ما سبب دخول الحزب على خط “الترسيم”؟

/محمد حمية/

لطالما ردّ “حزب الله” على المراجعات والتساؤلات حيال موقفه من ملف ترسيم الحدود البحرية، بأنه يقف خلف الدولة ويلتزم ما تقرره وما تعلن أنه الحدود البحرية والخط الرسمي المعتمد، وبعدها تصبح المقاومة معنية بالدفاع عنه الى جانب الجيش، بكافة الوسائل المشروعة ومنها القوة العسكرية.

ومُنذ ذاك الوقت والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يحاذر الغوص في الملف، ويرسم موقف الحزب بين حدين متقاربين: انتظار موقف الدولة والتزام قرارها وحصيلة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة ولاحقا الوساطة الأميركية، وبين استعداد المقاومة لمؤازرة الدولة بردع العدو وحماية الثروة النفطية، وبالتالي لم يعلن أي موقف إزاء المرسوم 6433.

لكن وبعد الإعلان عن دخول باخرة “إنرجين” للتحضير لعملية استخراج الغاز في حقل “كاريش”، والغموض والإرباك الذي خيم على الموقف اللبناني الرسمي، أُعلن عن اطلالة طارئة وسريعة لنصرالله لإعلان موقف الحزب من الملف. ما يعني، وفق مصادر مطلعة، دخول نصرالله مباشرة على خط الاشتباك القائم في ملف ترسيم الحدود.

فما هي الأسباب؟ وهل من مستجدات دفعت الحزب لحسم الموقف؟

مصادر مطلعة كشفت لموقع “الجريدة” أن “السيد نصرالله سيشرح موقف المقاومة بعدما تكاثرت المزايدات التي تسأل عن إجراءات المقاومة في الدفاع عن الثروة النفطية، وكذلك تساؤلات ومطالبات الرأي العام عن دور المقاومة التي أكدت في وقت سابق أنها لن تسمح للعدو بسرقة حقوق لبنان، لا سيما وأن الحزب سبق وأعلن أنه يقف خلف الدولة بملف الترسيم، بعكس التجربة التاريخية التي أثبتت اهمال وتجاهل الدولة للملفات السيادية، لا سيما تحرير الجنوب وتحرير الاسرى وغيرها”.

وتلفت المصادر الى أن “نصرالله سيعدد ماذا فعلت المقاومة لردع العدو لمنعه من سرقة النفط، وأنه لولا معادلة الردع التي أطلقها السيد لكانت إسرائيل أقدمت على سرقة النفط منذ وقت طويل، لكن مجموعة من المستجدات في الآونة الأخيرة استدعت دخوله مباشرة الى الملف:

-الأزمة الأوكرانية والحاجة الأوروبية للغاز، ما يحول البحر المتوسط الى مصدر ثمين للغاز، وهذا ما دفع “إسرائيل” للإسراع باستخراجه.

-استكمال الاستعدادات العسكرية “الإسرائيلية” وإنهاء المناورات، وهذا ما يفسر المواقف التصعيدية للمسؤولين “الإسرائيليين”، ما يعكس جهوزية العدو للمواجهة في ظل الدعم الأميركي له.

-تلكؤ الدولة، والتباينات في مواقف أركانها، لا سيما بين رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش اللبناني، وهذا سبب عدم حسم الخط الحدودي اللبناني.

وتوقعت المصادر أن يضغط نصرالله على الدولة لتوقيع المرسوم.

وتوضح المصادر أن “اختلاف أركان الدولة على الخطوط، أربك المقاومة، وبالتالي فإن تلكؤ الدولة عن إعلان موقف حاسم، دفع بـحزب الله لإيلاء الملف أولوية، ومن مؤشرات ذلك تعيين النائب السابق نواف الموسوي لمتابعة الملف، علماً أن الموسوي يعد من المتشددين والصقور داخل الحزب، ما يحمل رسالة جدية بالتعاطي مع الملف من الجهتين السياسية والعسكرية”.

وتضيف المصادر أن نصرالله سيقدم قراءة للمشهد من كامل جوانبه، ويضع الرأي العام في حقيقة ما يحصل وكيفية المواجهة، ويوجه رسالة للعدو بأن “سعادته الزائدة” بالإنجاز الوهمي الذي يدعيه، أن المقاومة تستطيع تبديد هذا الوهم ووقف عملية الاستخراج في الوقت المناسب.

وكشفت المصادر أن “حزب الله لن ينتظر الدولة إذا بدأت إسرائيل بالاستخراج، وسيتخذ خطوات ميدانية لمنعها”، وفي السياق كشفت المصادر أن “حزب الله شكل فريقاً من التقنيين لدراسة الواقع الميداني وتقديم تقرير لقيادة المقاومة، وإن أظهر أن إسرائيل بدأت بالاستخراج، فسيُبنى على الشيء مقتضاه”. إلا أن المصادر أكدت بأن “الخطر الإسرائيلي لم يدخل مرحلة المحظور، كون الباخرة لاتزال خارج الخط 29”.