/سارة طهماز/
عند الساعة الخامسة من عصر اليوم، دخل لبنان العتمة التامة، بعد الضوء الجزئي البسيط الذي كان يعيش فيه، حيث أعلن رئيس معمل الزهراني أحمد عباس، توقف المعمل بشكل تام عن إنتاج الكهرباء.
القرار إتخذته الشركة المشغلة لمعمل دير عمار إلى جانب الزهراني، بسبب عدم تقاضيها مستحقاتها بالعملة الصعبة، وفق قرار سابق لمجلس الوزراء بهذا الشأن. قرار كان وقعه ثقيلا على لبنان، على مقربة من عيد الأضحى، بعد أن وُعد اللبنانيون بأن “يعيّدوا على نور”، مع وعد من وزارة الطاقة بتحسّن الوضع، لم يتغير الوعد ولا الواقع على مرّ الأعوام الثلاثين الماضية.
وفي هذا الإطار أكّد وزير الطاقة المحسوب على التيار الوطني الحر، في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض، انه ارسل رسالة نصية الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتحدث مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، واجرى اتصالا هاتفيا بوزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، لتجنب إيقاف المعمل ولدفع مصرف لبنان مستحقات الشركة المشغلِة.
وفي هذا الصدد تجاوب المصرف المركزي وقام بتحويل الأموال المستحقة الى الشركة المشغلة.
وكانت بعض المرافق العامة مثل مطار بيروت الدولي قد توقفت عن العمل، وأعيد تشغيله عبر المعامل الكهرومائية التابعة لمصلحة الليطاني المستخدمة كخط رديف للكهرباء الحرارية من معامل الزهراني، وبطبيعة الحال سيؤثر هذا الإنقطاع على الموسم السياحي، الذي يتكىء بأكمله على الكهرباء كركيزة أساسية لإستمراره، بالرغم من إنصباب الإعتماد الأكبر على المولدات.
ما زال لبنان يعاني منذ اكثر من ثلاثة عقود من مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء، رغم الهدر الكبير جداً في هذا القطاع من خزينة الدولة، وما تسببه من تفاقم للأزمة الإقتصادية.
الأموال الطائلة التي أُنفقت على هذا القطاع لم نستحصل منها حتّى على معامل منتجة، علما ان وزارة الطاقة وخلال الاعوام الماضية، هي رهينة لدى وزراء التيار الوطني الحر، فهل تكون العتمة اليوم بسبب التناحر السياسي المتعلق بتشكيل حكومة جديدة، بهدف إبقاء الوزارة بيد التيار؟
أم أنَّ السبب يعود إلى تعطيل من هنا وهناك لإظهار العهد والتيار معاً، كما لو أنهما فشلا في إدارة أمور البلد وإخراج لبنان من عتمته، بل وجرّه إلى الإنطفاء الشامل، خاصة بعد طرح فياض الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء في لبنان. وما هي الخطوات الواجب إتخاذها في مثل هذه الأزمات التي تسقط على إثرها حكومات في دول أخرى؟
على صعيد الوزارة حصراً، حبذا لو تم تشكيل هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء تعيد الأمور إلى نصابها، مع رقابة صارمة واشراف على تنفيذ خطة الكهرباء والاصلاحات المطلوبة.
على مدى سنوات طويلة، واجه اللبنانيون أزمة الكهرباء. باتت هذه المشكلة جزءًا لا يتجزأ من يوميات المواطنين، الذين باتت مختلف مشاريعهم مرهونة بتوقيت مجيء وانقطاع التيار الكهربائي. اليوم، تستفحل هذه الأزمة وبشكل غير مسبوق، ولعلّ أكثر ما يُثير غضب غالبية الشعب هو التعاطي الرسمي اللامسؤول مع ملف حيوي على هذا المستوى من الأهمية. فالخطط للحل تتكدّس دون أن تُنفّذ، وكأنّ أزمة الكهرباء قدر اللبنانيين. وحتى اليوم، ثمّة العديد من العروض المفيدة لحل هذه الأزمة ولكنها لم تلق آذانًا صاغية.














