تتآكل فكرة قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية تدريجياً، قرية بعد قرية وبستان زيتون بعد آخر، في ظل تصاعد الاستيطان الإسرائيلي والعنف المرتبط به، وفق تحقيق مطول نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.
يركز التقرير على معاناة المزارعين الفلسطينيين الذين يواجهون يومياً مستوطنين متطرفين يسعون للسيطرة على الأراضي بالقوة، غالباً تحت حماية الجيش الإسرائيلي أو برعايته غير المباشرة.
ويستعرض التقرير قصة المزارع السبعيني رزق أبو نعيم، الذي تتعرض أرض عائلته ومصادر رزقها بشكل متكرر للاعتداء، من خلال دخول المستوطنين بأغنامهم إلى بساتين الزيتون، والاستيلاء على المياه، وتخريب المحاصيل، واقتحام المنازل ليلاً.
ويشير التقرير إلى أن المستوطنات الجديدة، بدءًا من بؤر غير قانونية تتحول لاحقاً إلى مستوطنات دائمة، تدفع الفلسطينيين تدريجياً إلى ترك أراضيهم، فيما تتوسع السيطرة الإسرائيلية باستخدام الطرق والأسوار لعزل القرى وتقييد حركة السكان وفصل المزارعين عن أراضيهم.
ويضع التقرير هذه الوقائع ضمن سياق سياسي أوسع، موضحاً أن ما يحدث منذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 يعكس سياسة توسع استيطاني ممنهجة لحكومة الإحتلال الإسرائيلية اليمينية، تهدف إلى تقويض “حل الدولتين”.
ويؤكد التقرير أن العنف لا يقتصر على مصادرة الأراضي، بل يشمل مضايقات واعتداءات جسدية وعمليات قتل، إضافة إلى إغلاق القرى ونصب الحواجز وهدم المنازل، في واقع يسوده انعدام العدالة والخوف الدائم.
ويستشهد التقرير بعدد من القرى التي تعرضت لهجمات مستمرة، منها المغير وشرق المعرجات، موضحاً أن هذه القرية النموذجية أصبحت محاصرة بالمستوطنات، ما دفع سكانها إلى مساحات أصغر وفصلهم عن أراضيهم وسبل عيشهم.
ويبرز التقرير تصاعد المضايقات والهجمات شبه اليومية منذ عام 2024، وبلغت ذروتها في تشرين الأول/أكتوبر 2025، بمعدل ثماني حوادث يومياً، وهو أعلى مستوى منذ بدء الأمم المتحدة توثيق الانتهاكات قبل 20 عاماً، متزامناً مع موسم قطاف الزيتون الحاسم للمزارعين الفلسطينيين.
كما يسلط التقرير الضوء على استخدام الأوامر العسكرية وتصنيف الأراضي كأدوات لحرمان الفلسطينيين من أراضيهم حتى عند امتلاكهم وثائق ملكية رسمية، ويروي حوادث مقتل فلسطينيين، منها الشاب الأميركي سيف الله مسلت في مواجهات مع مستوطنين قرب بلدة سنجل، وسط روايات متضاربة بين شهود العيان والإحتلال الإسرائيلي.
ويخلص التقرير إلى أن الوجود الفلسطيني الحر في الضفة الغربية بات مهدداً بشكل غير مسبوق، وأن التغييرات الجارية على الأرض قد تكون غير قابلة للتراجع، ما يضع مستقبل الدولة الفلسطينية والسلام المنشود في مهب الريح.














