الجمعة, ديسمبر 19, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderعملية "نارنيا" السرّية: حملة "إسرائيل" لاغتيال علماء إيران

عملية “نارنيا” السرّية: حملة “إسرائيل” لاغتيال علماء إيران

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

 نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرًا موسعًا يسلّط الضوء على تحقيق استقصائي مشترك أجرته مع برنامج “فرونتلاين” على قناة “بي بي إس”، وتناول الحرب السرية التي نفّذتها “إسرائيل” لاغتيال العلماء النوويين الإيرانيين.

وقالت الصحيفة في تقريرها:

كانت الاستعدادات للحرب قد شارفت على الاكتمال. عشرات العملاء المدرَّبين الذين يعملون لصالح “إسرائيل” كانوا منتشرين داخل إيران، ومزوّدين بأسلحة متطورة جديدة. طيّارو سلاح الجو الإسرائيلي كانوا في حالة تأهّب، بانتظار الأوامر لشنّ هجمات على البنية التحتية النووية الإيرانية، ومنصات إطلاق الصواريخ الباليستية، وأنظمة الدفاع الجوي.

كانت “إسرائيل” والولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لها، قد توصّلتا بعد جدال طويل إلى توافق تقريبي حول مدى اقتراب طهران من امتلاك سلاح نووي. وفي الوقت نفسه، كانت مناورات دبلوماسية تضليلية تُدار بهدف تعمية إيران عن الهجوم الوشيك.

لكن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين كانوا يدركون أن إلحاق ضرر عابر فقط بالبرنامج النووي الإيراني المترامي لن يكون كافيًا. ولكي تكون الضربة حاسمة، كان لا بدّ من تفكيك “العقل المدبّر”، أي جيل كامل من المهندسين والفيزيائيين الإيرانيين الذين تعتقد الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية أنهم يعملون على “الفنون السوداء” لتحويل المواد النووية الانشطارية إلى قنبلة ذرية.

بداية عملية “نارنيا

عند نحو الساعة 3:21  فجر 13 يونيو/حزيران، وفي الدقائق الأولى من حرب استمرت 12 يومًا بين “إسرائيل” وإيران، بدأت الأسلحة الإسرائيلية تضرب مباني سكنية ومنازل في العاصمة الإيرانية طهران.

كانت عملية “نارنيا”، الحملة المخصصة لاغتيال كبار العلماء النوويين الإيرانيين، قد انطلقت.

اغتيل محمد مهدي طهرانجي، وهو فيزيائي نظري وخبير متفجرات خاضع لعقوبات أميركية بسبب عمله في مجال الأسلحة النووية، داخل شقته في الطابق السادس من مبنى يُعرف باسم مجمع الأساتذة في طهران.
وبعد ساعتين، لقي فريدون عباسي، الفيزيائي النووي والرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والمشمول بعقوبات أميركية وأممية، مصرعه في ضربة أخرى بالعاصمة.

وبحسب “إسرائيل”، فقد جرى اغتيال 11 عالمًا نوويًا إيرانيًا بارزًا في 13 حزيران/يونيو والأيام التي تلته.

زلزال إقليمي وتداعيات سياسية

الهجمات الإسرائيلية والأميركية الواسعة والمتعددة المسارات على البرنامج النووي الإيراني هزّت الشرق الأوسط، وأطلقت وعودًا إيرانية بالانتقام، وأدّت ـ في الوقت الراهن ـ إلى نسف فرص التوصل إلى اتفاق دبلوماسي يقيّد أنشطة طهران النووية ويخضعها لرقابة دولية صارمة.

وكشفت صحيفة “واشنطن بوست”، بالتعاون مع برنامج PBS “فرونتلاين، تفاصيل جديدة حول هذه الهجمات، والتخطيط الذي سبقها، وتأثيرها داخل إيران.
ويستند هذا التحقيق إلى مقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين من “إسرائيل” وإيران ودول عربية والولايات المتحدة، تحدّث بعضهم للمرة الأولى، واشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم للحديث عن عمليات وتقييمات سرية.

إلى أي مدى تضرر البرنامج النووي؟

قال مسؤولون من “إسرائيل” والولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية إن البرنامج النووي الإيراني تراجع على الأرجح لسنوات.

لكن هذا التقييم يبتعد كثيرًا عن تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن البرنامج “دُمّر بالكامل وبصورة تامة”.

أما إيران، التي تؤكد أن برنامجها النووي مخصص لإنتاج الطاقة المدنية وليس للأسلحة، فقد بقيت متحدّية.

وقال أمير طهرانجي، شقيق محمد مهدي، لبرنامج “فرونتلاين”:

“مع اغتيال هؤلاء الأساتذة، قد يكونون قد رحلوا، لكن معرفتهم لم تُفقد من بلدنا”.

من الاغتيالات السرية إلى العلن

سبق لـ”إسرائيل” أن اغتالت علماء إيرانيين، لكنها كانت تفعل ذلك دائمًا مع إنكار رسمي.

عملاء على دراجات نارية كانوا يثبتون قنابل مغناطيسية في سيارات العلماء وسط زحام طهران.

وكان عباسي قد نجا بصعوبة من محاولة اغتيال مماثلة عام 2010.

أما محسن فخري زاده، أحد أبرز العلماء النوويين الإيرانيين، فقُتل عام 2020  بواسطة رشاش آلي يُدار عن بُعد في كمين خارج العاصمة.

لكن في حزيران/يونيو، خرجت “إسرائيل” من الظل. فقد ازدادت جرأتها بعد أن وجّهت ضربات علنية قاسية لوكلاء إيران في غزة ولبنان وسوريا.

وقال جنرال في سلاح الجو الإسرائيلي شارك في التخطيط للهجوم:

“أخيرًا أصبح لدينا فرصة عملياتية لتنفيذ ذلك”.

قائمة العلماء والخسائر المدنية

في إطار عملية “نارنيا”، أعدّ محللو الاستخبارات الإسرائيلية قائمة تضم 100 عالم نووي بالغ الأهمية في إيران، قبل تقليصها إلى نحو 12 هدفًا عالي الأولوية.

وجرى إعداد ملفات تفصيلية عن عمل كل واحد منهم، وتحركاته، ومكان إقامته، استنادًا إلى عقود من العمل الاستخباراتي.

لكن العملية لم تكن بلا أخطاء. فقد تمكّنت “واشنطن بوست”، بالتعاون مع موقع التحقيقات المفتوحة “بيلينغكات”، من التحقق بشكل مستقل من مقتل 71 مدنيًا في خمس ضربات استهدفت علماء نوويين، وذلك عبر صور الأقمار الصناعية، وتحديد مواقع الفيديوهات، وإعلانات الوفاة، وسجلات المقابر، وتغطية الجنازات في الإعلام الإيراني.

وأكد التحقيق مقتل 10 مدنيين، بينهم رضيع يبلغ شهرين، في ضربة استهدفت مجمع الأساتذة في حي سعادت آباد بطهران. وتشير شهادات الشهود، إلى جانب الصور والفيديوهات، إلى أن قوة الانفجار تعادل قنبلة تزن نحو 500 رطل.

وفي ضربة أخرى، استهدفت “إسرائيل” العالم محمد رضا صديقي صابر في منزله بطهران. لم يكن صابر موجودًا، لكن ابنه البالغ 17 عامًا قُتل.

وفي اليوم الأخير من الحرب، 24 حزيران/يونيو، قُتل صابر نفسه في منزل أحد أقاربه بمدينة آستانه أشرفية في محافظة جيلان، على بعد نحو 200 ميل من العاصمة، أثناء مراسم عزاء ابنه. وتم التحقق من مقتل 15 مدنيًا في تلك الضربة، بينهم أربعة قاصرين، مع تدمير منزلين بالكامل.

الأسلحة الخاصة والعملاء النائمون

أطلقت “إسرائيل” على حملتها الأوسع ضد إيران اسم “الأسد الصاعد”. ودمّرت الطائرات المسيّرة والمقاتلات الإسرائيلية، بمساندة عملاء داخل إيران، أكثر من نصف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، وقضت على ما تبقى من دفاعاتها الجوية. كما تم اغتيال قادة في الجيش الإيراني و”الحرس الثوري”، وقصف محطات كهرباء وأنظمة تهوية ضرورية لتشغيل أجهزة الطرد المركزي في “ناتانز” و”فوردو”. وتلت ذلك ضربات أميركية ضخمة نفذتها قاذفات B-2  الشبحية وصواريخ توماهوك.

الحرب النووية: التفاصيل الاستخباراتية

اتفقت “إسرائيل” والولايات المتحدة، في عهدي الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب، على أن إيران تعمل باتجاه امتلاك سلاح نووي، لكن أجهزتهما الاستخباراتية اختلفت أحيانًا في تقييم ما يفعله العلماء الإيرانيون فعليًا.

اعتبارًا من عام 2023، جمعت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية معلومات تفيد بأن باحثين في وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية تُعرف باسم SPND  كانوا يدرسون سبل تسريع بناء سلاح نووي، في حال تراجع المرشد الأعلى علي خامنئي عن فتواه الصادرة عام 2003 التي تحرّم الأسلحة النووية.

الدبلوماسية والتضليل

عندما زار بنيامين نتنياهو الرئيس ترامب في بداية ولايته الثانية، عرض عليه أربعة سيناريوهات للهجوم على إيران:
هجوم إسرائيلي منفرد، هجوم بقيادة “إسرائيل” بدعم أميركي محدود، تعاون كامل، أو هجوم تقوده الولايات المتحدة.

ومع أن ترامب أراد منح الدبلوماسية فرصة، استمرت التحضيرات العسكرية والاستخباراتية. وكانت المفاوضات المعلنة، بحسب مسؤولين، مجرّد خدعة لإبقاء إيران غير مستعدة.

حتى بعد بدء القصف، نقلت واشنطن سرًا عرضًا أخيرًا لطهران يتضمن رفع جميع العقوبات مقابل تفكيك منشآت التخصيب ووقف دعم الحلفاء الإقليميين.

رفضت إيران العرض، فأذن ترامب بمشاركة القوة الأميركية في الهجوم.

“لا يمكن انتزاع الاكتشاف

يقول مسؤولون أميركيون وإسرائيليون ودوليون إن الضرر الذي لحق بالبرنامج النووي الإيراني كبير، لكنه غير كامل.

وقال علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، في مقابلة مع “فرونتلاين”:

“لا يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني أبدًا. لأنه عندما تكتشف التكنولوجيا، لا يمكنهم انتزاع الاكتشاف”.

“الخارجية الإيرانية”: ايران لن تنسى جرائم الولايات المتحدة | الجريدة ـ لبنان

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img