أثار اختفاء 16 ملفًا من الصفحة العامة المخصصة لوثائق رجل الأعمال الراحل المدان بجرائم جنسية جيفري إبستين على موقع وزارة العدل الأميركية، جدلًا واسعًا وتساؤلات بشأن الشفافية، وسط اتهامات للوزارة بـ«التستر»، بعدما حُذفت الملفات بعد يوم واحد فقط من نشرها.
وشملت الملفات المفقودة، التي كانت متاحة يوم الجمعة واختفت السبت، صورًا للوحات فنية لنساء عاريات، ومجموعة صور فوتوغرافية وُجدت فوق خزانة وداخل أدراج، من بينها صورة للرئيس الأميركي دونالد ترامب وزوجته ميلانيا إلى جانب إبستين وشريكته غيسلين ماكسويل.
ولم توضّح وزارة العدل أسباب إزالة الملفات أو ما إذا كان الاختفاء متعمدًا، كما لم يعلّق متحدث باسمها على طلبات وسائل إعلام، وفق ما نقلته وكالة «أسوشيتد برس».
وزاد اختفاء الملفات من الغموض المحيط بقضية إبستين وعلاقاته بشخصيات نافذة، وأشعل موجة تكهنات عبر الإنترنت حول طبيعة المواد المحذوفة. وأشار ديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب إلى الصورة التي تضم ترامب في منشور على منصة «إكس»، متسائلين: «ما الذي يتم التستر عليه أيضًا؟ نحن بحاجة إلى الشفافية من أجل الشعب الأميركي».
كما رصد نواب ديمقراطيون حذف ملف كان يتضمن صورة لترامب من البيانات المنشورة، مطالبين الإدارة بتوضيح الأسباب، ولا سيما في ظل رسائل بريد إلكتروني سابقة تشير إلى علم ترامب ببعض أنشطة إبستين، وهو ما وصفه ترامب سابقًا بأنه «خدعة» لتشتيت الانتباه.
من جهتها، قالت مارينا لاسيردا، إحدى ضحايا إبستين، إن وزارة العدل والنظام القضائي «يخذلان الضحايا مرة أخرى»، معتبرة أن حذف المحتوى يمثل «صفعة جديدة»، وأضافت: «كنا نتوقع أكثر بكثير».
في المقابل، اتهم مكتب الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إدارة ترامب بمحاولة «حماية نفسها» عبر تسليط الضوء على صور قديمة لكلينتون، لصرف الانتباه عن التدقيق في ملفات أخرى.
وعمّقت هذه التطورات المخاوف بشأن آلية الإفراج عن الوثائق التي طال انتظارها، إذ لم تكشف عشرات آلاف الصفحات المنشورة سوى معلومات محدودة جديدة عن جرائم إبستين، كما لم تُظهر تفاصيل القرارات القضائية التي مكنته من تفادي تهم فدرالية خطيرة لسنوات. كذلك، حجبت الوزارة وثائق كان الجمهور يترقبها، من بينها مقابلات مكتب التحقيقات الفدرالي مع الضحايا، ومذكرات داخلية لوزارة العدل بشأن قرارات الاتهام.
وبحسب «أسوشيتد برس»، ركزت المواد المنشورة بشكل كبير على صور منازل إبستين في نيويورك وجزر فيرجن الأميركية، وظهرت فيها صور غير منشورة سابقًا للرئيس الأسبق بيل كلينتون، بينما كان ظهور ترامب نادرًا. ورغم ارتباط اسمي كلينتون وترامب بإبستين، فإن كليهما نفى لاحقًا تلك العلاقة، ولم تُوجَّه إليهما اتهامات قانونية في القضية.
ورغم انقضاء المهلة التي حددها الكونغرس لنشر الوثائق كاملة يوم الجمعة الماضي، قالت وزارة العدل إنها تعتزم نشر السجلات على دفعات، مبررة التأخير بالحاجة إلى حجب أسماء الضحايا ومعلوماتهم الشخصية، ما أثار غضب ضحايا ونواب طالبوا بالشفافية الكاملة.
وثائق محجوبة وسياق منقوص
وتشير التقارير إلى أن ما نُشر لا يمثل سوى جزء يسير من ملايين الصفحات التي تمتلكها الوزارة؛ إذ أفاد نائب المدعي العام تود بلانش بأن مدعين في مانهاتن يحتفظون بأكثر من 3.6 ملايين سجل من التحقيقات مع إبستين وشريكته ماكسويل. كما أن معظم الوثائق المنشورة كانت متاحة سابقًا ضمن ملفات المحكمة، قبل جمعها في صفحة واحدة.
أما الوثائق التي أُفرج عنها مؤخرًا، فقد نُشر بعضها من دون سياقه الكامل، مع طمس أجزاء واسعة باللون الأسود؛ إذ طُمست بالكامل وثيقة من 119 صفحة تحمل علامة «هيئة المحلفين الكبرى في نيويورك»، وفق الوكالة.














