كتبت “الاخبار” صباح اليوم تقول: “لم يمرّ أسبوع على إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة موقفاً رافضاً لزيادة سعر صرف «الدولار المصرفي» بحجّة أن «السيولة الإضافية التي ستنتج منه سترفع سعر الدولار بشكل مهم»، حتى تراجع عن كلامه وطرح على المجلس المركزي زيادته بنسبة 105% من 3900 ليرة إلى 8000 ليرة. أُقرّ الاقتراح بلا أي نقاش في أي سياسة نقدية استدعت ذلك. هي سياسة استنسابية رعناء يمارسها سلامة منذ سنتين ونصف سنة بشراكة مع قوى السلطة. فقد أشارت المعلومات إلى أن الرئيس نبيه برّي طلبها من سلامة، والأخير لبّى. ستترتّب على هذا القرار مفاعيل تضخميّة متواصلة تضاف إلى تداعيات رفع الدعم، وجميعها يؤدي إلى ارتفاع متدرّج وثابت لسعر الدولار”.
«لو نعلم أنّه يُمكننا أن نرفع سعر الدولار المصرفي من 3900 إلى 8000 ليرة من دون التأثير على سعر الصرف، لماذا نتأخّر بإصدار القرار؟ دراساتنا أظهرت أنّ رفع الدولار المصرفي سيخلق سيولة إضافية ترفع سعر الدولار بشكل مُهمّ في السوق». هذه العبارة وردت في مقابلة أجراها حاكم مصرف لبنان مع الإعلامية جويل بويونس على «يوتيوب»، في الأول من كانون الأول الجاري. ورغم حساسية ما قاله سلامة، إلا أنه طرح على المجلس المركزي الأربعاء الماضي رفع سعر «الدولار المصرفي» إلى 8000 ليرة. قام بذلك، ومعه أعضاء المجلس المركزي، رغم إدراكهم لخطورة القرار على سعر الدولار وتآكل القدرة الشرائية لليرة.
وبناءً على قرار المجلس المركزي، أصدر سلامة، أمس، تعديلاً على التعميم 151 الذي كان يقضي بتسديد الودائع بالعملات الأجنبية المُحتجزة في المصارف (الدولار المصرفي) وفق سعر صرف 3900 ليرة، ليصبح سعر الدولار المصرفي 8000 ليرة ضمن سقف 3000 دولار أميركي للحساب الواحد شهرياً. وبحسب أعضاء في المجلس المركزي، فإن القرار أخذ في الاعتبار أنه لن تكون هناك زيادة كبيرة في الكتلة النقدية المتداولة بالليرة اللبنانية، وسيتم خفض نسبة «الهيركات» على الودائع. لكن المجلس يغفل أن «الهيركات» وقع بنسب عالية على عدد كبير من المودعين، ولا سيما أصحاب الودائع الأصغر، وأن الكتلة النقدية ستزداد حكماً وستضاف مفاعيلها الى المفاعيل المستمرة لرفع الدعم. هي مفاعيل تضخمية متدرّجة وشبه ثابتة قد تؤدي إلى رفع سعر الدولار بثبات أيضاً على مدى الأشهر المقبلة.
ما الذي طرأ حتى اتّخذ سلامة هذا القرار؟ المعلومات تُفيد بأنّ القرار هو نتيجة عدة نقاط؛ ثمة معطيات يملكها سلامة عن أنّ الاتفاق على قرض مع صندوق النقد لا يزال بعيد المدى. كذلك، فإن لجنة المال والموازنة تستعدّ لإعادة المطالبة برفع سعر صرف السحوبات بالدولار المصرفي. لكن الأهم، أن طلب التعديل جاء من رئيس مجلس النواب نبيه برّي للتسويق الشعبوي. ففي هذا الإطار، نوقش اقتراح سلامة في المجلس المركزي من دون أن يحدّد تاريخ إصدار التعميم الذي يتضمن التعديلات الجديدة. لكن لم يكن مفاجئاً أن تصدر هذه التعديلات في هذا التوقيت السياسي، أو أن يتسرّب مضمونها إلى السوق. فالمصارف كانت على علم بهذا التعديل منذ الصباح، إذ تلقّى بعضها اتصالات من مدير القطاع في مصرف لبنان، نعمان ندّور، لإبلاغ المحظيين بصدور التعديل.
ومن الصباح الباكر أيضاً، كانت بعض الشركات قد سعّرت سلعها على سعر صرف يبلغ 25500 ليرة، فيما عمد بعض كبار الصرافين المحظيين إلى تسجيل طلب كبير على الدولار والشيكات المصرفية بالدولار بأسعار متدنية تمهيداً لما سيحصل ظهراً عند صدور التعميم. ومع انتشار الخبر واصل سعر الصرف الارتفاع ليلامس مساء الـ 26 ألف ليرة.