يقول المخرج الأميركي الشهير ألفريد هيتشكوك، مخرج فيلم الجريمة الأسطوري سايكو (Psycho)، إن نحو 33% من تأثير الفيلم يعود إلى الموسيقى. ففي البداية، كان من المقرر عرض مشهد القتل الشهير بدون أي موسيقى، لكن الموسيقار بيرنارد هيرمان ابتدع المقطوعة الشهيرة “القتل”، التي امتزجت فيها صرخات الضحية مع ألحان آلة الكمان، وخلقت تصاعدًا دراميًا يمزج بين الترقب والفزع، تاركًا أثرًا لا يُنسى لدى المشاهدين حتى بعد عقود.
وتشير الدراسات إلى أن موسيقى الرعب تنشط نظام الاستجابة للخطر في العقل.
فقد وجد خبراء علم النفس الصوتي أن بعض الأصوات، مثل الصراخ البشري أو حتى محاكاته عبر آلات موسيقية، تبعث شعورًا بالفزع تلقائيًا. وتقول كاثلين تريفور، الباحثة في الإدراك الموسيقي بجامعة زيوريخ، إن الإشارات الموسيقية في العديد من أفلام الرعب مشتقة أساسًا من أصوات الصراخ البشري.
وتكشف أبحاث أخرى أن الأصوات الخشنة تنفذ مباشرة إلى المخ دون حواجز، فتثير استجابة فورية في اللوزة الدماغية، الجزء المسؤول عن التفاعل مع المخاطر، مما يؤدي إلى ردود فعل جسدية تلقائية، حتى لو كان الشخص نائمًا أو مشتت الانتباه.
كما أوضحت تريفور لموقع ساينتفيك أميركان أن الموسيقى في أفلام الرعب لا تهدف إلى الفزع المباشر فقط، بل تخلق شعورًا بالترقب عبر تصاعد الإيقاع قبل الذروة الدرامية.
فالموسيقى المرعبة عادة ما تكون صاخبة وخشنة، بينما الموسيقى التي تثير الترقب تتدرج في إيقاعها، مما يحافظ على انتباه المشاهد ويجعله على حافة مقعده.
وتقول سوزان روجرز، الباحثة في جامعة بيركلي الأميركية، إن بعض الأصوات الموسيقية في أفلام الرعب تشبه إشارات الخطر في العالم الواقعي، مثل القعقعة أو نبضات القلب، ما يثير الاستعداد للتحرك أو الانتباه، كما استخدم المخرج جون كاربنتر في فيلم هالوين إيقاعًا يشبه نبض القلب لتكثيف التوتر خلال مشاهد العنف.
ويشير الخبراء إلى أن المؤلفين الموسيقيين يستخدمون نغمات غير متوازنة وغير متوقعة لإبقاء المخ في حالة ترقب دائم، وهو ما يعرف بـ”أخطاء التنبؤ”، حيث يفشل المخ في التوقع فينشط الجهاز العصبي ويزيد التوتر. كما يمكن استخدام تسجيلات قديمة بجودة منخفضة لإحداث شعور بالغرابة والاشمئزاز لدى المشاهد، والمعروف باسم Uncanny Valley Effect.
وتختم تريفور قائلة: “الفكرة من هذه الموسيقى هي جعل المشاهد يشعر أن شيئًا ما ليس على ما يرام، وهو أمر يثير القلق على مستوى عميق داخل النفس البشرية”.














