السبت, ديسمبر 6, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderفوضى التخليص في مرفأ بيروت: البضائع عالقة والتجار يناشدون!

فوضى التخليص في مرفأ بيروت: البضائع عالقة والتجار يناشدون!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| ناديا الحلاق |

 

تتفاقم في الأسابيع الأخيرة أزمة جديدة تضاف إلى سلسلة الأزمات التي يعيشها الاقتصاد اللبناني، حيث يشكو عدد كبير من التجار من تأخّر غير مألوف في تخليص بضائعهم داخل مرفأ بيروت.

هذه الأزمة لا تبدو عابرة، بل تتحوّل يوماً بعد يوم إلى عبء واسع التأثير على الأسواق، خصوصاً أن العديد من القطاعات بدأ يشعر فعلياً بنقص في السلع، وسط ارتفاع تكاليف التخزين وانكماش حركة البيع وتراجع ثقة الزبائن.

داخل مرفأ بيروت، المشهد لا يختلف كثيراً عما يقوله التجّار: حاويات مكدّسة تنتظر تفتيشاً أو توقيعاً أو موافقة إلكترونية، فيما يقف أصحابها أمام سلسلة من الإجراءات والمراجعات التي تمتد من مكتب إلى آخر، من دون إجابة واضحة عن سبب التأخير.

وأكد عدد من المستوردين أن ما يحصل بات يهدّد أعمالهم، خصوصاً في المواسم التي تتطلب سرعة في التوزيع وتوفّر البضاعة في الوقت المناسب، خصوصاً في مواسم الميلاد ورأس السنة.

في أحد المحال التجارية، يقف التاجر ف.ح أمام رفوف باتت شبه فارغة، محاولاً شرح ما يواجهه منذ أكثر من شهر ونصف يقول بلهجة يغلب عليها القلق: “استوردنا بضائع مخصّصة لموسم الأعياد، لكنها ما زالت عالقة في الجمارك. كلما حاولنا المتابعة، يأتي الرد نفسه: إجراءات روتينية أو تفتيش إضافي. لكن الحقيقة أننا لا نعرف سبباً محدداً، وفي كل يوم نخسر أكثر”.

وأضاف مشيراً إلى فواتير متراكمة على مكتبه: “نحن ندفع ثمن الشحنة مرتين: مرة عند استيرادها، ومرة ثانية عبر رسوم التخزين في مرفأ بيروت. الزبون لا يرى ذلك، هو يبحث فقط عن بضاعة متوفّرة، بينما نحن نخسر سمعتنا وأموالنا”.

م.س شارك المعاناة نفسها لكن بأسلوب أكثر مرارة، قائلاً: “زبائني ألغوا عدداً كبيراً من الطلبات لأنني لم أستطع الالتزام بموعد التسليم. المشكلة ليست عندي، ولا عند المورد في الخارج. المشكلة في الجمارك”، مضيفاً: “كيف يمكن العمل في بلد لا يمكن فيه التنبؤ بأي شيء؟”.

ورغم كثرة الروايات والتفسيرات، تبدو الصورة الضبابية داخل مرفأ بيروت نتيجة مجموعة من الأسباب المتشابكة. فالتأخير، بحسب مصادر موقع “الجريدة”، يعود جزئياً إلى أعطال متكرّرة في الأنظمة الإلكترونية الخاصة بالتخليص، ما يؤدي إلى تباطؤ انتقال الملفات وإطالة الإجراءات الروتينية.

كما تعاني المديرية العامة للجمارك من نقص كبير في عدد الموظفين، الأمر الذي يجعل عملية التفتيش والتدقيق أكثر بطئاً، إذ يتحمل عدد قليل من العناصر عبء مئات المعاملات يومياً. وإلى جانب هذه العوامل، تشدّد بعض الدوائر الرقابية إجراءات التفتيش على أنواع معيّنة من الشحنات، ما يؤدي أحياناً إلى تراكم الملفات وتأخير الشحنات الأخرى المرتبطة بالسوق الاستهلاكي.

في المقابل، يقدّم مصدر رسمي داخل الجمارك رواية مغايرة جزئياً، إذ أكد في حديث لموقع “الجريدة” أن ما يجري “ليس نتيجة خلل من جهة واحدة”، موضحاً أن “المديرية تعمل في ظل ضغط كبير لا يتناسب مع عدد العناصر المتوفّرين”.

وقال المصدر: “نقوم بواجباتنا قدر الإمكان وعلى مدار الساعة، ولكن حجم البضائع يفوق القدرة التشغيلية المتوفّرة. هناك أعطال تقنية تتم معالجتها بالتعاون مع وزارة المالية، كما أن بعض الشحنات تحتاج إلى تفتيش دقيق حرصاً على السلامة العامة ومنع التهريب. هذا التدقيق يستغرق وقتاً أحياناً، لكنه ضروري”.

وأضاف أن “المديرية بصدد اتخاذ إجراءات تنظيمية لتسريع العمل، خصوصاً في ما يتعلق بالبضائع الأساسية والمواد الغذائية التي تشكّل أولوية”، كاشفاً أنه سيتم ادخال أجهزة تفتيش حديثة قريباً، مما سيحسّن الأداء ويقلل مدة معالجة المعاملات.

هذا التأخير يترك أثره الواضح على السوق اللبنانية، حيث يواجه التجار أعباء مالية متزايدة يفرضها عليهم التخزين لأيام وربما أسابيع، فيما يلاحظ المستهلكون شحّاً في أصناف معيّنة أو ارتفاعاً في أسعار أخرى نتيجة تضخّم كلفة الاستيراد. أما الثقة بين المتاجر وزبائنها، فتتراجع تدريجياً مع كل تأخير جديد، الأمر الذي يهدّد عجلة البيع في سوق يعاني أصلاً من تراجع القدرة الشرائية.

في المحصّلة، تتعمّق أزمة البضائع العالقة في الجمارك في بلد لا يحتاج مزيداً من التعقيدات. وبين روايات التجّار وتحفّظ الإدارات الرسمية وتأثيرات الأزمة على الأسواق، يبقى السؤال الأهم: هل تتحرك الدولة لضبط هذا الملف ووضع آلية واضحة وشفافة تضمن انسياب البضائع بلا عرقلة؟ أم أن الأزمة ستبقى جزءاً جديداً من سلسلة طويلة من العوائق التي تعرقل كل محاولة لالتقاط الأنفاس في الاقتصاد اللبناني.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/KcTcdtSlZ5a0SaZPTZsoiV?mode=ems_copy_c

 

 

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img