|راجارنا حمية|
يعتزم المساعدون القضائيون الذين لم يصدر مرسوم تعيينهم (حوالى 375 ناجحاً)، الاعتصام الثلاثاء المقبل، أمام وزارة العدل، للمطالبة بحقّهم، المحرومين منه منذ عشر سنوات، إذ كان من المُفترض أن يصدر مرسومهم عقب تعيين الدفعة الرابعة في عام 2014، وسدّ الشغور في قصور العدل، الذي يقارب اليوم 40%. لكن، بعدما استنفد هؤلاء كل الطرق، لم يبق أمامهم سوى التصعيد لانتزاع مرسوم التعيين فوراً «لا خدمةً لأحد، وإنما استعادةً للعدالة واحتراماً للقانون وإنصافاً لناسٍ ظلمهم الانتظار الطويل»، وفق البيان الذي أصدرته، قبل أيام، لجنة متابعة الدفعة الخامسة والأخيرة من المساعدين القضائيين.
لماذا أيقظوا الأموات؟
طوال السنوات العشر الفائتة، لم يترك هؤلاء سبيلاً لمعرفة أسباب عدم تعيينهم. طرقوا أبواباً كثيرة ولم يحصلوا على جواب واحد يشفي غليلهم. لكن قبل أربعة أشهر، طلبت هيئة التفتيش القضائي منهم تجميع بعضهم وتحديد من لا يزال راغباً بالوظيفة. ليتبيّن أن 375 ناجحاً بين 200 كاتب و175 مباشِراً يريدونها، ويتم تبليغ وزارة العدل بذلك.
يومها، استبشر الناجحون خيراً، وبدأوا حراكاً على المعنيين في «القطاع»، وعلى المرجعيات السياسية، لتحريك المياه الراكدة. لكن، سرعان ما اصطدم هؤلاء بـ«جبل من الكذب المتواصل»، تقول رشا أبو عباس، إحدى الناجحات في لجنة المتابعة. وتروي أن وزارة العدل أبلغتهم أنها أرسلت كتاباً بملفهم إلى وزارة المالية «والموضوع صار عندها»، قبل أن يتفاجأوا بردِّ «المالية» عليهم: «لم يصل إلينا أي كتاب». وتلفت إلى أن «وزير المال مرة يقول لنا خلّي وزير العدل يطلبكن وأنا باخدكن، ومرّة يقول لنا بدي بس 120». فمن الذي لا يقول الحقيقة؟ سؤال يُحيِّر لجنة المتابعة. وتسأل أبو عباس: «من الذي أيقظ الأموات؟». فخلال السنوات العشر الفائتة، فقدَ كثيرون أملهم بصدور مرسوم التعيين، ودبّروا أمورهم في وظائف أخرى، قبل أن تستفيق هيئة التفتيش القضائي على ملفّهم.
الناجحون خلال كلّ الفترة الفائتة، لم يُبلّغوا بسبب واضح لتأخر مرسوم تعيينهم، عدا امتلاكهم «مستند حفظ حق قانوني من المجلس النيابي»، تقول داليا حمية، من لجنة المتابعة، أيضاً. لكنهم استنتجوا من زياراتهم للمرجعيات السياسية، أن السبب واحد لا شريك له، وهو اللاتوازن الطائفي. ويسترجع هؤلاء ما قاله البعض ومنهم وزير العدل عادل نصّار نفسه «عندما ردّ علينا بالقول إنه يريدنا، رغم أنه يعرف أن عدد المسيحيين في هذه الدفعة صفر».
مع العلم أن عدد المسيحيين بين الناجحين الراغبين بالوظيفة «كان قبل أربعة أشهر بحدود 35%، قبل أن تنخفض النسبة إلى 25%، مع التحاق بعضهم بوظائف في الدولة أخيراً»، وفقاً لحمية. وما يُعزِّز هذه الفرضية ما قام به أحد النواب أمام أعضاء لجنة المتابعة، «حين أمسك بآلة الحاسبة ليحسب أعداد المسيحيين في الدفعة، قبل أن يتبنّى المطلب!».
هذه حال الدولة التي لا تزال تسير وفق نظام 6 و6 مكرّر. وعندما تختل هذه المعادلة، تضيعُ حقوق المستحقين. وهذا حرفياً ما يحصل في ملف المساعدين القضائيين، رغم حاجة قصور العدل إلى هؤلاء الناجحين، الذين لم يتمّ تعيينهم بعد.














