سبق وصول البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان استقبال مرفأ بيروت للسيارة “البابوية” البيضاء التي سيستخدمها في تنقلاته. اختار الفاتيكان نسخة حديثة من “البوب موبيل” مبنيّة على طراز SUV الشفافة، تتيح التفاعل المباشر مع الجمهور خلال جولاته، مع منصة مرتفعة قليلًا للوقوف وإلقاء التحية، ومقصورة بسيطة تخلو من أي كماليات، لتجسّد روح التواضع البابوي، مع تعزيزات أمنية دقيقة وغير مرئية.
ويعود تاريخ السيارات البابوية إلى أوائل القرن العشرين، حين أهدى رئيس أساقفة نيويورك سيارة من طراز Itala للبابا بيوس العاشر عام 1909، لكنه لم يركبها قط. قبل ذلك، كانت العربات المزخرفة والكراسي الخاصة هي وسيلة النقل الوحيدة للباباوات، مثل عربة Berlina di gran gala التي استخدمها البابا ليو الثاني عشر عام 1826.
ظهرت أول سيارة استخدمها البابا بيوس الحادي عشر عام 1925، من طراز بيانكي تيبو 15، تبرعت بها جمعية النساء الكاثوليكيات في ميلانو، تلتها سيارة من طراز 20 عام 1926. وفيما بعد دخلت مرسيدس-بنز كسلسلة رسمية من السيارات البابوية، مع أول سيارة ليموزين نوربورغ 460، وظهرت لوحات SCV الرسمية مع اتفاقيات لاتران عام 1929.
شهدت السيارات البابوية تحولًا جذريًا بعد محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني في 13 مايو/أيار 1981، حيث أدّت هذه المأساة إلى اعتماد مركبات مزوّدة بزجاج مضاد للرصاص وأنظمة حماية متقدمة، مثل سيارات مرسيدس بنز ولاند روفر المعدلة للطرق الوعرة، التي استخدمها البابا بولس السادس أثناء رحلاته الدولية منذ عام 1975، بما في ذلك سيارة تويوتا لاند كروزر وFiat 1107 Nova Campagnola.
ولا يقتصر دور السيارات البابوية على التنقل، فقد تحولت سيارات البابا فرنسيس السابقة، مثل ميتسوبيشي التي استخدمها في بيت لحم، إلى عيادات متنقلة لتقديم الرعاية للأطفال الفلسطينيين المتضررين من الاعتداءات الإسرائيلية في غزة، بالتعاون مع مؤسسة “كاريتاس” الخيرية التابعة للفاتيكان.
اليوم، تعكس “البوب موبيل” الجديدة للبابا لاوون الرابع عشر مزيجًا من الرمزية الروحية، والحماية الأمنية، والقدرة على التواصل المباشر مع المؤمنين، لتصبح جزءًا من تاريخ طويل من السيارات التي حملت الباباوات عبر أكثر من قرن من الزمن.
