الإجازة السياسية ما تزال قائمة، ومفاعيُلها تَضرِب على نحوٍ خاص ملفَّ التأليف الحكومي، الذي أصيب بالشلل حتى قبل عطلة عيد الأضحى.
أبرزُ تجليات هذا الشلل، يُعثَر عليه في شبه القطيعة القائمة بين طرفي التأليف الرئيسييْن..
فهل تستمر هذه الحال أم تحصل محاولات لكسر القطيعة وتأمين ظروف انعقاد اجتماع ثالث بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي؟.
في ذكرى عدوان تموز 2006، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري بإسم لبنان الذي إنتصر فيه مثلث الجيش والشعب والمقاومة، أكد على الدفاع عن الموارد اللبنانية البحرية كما البرية تماماً بل أكثر مما دافع فيه لبنان عن بره، داعياً للإقلاع عن أي محاوله لإسقاط الوطن من داخله بضربات التعطيل وإغراق مؤسساته في الفراغ والكف عن الإمعان في العبث السياسي والدستوري والتضحية بالوطن على مذبح الاحقاد الشخصية والأنانية.
ربطاً بالملفيْن، فإن الترسيم الحكومي الغائب، يوازيه حضورٌ لملف الترسيم الحدودي، من باب الزيارة التي ستقود الوسيط الأميركي آموس هوكستين إلى تل أبيب ضمن الوفد الذي سيرافق الرئيس جو بايدن إليها غدًا.
وقبل ساعات من وصول هوكستين، حرصت وسائل الإعلام العبرية على بث أجواء تفاؤلية عن تحقيق تقدم في مفاوضات الترسيم، مشيرة من جهة أخرى إلى رسالة إسرائيلية وُجهت إلى مجلس الأمن، تتضمنُ تحذيرًا من تداعيات اطلاق المسيّرات من جانب حزب الله.
على أي حال، ينشغل العالم إعتبارًا من الأربعاء بجولة بايدن الشرق أوسطية، التي يستهلها في كيان العدو، ثم ينتقل مباشرة إلى السعودية يوم الجمعة.
في تل أبيب يركز بايدن على أمن إسرائيل وإدماجها في محيطها الشرق أوسطي، وفي جدة يسعى إلى حلٍ للضائقة النفطية الناجمة عن سياسية العقوبات المفروضة على روسيا.
أما إيران التي ستكون حاضرة في جولة بايدن، فإنها تستعد لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء المقبل، بحسب مسوؤلين إيرانيين، وهي زيارة على جانب كبير من الأهمية في الظروف الدولية والاقليمية الحالية.
الرئيس الروسي لن يكون وحدَه في طهران يوم الثلاثاء، إذ يزورها أيضًا نظيره التركي رجب طيب أردوغان ويعقدان مع نظيرهما الإيراني إبراهيم رئيسي قمة ثلاثية.
يا ناطرين، شو ناطرين؟
أغنية شهيرة كان يرددها الناشطون الحقيقيون في سبيل الحرية والسيادة والاستقلال بين عامي 1990 و2005، لحث الناس على التحرك في مواجهة الاحتلال والوصاية، قبل أن تتحول اليوم لسان حال كل مواطن لبناني لا يستطيع أن يفهم ما الذي ينتظره النواب الذين انتخبهم قبل حوالى الشهرين كي يباشروا في عملية انقاذ البلاد كما تعهدوا في الوعود الانتخابية الكثيرة.
يا ناطرين، شو ناطرين، كي تبدأوا البحث في الاستراتيجية الدفاعية على الأقل مثلاً، بعدما طبَّلتم وزمَّرتم لسحب سلاح حزب الله قبل الانتخابات، ليسود صمتكم المطبق في اليوم التالي لفوزكم بالمقاعد.
يا ناطرين، شو ناطرين، حتى تقروا خطة التعافي المالي بصيغتها النهائية، مع القوانين الضرورية المرتبطة بها، أي موازنة 2022 والكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف والسرية المصرفية. وكلُّ هذا العمل المطلوب دولياً، ممكن في ساحة النجمة، بلا حاجة إلى حكومة أصيلة، هذا إذا افترضنا انطلاقاً من الواقع أن التشكيل قد يطول أو يطير.
يا ناطرين، شو ناطرين، حتى تبلوروا تصورات محددة للاستحقاقات المقبلة، وأولها الانتخابات الرئاسية. فلماذا يمتنع الراغبون مثلاً عن إعلان ترشحهم وبرامجهم منذ الآن؟ ولماذا تمتنع الكتل، ومعها النواب المنفردون، عن تأييد هذا أو ذاك من المرشحين وفقاً لما يطرح من تصورات للخلاص؟ لماذا الخجل؟ وماذا ومن ينتظر كل هؤلاء؟ وهل من الطبيعي أن يجيب معظم النواب لدى سؤالهم عن الرئاسة، بأنهم لا يدركون إن كان الاستحقاق سيتم في موعده ام لا؟
يا ناطرين، شو ناطرين، حتى تطلقوا البحث الجدي، “عالبارد” ولو لمرة، في الثغرات الدستورية المعروفة، التي تتطلب معالجتها إما تفسيرات أو تعديلات موضعية، وحتى تنطلقوا في استكمال تطبيق اتفاق الطائف ولو بعد اثنين وثلاثين عاماً، بدءاً بإقرار قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، وبلا عقد مفتعلة أو حجج لا تقنع حتى مفبركيها؟
يا ناطرين، شو ناطرين؟ تمرُّ الأيام وتمضي السنون، والأزمة باقية وتتمدد، وأنتم على ما يبدو “ناطرين” أمراً واحداً فقط لا غير: تطبيع المجتمع مع الأزمة ومقتضياتها، ومع الاستنسابية التي تطبع القرارات والتصرفات، والتي منها نبدأ نشرة الاخبار.
بدو أن البلد يتجِّه إلى إشكالية دستورية لا تٌحمَد عقباها: هناك مَن يسوِّق أن حكومة تصريف الأعمال لا يمكن أن تتولى السلطة التنفيذية في حال شغور موقع الرئاسة منتصف ليل 31 تشرين الأول المقبل.
في المقابل هناك مَن يسوِّق أن حكومة تصريف الأعمال تستطيع ان تتولى السلطة التنفيذية.
مَن يبت بين النظريتين؟ وفي حال وصل البلد إلى هذا الواقع، هل يدخل البلد في فراغ؟ هل المخرج في تشكيل حكومة قبل 31 تشرين الأول؟ أم في انتخاب رئيس للجمهورية قبل 31 تشرين الأول؟ وفي حال لم يتحقق الأمران، ماذا ستكون عليه طبيعة الفراغ الذي سيقوم؟
ستكون سابقة لا سابقة لها، وسيكون الانهيار الدستوري الذي يلتحق بالأنهيارات المالية والصحية والتربوية؟ هل البلد أمام هذا السيناريو؟ المخاوف في محلها فكل شيء وارد في هذا البلد؟
إن سألوا الارضَ فقد لقَّنتهم الجواب، واِن فَرُّوا الى البحرِ غَرِقوا بجديدِ المعادلات..
فهذا الثاني عشرَ من تموزَ تاريخٌ لن يَقوى عليه جحودُ الايام، طُبِعَ بصدقِ الوعدِ وان تراكمَت الخيانات، وذُهِّبَ بجميلِ المعادلاتِ واِن اَنكرَها المصابون بعمًى سياسيٍّ ووطني، وبقي تموز يُردِّدُ أن معَ المقاومةِ ما زالت الانتصاراتُ في ديارِكم عامرة..
هناكَ في خلةِ وردة، جنوبٌ لبنانيٌ عامرٌ بالحياة، ومستوطنونَ خلفَ الجدرانِ يَحسِبونَ الفَ حساب، وقادةٌ صهاينةٌ كلما رَفعوا اصواتَهم تبجحاً أَخفتَتْها نصائحُ كبارِ ضباطِهم وخبرائهم الامنيين، فتجاربُ تموزَ معَ لبنانَ كفيلةٌ بردعِ كلِّ محاولاتِ المغامرةِ، وما يَزيدُ طينَهم بِلَّة، مُسيَّراتُ كاريش التي حَمَلت رسائلَ ما انفكَّ الصهاينةُ َيُحللونَ في مُحتواها السياسيِّ والامني والعسكري.
على انَ الحديثَ بالوقائعِ – لا التحليلاتِ، وفي آخرِ التطوراتِ، سيكونُ معَ سيدِ المقاومة الأمينِ العامِّ لحزبِ الله السيد حسن نصر الله عندَ الثامنةِ وخمسٍ وثلاثينَ دقيقةً من مساءِ غدٍ الاربعاء عبرَ شاشةِ المنار..
ومع احياء ذكرى ثلاثةٍ وثلاثينَ يوماً من الصمودِ والجهاد، وباسمِ لبنانَ الذي انتصرَ فيه مثلثُ الجيشِ والشعبِ المقاومة، أكدَ رئيسُ مجلسِ النواب نبيه بري أننا سندافعُ عن مواردِنا البحريةِ والبريةِ تماماً – بل أكثرَ مما دافعنا فيه عن برِّنا. داعياً للإقلاعِ عن التضحيةِ بالوطنِ على مذبحِ الاحقادِ الشخصيةِ والأنانية..
وفيما الوطنُ المنتصرُ في ميدانِ الحروبِ على الاعداءِ يعيشُ جولةً من الحربِ الاقتصاديةِ الطاحنةِ عليهِ بقيادةٍ اميركيةٍ وادواتِها المتعددة، يكابدُ ابناؤهُ من اجلِ البقاء، ويُقدِّمُ بعضُ مسؤوليهِ نماذجَ حيةً من الاداءِ الوطنيِّ بعيداً عن المزايداتِ السياسية. ففي مزادٍ يَفتتحُهُ وزيرُ الاشغالِ علي حمية للسوقِ الحرةِ في مطارِ بيروت، ايراداتٌ تفوقُ الالفَ والمئتي مليارِ ليرةٍ كلَّ عام، تُسهمُ وحدَها بسدِّ ما يزيدُ عن العشرةِ بالمئةِ من عجزِ الموازنة، فكيفَ لو مشت الدولةُ في عشراتِ القطاعاتِ المماثلة؟
دولياً وفي مثالٍ حيٍّ عن السيرِ خلفَ الاميركي، اوروبا تغرقُ في مستنقعِ العقوباتِ على روسيا، واقتصادُها عالقٌ في انابيبِ النفطِ والغازِ الروسية، واليورو في اسوأِ حال، ولن يَنفعَ هؤلاءِ العنادُ السياسي على الاراضي الاوكرانية، ولا اجتماعات النيتو، ولا كلُّ المحاولاتِ الاميركيةِ بتعويضِ مصادرِ الطاقةِ الروسية. فالى متى المكابرة؟