السبت, ديسمبر 6, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةسياسةحوار فاتيكاني ـ أميركي حول لبنان!

حوار فاتيكاني ـ أميركي حول لبنان!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| جورج علم |

هناك تباين واضح داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب حول لبنان.

في وزارة الدفاع:

هناك تقيّيم مختلف للقيادة العسكريّة الوسطى، مفاده أن “الجيش اللبناني ـ وفق الإمكانات المتوافرة لديه ـ يقوم بإنجازات مهمّة في الجنوب”، بإعتراف لجنة “الميكانيزم”، والفريق العسكري الأميركي المتابع للمستجدات الميدانيّة على الأرض.

داخل وزارة الخارجيّة:

هناك تقيّيم مغاير يستند إلى جملة إعتبارات أبرزها أن “على السلطة في لبنان مسؤوليات مترتّبة. عليها أن تنفّذ ما جاء في خطاب القسم، والبيان الوزاري، لجهة حصريّة السلاح، كي تثبت بأنها تريد فعلا بناء دولة مركزيّة صاحبة قرار الحرب والسلم”.

وقد وفّر أصحاب هذه النظريّة غطاء سياسيّاً ومعنويّاً لـ”العمليات العسكريّة الإسرائيليّة داخل لبنان”.

ولم يقتصر التباين على وزارتي الدفاع والخارجيّة، بل شمل الكونغرس، حيث ارتفعت أصوات من صفوف الجمهوريّين، والديمقراطيّين، تطالب بإحاطة شفافة تبيّن الأسباب والدوافع التي أدت إلى تعذّر قيام قائد الجيش بزيارة واشنطن، وفق ما كان مقرّراً.

إن إلغاء الزيارة، أو تأجيلها، تحوّلت إلى حدث وحديث داخل الإدارة، وأطلقت نقاشاً حول كيفيّة التعاطي مع لبنان إستناداً إلى الظروف الدوليّة والإقليميّة السائدة في الشرق الأوسط.

نقاش يدور حول جملة من الإستفهامات، أبرزها:

  • هل دُعم الجيش بما يكفي من الأسلحة التي تمكّنه من القيام بالمهام المطلوبة منه، أم أن هناك “لوبي” إسرائيلي ضاغط داخل الإدارة يحول دون الإقدام على ذلك؟
  • لماذا عطّلت واشنطن تنفيذ سائر مقرّرات المؤتمرات الدوليّة التي عقدت، سواء في روما، أو خارجها، لتسليح الجيش؟ ولماذا تقف عائقاً أمام المساعي التي تقوم بها باريس لعقد مؤتمر جديد، كما وعد الرئيس إيمانويل ماكرون؟
  • لماذا أرسلت وزارة الخارجيّة فريق عمل منحاز بالكامل مع سياسة “إسرائيل”، ومشروعها في لبنان، من مورغان أورتاغوس، إلى توماس برّاك، إلى أعضاء فاعلين في “الميكانيزم”، ولم ترسل فريقاً ينظر إلى الحقيقة من طرفيها، لا من طرف واحد؟
  • لماذا يتعاطى بعض من في الإدارة الأميركيّة مع لبنان ـ كما حكومة بنيامين نتنياهو ـ على أنه ساحة لتصفية الحسابات مع إيران، والمحور الممانع، ولا يتعاطى معه كبلد بحاجة إلى مبادرة إنقاذيّة جديّة للحفاظ على هويته الثقافيّة، وعلى وحدة، وسلامة أراضيه؟

وقد أطفحت النقطة الأخيرة الكيل ما بين الإدارة الأميركيّة والفاتيكان.

زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، تحوّلت بدورها إلى حدث وحديث داخل الإدارة الأميركيّة في سياق الإعداد لها، وإصرار الحبر الأعظم، ومعه مختلف دوائر القرار في الفاتيكان، حرصه على “لبنان الرسالة”، وديمومة “الوطن النموذج، مختبر التفاعل بين مختلف الأديان، والثقافات، والحضارات”.

البابا أميركي الأصل، وزعيم أكثر من 70 مليون كاثوليكي داخل الولايات المتحدة، وعلى تمايز في المواقف حيال العديد من المواضيع التي تعالجها إدارة ترامب، من الموقف من إبعاد اللاجئين. إلى السياسة الإقتصاديّة ـ الضرائبيّة المعتمدة، والتي أدّت إلى تزايد أعداد الفقراء في العالم. إلى الموقف من المناخ، والتغييّر المناخي. إلى العلاقة المتوترة مع العديد من دول أميركا اللاتينيّة، “الخزان الكاثوليكي” الأكبر في العالم.

إن “الدفرسوار الفاتيكاني” الإنساني بدأ يحتلّ حيّزاً داخل الإدارة الأميركيّة، إنطلاقاً من معادلة سياسيّة مفادها أن تفجير لبنان يعني تفجير الشرق الأوسط الغنيّ بتعددياته الثقافيّة، وبيئاته الإجتماعيّة المعقّدة. ويعني ايضاً حروباً لا تنتهي بين الفئويات القائمة فوق “مجمرة تاريخيّة عميقة” من التباينات، والأحقاد، والضغائن.

ما يسعى إليه الفاتيكان يتناقض تماماً مع الراديكاليّة الناشطة داخل الإدارة الاميركيّة تجاه الشرق الأوسط.

يتناقض مع المشروع الهادف إلى “صياغة شرق أوسط جديد عن طريق القوّة، والهيمنة، والتفوق العسكري، والتكنولوجي”.

يتناقض مع المفهوم السائد داخل الإدارة الأميركيّة والذي يمنح “إسرائيل” تفويضاً مطلقاً بلبنان، وبالحديد والنار. والتعامل مع هذا “اللبنان” كساحة لتصفية الحسابات مع إيران، من دون الإحتساب إلى النتائج والتداعيات!

وبمعزل عن “الدفرسوار الفاتيكاني”، فإن النقاش داخل الإدارة الأميركيّة حول أي لبنان؟ وأي دور ووظيفة؟ قد إرتفع منسوبه بعد “العطل” الذي أصاب زيارة قائد الجيش. ويدور البحث حول الدوافع، والأسباب التي أدّت إلى هذه النتيجة. هل يفترض أن تستمر، ويستمر التفويض الأميركي لـ”إسرائيل” بأن تقوم بما تشاء في لبنان، أم يفترض نزع هذا التفويض، وأن تبادر الإدارة الإمساك بالملف اللبناني مباشرة، وبصورة متكاملة، ووفق خطة توازن ما بين متطلبات السيادة اللبنانيّة، والهواجس الإسرائيليّة.

وما يزكّي هذا التباين ـ كما تقول “واشنطن بوست” ـ ليس الملف اللبناني، بل غزّة، ومصير “مبادرة الـ21 بنداً” التي طرحها ترامب، والتي تسعى حكومة بنيامين نتنياهو إلى تآكلها، والإنقلاب عليها، والعودة إلى إدارة القطاع، وفق نظريات المتشددين في الأحزاب اليهوديّة الراديكاليّة.

إن ملف غزّة هو الذي أسهم في فتح سجل التباينات داخل الإدارة الأميركيّة حول السياسة المتبعة في الشرق الأوسط، وطريقة التعاطي مع لبنان، وغزة، وسوريا، والعراق، واليمن، وصولاً إلى إيران، والصفقة التي يريد ترامب التوصّل إليها، بعد حديثه المتكرّر عنها، وعن إحتمال حصولها!

وتميل الأرجحيات المتداولة في الوسط الإعلامي الأميركي، إلى أن هناك تحوّلاً مرتقباً تجاه لبنان ستتضح معالمه في الأيام القليلة المقبلة، وأن الأوضاع ما بعد إنتهاء زيارة البابا، لن تكون كما قبلها…

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتساب” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/D1AbBGEjtWlGzpr4weF4y2?mode=ac_t

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img