في الخامس من تشرين الثاني من كل عام، تستيقظ مدينة “بونو” البيروفية على وقع دقات الطبول وألحان المزامير القديمة، احتفالاً بيوم “بونو” الذي يخلد ميلاد إمبراطورية الإنكا العظيمة، حيث تختلط الأسطورة بالتاريخ في مراسم مذهلة وصاخبة.
تروي الأسطورة أن إله الشمس “إنتي” أرسل ابنه “مانكو كاباك” وشقيقته “ماما أوكلو” من أعماق بحيرة “تيتيكاكا” المقدسة لإنقاذ البشر من الظلم والجهل، حاملاً العصا الذهبية السحرية التي تحدد مكان تأسيس مملكة عظيمة. وعند ضفاف البحيرة، غاصت العصا في الأرض الطيبة، معلنة اكتشاف الأرض الموعودة، ومشهد ولادة أسلاف الإنكا الذين أسسوا مدينة “بونو”.
خلال الاحتفالات، تتحول ضفاف البحيرة إلى مسرح حي للأسطورة، حيث تجوب قوارب “التوتورا” التقليدية المياه، ويجسد الفنانون شخصيات “مانكو كاباك” و”ماما أوكلو” و”إنتي” في عروض بصرية مذهلة.
وتتحول ساحة “بلازا دي أرماس” إلى مركز للفرح والرقص التقليدي، مع فرق موسيقى تمثل الطبيعة وأرواح الأجداد، والراقصين بأردية مزركشة ترمز للجبال والشمس والطبيعة.
ويمتد الاحتفال لأسبوع كامل، حيث تتحول شوارع “بونو” إلى معرض للحرف اليدوية التقليدية، وتقدم النساء سجادات ملونة تحكي قصص تراثية، بينما تعرض المسرحيات الأسطورية الأخرى، مثل أسطورة “فيراكوتشا” إله الخلق و”باتشامام” أم الأرض، لتمنح الحضور لمحة عن التراث الروحي العميق للإنكا.
عند غروب الشمس في آخر أيام الاحتفال، يبقى صدى يوم “بونو” في قلوب السكان والزوار، مؤكدًا أن الأساطير والتقاليد لا تزال حيّة، وأن هوية الإنكا وجذورها مستمرة في الثقافة الحية للمدينة، حيث تعود عصا “مانكو كاباك” الذهبية لتغوص في الأرض في مخيلة شعب يرفض نسيان ماضيه ويحيي أساطيره عبر الرقص والغناء.














