/ مرسال الترس /
منذ إعلان نتائج انتخابات أيار 2022 قبل شهر وبضعة أيام، والحديث عن “مساهمة” ما لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في إيصال المرشح القواتي الياس الخوري إلى ساحة النجمة، يجري مواربة، إلى أن “طقّها” رئيس تيار “الكرامة” النائب السابق فيصل كرامي في حديث صحفي يوم الجمعة الفائت حين قال: “الحقيقة التي أصبحت معروفة لدى الجميع، هي أن أحد المرجعيات المقتدرة مالياً وحكومياً وضعت ثقلها لإنجاح النائب القواتي في طرابلس”.
بذلك “كاد المريب أن يقول خذوني”، فهل هناك “مرجعية مقتدرة مالياً وحكومياً” في طرابلس أكثر من الرئيس ميقاتي؟
والسؤال الذي بات مطروحاً: “هل هناك صفقة حصلت بين ميقاتي وحزب “القوات اللبنانية” حول هذه المسألة”؟ وإلاّ ما هو الدافع الآخر الذي جعل الرئيس ميقاتي غير مهتم بإيصال كتلة نيابية له إلى مجلس 2022 في حين أن كل المعطيات تقول بأنه كان قادراً على إيصال إثنين أو ثلاثة نواب، أو في اسوأ الحالات نائباً واحداً فقط، وهو الذي استطاع أن يفوز في انتخابات العام 2018 مع ثلاثة نواب هم: المرحوم جان عبيد (ماروني)، نقولا نحاس (روم ارثوذكس)، وعلي درويش (علوي). فلماذا إذاً لم يفلح دعمه، لو كان جدياً، في إيصال احد من اللائحة التي أعلن دعمه لها، والتي علم بعض أعضائها قبل خمسة من الانتخابات بأن الدعم صوري ولن يؤدي إلى نتيجة. في حين أن المرشح الوحيد الذي فاز من اللائحة هو عبد الكريم كبارة، نجل النائب السابق محمد عبد اللطيف كبارة، قد فاز “بقوة زنده” ودعم والده الذي بقي نائباً لثلاثة عقود متتالية، وكوّن حيثية في المدينة لم يعد باستطاعة أحد من السياسيين أن يتخطاها أو لا يعترف بوجودها.
العارفون يؤكدون أن الرئيس ميقاتي قد دفع فتاتاً في الانتخابات الأخيرة، الأمر الذي رسمت حوله علامات استفهام كثيرة، وهو الذي كان مشهوراً بالدعم الذي “فرده” في الانتخابات التي سبقت، والتي كان يتنافس فيها على المساهمات المالية في الانتخابات مع الرئيس سعد الحريري.
كان لافتاً أن ميقاتي لم يعمل فعلياً لإيصال كتلة على اسمه إلى مجلس النواب، ربما للأسباب نفسها التي دعت الرئيس سعد الحريري ليقدم على تعليق عمله وتيار “المستقبل”، السياسي والانتخابي قبل بضعة أشهر من الانتخابات!
ولأنه ضمناً يرغب بالبقاء في السراي الحكومي، ويعرف أنه متقدم على الآخرين لأسباب متعددة، وربما أكثرها قبولاً أنه يحسن تدوير الزوايا، فقد عمل على تكوين شبكة علاقات غير علنية مع أطراف عدة أخرى، لا تتلاقى مع ما يعلنه من “وسطية”، ومن هؤلاء “القوات اللبنانية” التي أجرت العديد من التسويات مع وجوه بعيدة عنها حزبياً، بغية تكوين كتلة تتقدم على “التيار الوطني الحر”، ومن هنا كان تركيزه على المقعد الماروني في مدينة طرابلس، لما له من دلالات ورمزية.
لهذا، شبكت القوات اتصالاتها مع الوزير السابق اللواء أشرف ريفي كواجهة، وأكملت مع الآخرين بصورة غير علنية، وبخاصة مع النائب السابق عثمان علم الدين الذي كان له دور محوري في دعم لائحة ريفي ـ “القوات”. في حين أن اختراق “القوات اللبنانية” لطرابلس عبر انجاح نائب يمثلها، لا علاقة له بالمزاج الطرابلسي من قريب او بعيد، كما يؤكد فيصل كرامي الذي علّق آمالاً على الطعن الذي قدمه لكي يستعيد موقعه النيابي.
فهل قايض ميقاتي على مقعد طرابلس الماروني، مقابل تأييد “القوات” له في الاستشارات الحكومية؟
سؤال ستتوضح الإجابة عليه يوم الخميس المقبل من حيث عدد الأصوات التي سينالها وإذا كانت ستضم كتلة الجمهورية القوية أم لا!