كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن الرئيس السوري السابق بشار الأسد يدرس اللغة الروسية وأن أفراد عائلته يسافرون أحياناً إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتناولت “الغارديان” وجود الأسد مع عائلته في موسكو بعد خروجه من دمشق إثر انهيار نظامه، في واحدة من أكثر التحولات الدراماتيكية في تاريخ سوريا الحديث، حيث انتقلت العائلة التي حكمت البلاد لأكثر من نصف قرن من قصور السلطة إلى حياة منفى تخضع لحماية الدولة الروسية ورقابتها.
وذكرت الصحيفة أن موسكو شكّلت الملاذ الأكثر ترجيحاً للأسد، بحكم التحالف العسكري والسياسي الطويل بينه وبين الكرملين، وفي ظل عزلة دولية خانقة وعقوبات غربية تطال الأسد وزوجته وأفراد عائلته. وأشارت إلى أن وجود العائلة في روسيا يتم في إطار أمني صارم، مع توفير الحماية، لكن ضمن هامش حركة محدود يجعلهم عملياً تحت رعاية ـ وسيطرة ـ الأجهزة الروسية.
وتطرقت “الغارديان” إلى الوضع الصحي لزوجته أسماء الأسد، التي أُعلن في مايو/أيار 2024 عن إصابتها بسرطان الدم “اللوكيميا”، مشيرة إلى أن روسيا تُعدّ وجهة مناسبة للعلاج في ظل تطور منشآتها الطبية، وخصوصاً مع القيود التي تمنع أسماء من تلقي العلاج في دول غربية بسبب العقوبات.
وبحسب التقرير فإن أسماء الأخرس، زوجة الأسد، تحسنت من مرضها بعد علاج خضعت له في موسكو، وأن أبناءه يحاولون التأقلم مع حياة جديدة كنخبة بلا سلطة، وقد تخرجت ابنته زين من جامعة MGIMO المرموقة في موسكو، في حفل حضرته العائلة من دون لفت الانتباه.
وتُظهر بيانات مسربة نشاطاً استهلاكياً مرتفعاً لأفراد العائلة، وتنقّلات متكررة إلى الإمارات العربية المتحدة، التي كانت وجهة مفضلة لهم حتى خلال سنوات الحكم. ورغم رغبتهم بالاستقرار هناك، تدرك العائلة أن الانتقال الدائم غير مطروح حالياً.
وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة نفي الكرملين لما تردد من شائعات حول طلب أسماء الأسد الطلاق أو سعيها لمغادرة روسيا، مؤكداً أن هذه الأنباء “غير صحيحة” وأن العائلة لا تزال مجتمعة في موسكو.
وبينما ركّز تقرير “الغارديان” على البعد السياسي والإنساني للمنفى، أشارت صحف بريطانية أخرى، بينها “التايمز”، إلى تفاصيل إضافية عن نمط حياة العائلة في روسيا. ووفق هذه التقارير، يُعتقد أن لعائلة الأسد استثمارات عقارية كبيرة في موسكو، تشمل شققاً فاخرة في مجمعات سكنية راقية، وأن أفراد العائلة يعيشون في ظروف مريحة مقارنة بسوريا التي غادروها، وإن ظلوا بعيدين عن الأضواء وتحت حماية أمنية مشددة.
وتحدثت “التايمز” عن تأقلم أبناء الأسد مع الحياة في موسكو، حيث يواصلون تعليمهم في مؤسسات روسية مرموقة، في إطار حياة تُشبه حياة أبناء النخب المقربة من السلطة الروسية.
كما أشارت الصحيفة إلى أن بشرى الأسد، شقيقة بشار، تقيم في الإمارات، ما يعكس تشتت العائلة بين أكثر من عاصمة، وإن بقي المركز الأساسي للأسد وزوجته في موسكو.
وفيما يُعاد التذكير بأن بشار الأسد تلقى تدريبه في طب العيون في لندن قبل دخوله معترك السياسة، لم تؤكد “الغارديان” أو غيرها من الصحف الكبرى أنه يعتزم العودة إلى ممارسة المهنة في روسيا، ولكنه يدرس الروسية، مكتفية بالإشارة إلى ماضيه الطبي كجزء من سيرته الشخصية التي باتت اليوم مفارقة لافتة بين طبيب سابق متدرّب في الغرب وحاكم انتهى به المطاف لاجئاً سياسياً في روسيا.
وتخلص “الغارديان” إلى أن وجود الأسد في موسكو لا يعني خروجه من الحسابات الجيوسياسية، إذ ترى الصحيفة أن الكرملين يحتفظ به كورقة سياسية محتملة في أي تسويات مستقبلية تخص سوريا، في وقت تبقى فيه ملفات جرائم الحرب والمساءلة الدولية معلّقة، معززةً صورة رئيس سابق يعيش في منفى آمن، لكنه مثقل بإرث ثقيل من الدم والدمار.














