الخميس, ديسمبر 18, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSlider"القوات" تتحدّى وتخسر.. بري يربح!

“القوات” تتحدّى وتخسر.. بري يربح!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| خلود شحادة |

يبدو أن “القوات اللبنانية”، من حيث تدري أو لا تدري، وقعت في الفخ الذي لطالما نصبته لخصومها. فالمقاطعة التشريعية التي كانت تعتبرها سلوكاً معيباً، وتصف مستخدميها بأنهم يعطّلون الدولة ويضربون الحياة الدستورية، باتت اليوم ممارسة تتقنها وتستخدمها عند أول تعارض مع مصالحها.
منذ انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، تعبّر “القوات” عن خصومتها مع الرئيس عون، وتتصرّف بما يوحي أن الرئاسة “سُرقت” منها، ولذلك تحاول التعويض بالإيحاء أنها تملك تفويضاً مفتوحاً لإدارة البلاد، لا كشريك سياسي ضمن منظومة حكم، بل كمرجعية فوق المؤسسات.
سلوك يوحي بأن رئيس “القوات” يرى نفسه رئيساً فعلياً للجمهورية، والآمر الناهي في شؤون الدولة، متجاوزاً منطق التوازنات الذي قام عليه النظام اللبناني، ومتعاطياً مع باقي المكونات السياسية على قاعدة الإملاء لا الشراكة.
هذا التعاطي انعكس بوضوح في ملف تعيين السفير الإيراني الجديد، حيث ما زال الملف مجمّداً على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على إرسال الخارجية الإيرانية أوراق اعتماد سفير جديد خلفاً للسفير الحالي، في تجاوز صريح لصلاحيات رئيس الجمهورية. فبدلاً من أن يكون القرار محصور برئيس الجمهورية، بدا وكأنه رهينة حسابات سياسية ضيقة، يحاصره وزير لم يفقه بعد أن يكون وزيراً لبلاده، وبقي محصوراً ضمن الحسابات الحزبية المتطرّفة.
هنا لا تُختزل فقط صلاحيات رئيس الجمهورية، بل يُختزل موقع الرئاسة الأولى برمّته، وكأنها مجرد امتداد لوزارة الخارجية، التي تُدار بعقلية “قواتية ـ إقصائية” لا تشبه موقعها الوطني ولا دورها المفترض في إدارة علاقات لبنان الخارجية.
أما على مستوى رئاسة الحكومة، فقد اختزلت “القوات” الدور المؤسساتي لمجلس الوزراء، بوزرائها، متجاهلة مبدأ الشراكة في الحكم. وقد فشلت في أول امتحان وزاري حقيقي، والمتمثل بوزارة الطاقة، بعد وعود رنّانة بتأمين كهرباء 24/24 خلال ستة أشهر.
اليوم، وبعد مرور ما يقارب السنة، لا تتجاوز التغذية الكهربائية ست ساعات يومياً، وأحياناً بانقطاع كامل، ويُقدَّم ذلك على أنه “إنجاز”، في بلد بات فيه الإنجاز يُقاس بمنسوب الانخفاض لا الارتفاع. وكما يقول المثل: “تمخّض الجبل فولد فأراً”.
وبإسم “الطريقة الأنسب لإدارة الحكومة”، واجهت “القوات” كل ما لا ينسجم مع أهوائها السياسية، متعاطية مع الدولة وكأنها ملك خاص، لا منظومة مؤسسات يفترض أن تُدار بالتوافق والتوازن. هذا النهج التصادمي تُرجم لاحقاً بتعطيل جلسات مجلس النواب، في محاولة واضحة لفرض قانون انتخابي مفصّل على قياس “القوات”، ولو كان ذلك على حساب الاستحقاق الديمقراطي ومبدأ انتظام عمل المؤسسات.
الأخطر كان في التعاطي الفوقي مع النواب، إذ جرى تخوين كل من يقرر حضور الجلسة النيابية، في سابقة تهدف إلى سلب النائب حقه الدستوري في اتخاذ قراره البرلماني. وكأن “القوات” تملك حق إعطاء شهادات بالوطنية للنواب!
هذا الأسلوب ولّد امتعاضاً واسعاً حتى داخل بيئات غير محسوبة على خصوم “القوات”، رفضاً لمحاولة الهيمنة على الموقف الشخصي لكل نائب، وهو ما دفع النواب لمهاجمة “القوات” بشخص رئيسها سمير جعجع، لمحاولته الانقضاض على دورهم التشريعي وحقهم الدستوري، والتعاطي معهم وكأنهم عناصر في مجموعة “الصدم” التي كانت إحدى ضمن ميليشيا “القوات”!
اعتقد سمير جعجع أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيرضخ لضغوطه، ولن يتمكّن من تحقيق نصاب الجلسة التشريعية، لإقرار عدة مشاريع قوانين منها تمويل إعادة الإعمار، متناسياً طبيعة الرجل وخبرته الطويلة في إدارة الأزمات، وهو صاحب المقولة الشهيرة: “ما بحلى عالرص”.
ما هي النتيجة؟
الجلسة انعقدت، وأُقر قرض إعادة إعمار البنى التحتية، وقرض مدّ المياه لبيروت الكبرى، وقرض الإدارة المالية، حيث عاد التشريع الى المجلس النيابي، على الرغم من المحاولات الحثيثة لمنعه، وأنقذت القروض قبل إنقضاء مهلها.. وفعلها نبيه بري…
لم يلتفت جعجع، ربما بسبب قصر في الحسابات السياسية، للتبدّلات الداخلية والخارجية. وبالتالي ما استطاع فرضه في الجلسة الماضية، لا يمكن أن يفرضه الآن، و”مش كل مرة بتسلم الجرة”.
وبحسابات فيها من الخطأ الكثير، ومن الشراهة على تحصيل الاصوات الانتخابية بأي ثمن، “أهدى” جعجع‏‎ الرئيس نبيه بري انتصاراً سياسياً واضحاً، من حيث لا يحتسب.
ظنّت “القوات” أنها قادرة على تطويع رئيس المجلس النيابي، فإذ بها تتعلم مرة جديدة من هو “الأستاذ”.. وكما يقال: “اللي بيحسبها صح، ما بيوقع بالفخ”… لكن “القوات”، لم تحسبها جيداً.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/D1AbBGEjtWlGzpr4weF4y2

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img