كتبت صحيفة “الجمهورية” في عددها صباح اليوم أن “مجلس النواب أقرّ امس في جلسته التشريعية قانون إنشاء الوكالة الوطنية للدواء بعدما استغرق اعداده حوالى سنتين ونصف السنة. وعلى قاعدة «ان يأتي متأخّراً خير من ألّا يأتي» يمكن التأكيد انّه لو كانت باشرت هذه الوكالة عملها قبل الأزمة لكنا وفّرنا كثيرًا في الفاتورة الدوائية، ولكان استمر دعم مصرف لبنان للدواء لفترة أطول”.
يقول عضو لجنة الصحة العامة النائب فادي علامة الذي عمل طويلاً على إعداد قانون انشاء الوكالة الوطنية للدواء للـ”الجمهورية”، انّه بعد اقرار هذا القانون في الجلسة التشريعية امس، بات لدينا نظام حوكمة جديد خاص بالدواء والمستلزمات الطبية والمتممات الغذائية، لا تخضع للاستنسابية، تعمل تحت نطاق وزارة الصحة، وظيفتها الاساسية درس السوق بشكل دائم وانواع الامراض والاوبئة المتواجدة لدينا، على ان يحدّد على اساسها حاجة السوق من الادوية.
وعرض علامة لـ”الجمهورية” طريقة دخول الادوية الى السوق حالياً: تتواصل الشركات الاجنبية المنتجة للدواء مع اصحاب وكالات استيراد الدواء في لبنان لتطلب إدخال ادوية جديدة الى السوق، فيتمّ تسجيلها في لبنان والترويج لها لاحقاً، بغض النظر عن حاجتنا اليها، وبالنتيجة انّ فاتورتنا الدوائية السنوية تسجّل مزيداً من الارتفاع. اما مع إقرار الوكالة الوطنية للدواء، بات من مهام هذه الوكالة ان تدرس السوق وتحدّد حاجاته وتقرّر على هذا الاساس الادوية التي يحتاج اليها لبنان، وعلى هذا الاساس يتمّ تسجيل الادوية وتسعيرها حصراً.
وعمّن سيدير مهام هذه الوكالة، يقول علامة: «بالطبع لن يكونوا مستشارين لوزراء متغيّرين، انما سيتمّ تحديد مهام رئيسها وشروط عمله، وكيف يمكنه التقدّم بطلب لهذا المنصب الى مجلس الوزراء… أما ابرز مهامه، العمل الدائم في هذه الوكالة، شرط ان يكون من اصحاب الاختصاص. والعاملون في هذه الوكالة سيكونون من الأطباء او الخبراء والمتطوعين، وقد حدّد القانون النقابات التي ستتمثل فيها، وهم من العاملين في قطاعي الدواء والصحة، على ان يكون من مهامهم درس الاسواق ونوعية الدواء وتركيبته وحاجة السوق له. ويلحظ القانون تفعيل عمل المختبر المركزي غير الموجود حالياً، وادارته، وهذه الخطوة اساسية لأنّها تساعد في درس كل دواء يدخل الى لبنان وصلاحيته ونوعيته، على ان يتمّ إعطاء افضلية لصناعة الدواء محلياً والتشجيع على استيراد ادوية «الجنيريك» بدل «البراند». فكما بات معلوماً انّ 80% من ادويتنا في لبنان هي «براند» و 20% جنيريك، بينما العكس صحيح في اوروبا واميركا، وهذا ما يفسّر انّ فاتورتنا الدوائية مرتفعة جداً».
اضاف علامة: «انّ الهيئة الوطنية تُعنى كذلك بالمواد الاولية المستوردة التي تُستخدم في الصناعة المحلية للأدوية، وتُعنى بنوعية التخزين وبمراقبة الدواء من لحظة دخوله الى لبنان وصولاً الى الصيدلية ومن ثم الى المريض (نظام التتبع)، لنضمن بذلك خفض الفاتورة والإنفاق الدوائي المرتفع مقارنة مع الناتج المحلي (حتى قبل الانهيار الاقتصادي)، وفي الوقت نفسه ضمان استيراد ادوية الجنيريك التي نحن بحاجة اليها».
وعن تأثير هذا القانون على عمل الوكالات الحصرية للأدوية، اوضح علامة انّ هذه الوكالة تهدف الى ضبط حاجة السوق من الادوية، بحيث من المفترض ان يلتزم المستوردون بالادوية التي تقرّر الوكالة انّ السوق بحاجة اليها بدل تنفيذ طلبات الشركات المنتجة باستيراد ادوية لا يحتاجها السوق، والعمل لاحقاً على تسويقها لدى الأطباء وحثهم على وصفها للمرضى. فلا يعقل ان يُسجّل لدى وزارة الصحة اليوم ما يزيد عن 5000 دواء، في المقابل تستعمل المؤسسة العسكرية حوالى 700 دواء فقط، وكلها ادوية جنيريك. وقال: «هناك فجوة كبيرة بين عدد الادوية التي تدخل السوق وتلك التي نحتاجها، وهذا يظهر مدى الانفلاش في سوق الدواء اللبناني وكمّ الادوية المستوردة التي تدخل لبنان من دون الحاجة اليها».
ورداً على سؤال، أمل علامة في ان يؤدي عمل الوكالة الوطنية للدواء الى خفض عدد الادوية المستعملة في السوق اللبناني، وان تتراجع أقله الى النصف، على ان يصبح القسم الاكبر منها من الجنيريك، وان تُعطى في المقابل الصناعة الوطنية حيزاً كبيراً، فلا شيء يمنع اليوم الصناعة الوطنية من ان تقوم بتصنيع الدواء في لبنان او ان تقوم بتعليبه، كما لا شيء يمنع تصدير الانتاج الوطني بعد تأمين الاكتفاء للسوق المحلي، خصوصاً انّ لدينا 11 مصنعاً للدواء».
وعن موعد دخول هذا القانون حيز التنفيذ قال علامة: «حاولنا خلال إعداد القانون التخفيف قدر الإمكان من المراسيم التطبيقية، انما بقي جزء قليل بحاجة الى هذه المراسيم، وقد سعينا خلال فترة اعداد القانون التي استغرقت حوالى العامين ونصف العام العمل مع مستشارين من وزارة العدل وقضاة، لإدخال مواد الى هذا القانون، تخفف في الوقت نفسه من حاجتنا الى مراسيم، على امل ان يباشر وزير الصحة بوضع المراسيم المطلوبة ليقرّها مجلس الوزراء متى اجتمع».
واكّد علامة انّه لو كانت هذه الوكالة موجودة وتمّت دراسة الادوية التي يحتاجها السوق في السابق والانواع المطلوبة، كنا لا شك وفّرنا كثيراً في الفاتورة الدوائية، ولكان الدعم على الدواء استمر لفترات اطول.