اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “الحكومة اللبنانية لم تُظهر أي مثابرة ولا أي تصميم على نزع سلاح حزب الله”، منتقدًا غياب الإرادة السياسية في ملف السلاح، مشددًا أنّ مستقبل لبنان القريب يجب ألّا يكون محصورًا بين خيارَي الحرب الأهلية أو حرب “إسرائيلية” جديدة على البلاد.
وحذّر من أنّ “يتخلّف لبنان عن ركب منطقةٍ تتغيّر بسرعة بسبب حالة الجمود السائدة فيه”، مضيفًا أنه “وفي خطوة كسرت محرّمًا استمر لعقود، كلّفت الحكومة اللبنانية في آب الماضي الجيش رسميًا بجمع الأسلحة كلها تحت سلطة الدولة، وبالتالي نزع سلاح حزب الله – وهو أمر يرفضه الحزب بشدّة.”
وأكد أن “مراقبين ومن بينهم الولايات المتحدة الأميركية، يعتبرون أنّ التنفيذ لم يتم بالسرعة المطلوبة، فيما تصعّد إسرائيل هجماتها على لبنان بشكل متزايد”، وجاء كلامه خلال مقابلة مع صحيفة”ذا ناشيونال” تناولت سلاح حزب الله، والعلاقات مع سوريا، ودول الخليج، والولايات المتحدة، واتفاق هدنة محتمل مع “إسرائيل”.
وأضاف جعجع أنه ” لا يوجد تصميم، ولا وضوح، ولا مثابرة، ولو أنه يصدر من وقت لآخر بعض التصريحات، والجميع يعلم أنّها مجرد تصريحات فارغة”.
ورأى أن معظم أعضاء الحكومة “غير جديين” في مسألة سلاح “حزب الله” ويفتقرون إلى الإرادة السياسية، مستثنيًا وزراء “القوات” الأربعة – وبينهم وزير الخارجية – وعددًا محدودًا من الوزراء الآخرين.
واعتبر رئيس “القوات” أنهم لا يريدون اتخاذ قرارات كبيرة وواضحة، “رغم أنّ الحكومة اتخذت قرارات مهمة في 5 و7 آب، لكنها لم تطبّق أيًا منها ولم تنفّذها”.
وقد قارن جعجع بين الوضع الحالي وبين الأجواء السياسية في كانون الثاني الماضي، عند انتخاب الرئيس جوزاف عون وتكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة – وهما شخصان دعمتهما “القوات اللبنانية”، قائلًا: “إنّ تلك المرحلة كانت تتّسم بالإرادة السياسية والإعلان السياسي والتصميم السياسي” في إشارة إلى تعهّد الرئيس ورئيس الحكومة حينها في خطاباتهما الأولى بوضع الأسلحة كلها تحت سلطة الدولة التي كان يجب أن تكون أكثر حزمًا عندما أعلنت وجوب حصر السلاح بيدها، مشيرًا إلى “الرفض الفوري من مسؤولي حزب الله لتلك الخطوة، في تلك اللحظة كان يجب أن تكون الحكومة واضحة وحازمة جدًا، كان عليها أن تستدعيهم وتقول لهم: لا يمكنكم ذلك، أنتم تخالفون القانون”.
وأشار إلى أن لبنان “عالِق” وسيبقى “عالِقًا حتى نغرق” ما لم يسلّم “حزب الله” سلاحه ويتحسّن تنسيق لبنان مع الولايات المتحدة والدول العربية، خصوصًا دول الخليج.
وأكد أنّ جزءًا كبيرًا من ترسانة “الحزب” الضخمة دُمّر في حربه مع العدو الإسرائيلي، لكن الأهم – برأيه – أنّ بنيته العسكرية والتنظيمية لا تزال سليمة.
وحذّر جعجع من أنّ لبنان مهدّدًا بأن يتخلّف عن التطورات المتسارعة في المنطقة – وهو تحذير يكرّره كثيرون من المبعوثين الأجانب – مشيرًا إلى المفارقة بين وضع لبنان ووضع سوريا التي “أسقطت نظام الأسد بعد خمسين عامًا من الحكم في كانون الأول الماضي، ورئيسها أحمد الشرع الذي التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع في البيت الأبيض.”
وفي السياق نفسه، واصل جعجع حديثه قائلًا: “لبنان الآن، وبكل شفافية، بدأ يتأخر. الاتجاه الاستراتيجي العام في المنطقة يسير في اتجاه، والسلطات اللبنانية تضيّع الوقت في المناكفات والمخططات الصغيرة التي لا تؤدي إلى شيء. والدليل أنّ رئيس سوريا في البيت الأبيض، بينما رئيس لبنان في بلغاريا – مع كامل الاحترام لبلغاريا – لكنني أتحدث عن التأثير”.
وشدّد على أنّ مصير لبنان ” يجب ألّا يكون محصورًا بين خيارَي الحرب الإسرائيلية أو الحرب الأهلية، اعتبر جعجع أنّ تفادي هذين الخيارين يتطلّب مزيدًا من التصميم من الحكومة اللبنانية.”
ودعا جعجع الرئيس عون إلى مفاوضات غير مباشرة مع “إسرائيل”، وذلم من أجل “حلّ ملفات عدّة، من ترسيم الحدود إلى إطلاق الأسرى اللبنانيين في إسرائيل”.
وتساءل عن مضمون تلك المفاوضات قائلًا: “الرئيس يتحدث عن مفاوضات، لكنني لا أعلم فعلاً أي مفاوضات، وبأي شكل، وما مضمونها؟ عندما تتّضح هذه المعطيات يمكنني الحكم، لكن الآن لا أستطيع الحكم على مفاوضات مجهولة الشكل والمضمون”، متابعًا:” لبنان، الذي شهد احتلالات إسرائيلية متكرّرة، كان ساحة قتال منذ عقود. فقبل نشوء حزب الله المدعوم من إيران في ثمانينيات القرن الماضي أثناء الاحتلال الإسرائيلي للبنان، كانت الفصائل الفلسطينية تقاتل إسرائيل من الأراضي اللبنانية”.
ورأى أنّ الحل لإنهاء حالة الصراع الدائم هو العودة إلى اتفاق الهدنة، على غرار ما كان قائمًا خلال الأعوام العشرين الأولى من قيام ما أسماه بـ “دولة إسرائيل” في الخمسينيات والستينيات.
وعند سؤاله عن المرحلة ما بين عامي 1949، عندما أُبرمت الهدنة، و1969، كيف كانت الحدود بين لبنان و”إسرائيل” في تلك السنوات العشرين؟ أجاب جعجع “أنّ المشاكل بدأت عندما استخدمت الفصائل الفلسطينية لبنان قاعدة لشنّ هجمات على إسرائيل، واستمر التوتر بعد ظهور حزب الله. والحل هو العودة إلى الوضع السابق، أي إلى الهدنة”.
ولفت إلى” أنّ لبنان وسوريا يسعيان إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات الدبلوماسية بعد سقوط نظام الأسد في كانون الأول الماضي. وكانت سوريا – التي شكلت حليفًا رئيسيًا لحزب الله – قد احتلت لبنان منذ عام 1976 حتى 2005 وسيطرت على أجهزته الأمنية”.
وحول العلاقات مع سوريا اليوم، قال إنّه يأمل أن تسير الأمور “نحو فهم أفضل وأفضل”.
أما بخصوص تجربته الشخصية، قال جعجع إنّه تعلّم من الماضي أنّ “أي مكاسب عسكرية تحققها يمكن أن تفقدها في أي لحظة، أما المكاسب السياسية فلا يمكن لأحد أن يسلبك إياها. الربح الحقيقي هو الربح السياسي، لذلك، من الأفضل أن يتحوّل حزب الله إلى العمل السياسي الحقيقي، لأن هذا وحده سيمنحه مكاسب حقيقية، أما اعتماده على جناحه العسكري فلن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار”.














