيون الشهير) الياس جرادي عن المقعد الأرثوذكسي في دائرة الجنوب الثالثة، والذي لم يستسغ الحملة التي شُنَّت عليه من قبل بعض زملائه وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية مشاركته في مؤتمر “الجمعية السورية لأطباء العين”، في العاصمة دمشق. ورد على الحملة ضده بالقول “إن العمل الطبي، في كل دول العالم، منفصل تمامًا عن السياسة، ولا يجوز المزج بين هذا وذاك، وأن نحمّل العمل الطبي أي مواقف أو مسؤوليات سياسية، فهو موقف إنساني أكاديمي بحت”.
لا بل كان واضحاً وفق العديد من المصادر “أن جرادي يتقصّد استفزاز زملائه، من خلال المجاهرة بمواقفه السياسية المخالفة لهم”.
وأكثر من ذلك، فقد تحدثت مصادر مطلعة عن خلافات داخلية بين جرادي وعدد من “النواب التغييريين” وأدّت إلى “اشتباكات كلامية مستمرة في مختلف القضايا المطروحة، الامر الذي قد يدفعه إلى التحرر من التزاماته السابقة”.
وكان جرادي قد قال في حديث تلفزيوني عن المسيّرات التي أطلقها “حزب الله”: “لست مع المسيّرات فقط، بل أنا مع المسيّرات والمسِيرات للضغط على الدولة من أجل اتخاذ موقف واضح، لنعرف على ماذا نفاوض”!
أما أحدث الصور التذكارية لمجموعة من التغييريين كانت في مبنى مجلس النواب في ساحة النجمة، يتوسطهم النائب ملحم خلف، نقيب المحامين السابق الذي صُبغ بقربه من أحد أركان النظام الرئيس نبيه بري، وأوحوا من خلال بيان لهم انهم سيتكلمون بصوت واحد في الانتخابات الرئاسية المقبلة. الأمر الذي استخفّ به كثيرون في سرهم لأنهم يدركون أن مضمون بيانات النهار قد يؤثر عليها، وربما تنسف مضمونها الساعات الحرجة التي تسبق بدء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقبل. ولعل النموذج الذي حصل في انتخابات رئيس ونائب رئيس مجلس النواب مؤشر بالغ الفعالية لما قد يحصل لاحقاً في تأمين النصاب واختيار الرئيس الخلف للعماد ميشال عون، حيث بات واضحاً أن هناك رهانات جدية من قبل أكثر من مجموعة مؤثرة في الحياة السياسية اللبنانية، قائمة على قاعدة تذبذب النواب “التغييريين”.
وبين هذه وتلك من التوقعات المتعلقة بالنواب الذين “سيُتكَّل” عليهم مستقبلاً، تغريدة من النائب السابق مصباح الأحدب كتب فيها: ” الجامعة اللبنانية مهددة بالإقفال، ومستقبل أكثر من 80 ألف من طلابها في خطر، بعد أن تخلّت الحكومة عنهم وتركتهم لمصيرهم. نطالب النواب التغيريين بإطلاق حملة دعم للجامعة، وإيجاد حل يحفظ مستقبل شباب لبنان”.
فهل سيتحول سقف النواب “التغييريين” الى اجتماعي ـ تربوي ـ حياتي بدل أن يكون سياسي مصيري يرسم شكل النظام المستقبلي في لبنان؟