| زينب سلهب |
شهدت مسيرة حرب السودان التي بدأت في نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منعطفات عديدة، من أبرزها سيطرة الدعم السريع على مدينة مدني وأجزاء من ولاية الجزيرة، ثم تمدده إلى ولاية سنار جنوب شرق البلاد، والذي أعقبه هجوم مضاد من الجيش وحلفائه توج باستعادة ولاية الخرطوم، ما فتح الباب أمام حقبة جديدة تحتمل 3 خيارات:
استمرار الحرب عبر جولات إضافية من القتال في ولايات دارفور وكردفان لتنتهي بفك الحصار عن مدينة الفاشر مركز إقليم دارفور.
الانتقال إلى تسوية سياسية تُبنى على توازن القوى الذي أفرزته معركة الخرطوم.
المضي في حرب استنزاف طويلة الأمد، وهو الخيار الذي سارت باتجاهه مجريات القتال مع سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر.
الأسباب الأساسية للحرب في السودان
كانت الشراكة بين الجيش وقوات الدعم السريع هشة بعد الإطاحة بحكومة مدنية في انقلاب تشرين الأول 2021، وهي الخطوة التي عرقلت انتقال السلطة من حكم عمر البشير الذي أطيح به في عام 2019.
بلغ الخلاف ذروته بسبب خطة مدعومة دولياً، لإطلاق فترة انتقالية جديدة مع القوى المدنية.
كان الأمر يتطلب من كل من الجيش وقوات الدعم السريع التنازل عن السلطة بموجب الخطة، وظهر الخلاف بشأن مسألتين على وجه الخصوص، الأولى هي الجدول الزمني لدمج قوات الدعم في صفوف الجيش. والثانية هي تسلسل القيادة بين الجيش وقادة قوات الدعم السريع ومسألة الإشراف المدني.
كما تنافس الطرفان المتحاربان على مصالح تجارية مترامية الأطراف سعى كل طرف إلى حمايتها.
الطرفان الرئيسيان في الحرب
الطرفان الرئيسيان في الصراع على السلطة هما الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الحاكم منذ عام 2019، ونائبه السابق في المجلس قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.
كوّن حميدتي ثروة من مناجم الذهب ومشروعات أخرى، ويتولى أفراد من عائلته وقبيلته أدوارا بارزة، ويشكل إقليم دارفور في غرب البلاد قاعدة قوته حيث تأسست قوات الدعم السريع من رحم ميليشيات قاتلت إلى جانب القوات الحكومية لسحق متمردين في حرب وحشية تصاعدت بعد عام 2003.
ورغم أن الجيش بدأ الحرب بقدرات متفوقة، مثل القوات الجوية، تطورت قوات الدعم السريع في السنوات القليلة الماضية لتصبح قوة مجهزة تجهيزاً جيداً ومنتشرة في أرجاء السودان.
وتمركزت وحدات قوات الدعم السريع خلال الأيام الأولى من الحرب في أحياء بأنحاء العاصمة، كما أحرزت تقدماً سريعاً بحلول نهاية عام 2023 لتُحكم قبضتها على إقليم دارفور وتسيطر على ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم، وهي منطقة زراعية مهمة.
وبعد ذلك، استعاد الجيش بعض السيطرة في آذار 2024 بتقدمه في مدينة أم درمان، إحدى المدن الثلاث التي تشكل العاصمة الكبرى، لكن قوات الدعم السريع تقدمت مرة أخرى لاحقاً في ولايات سنار والنيل الأبيض والقضارف. واندلعت معارك ضارية حول مدينة الفاشر، معقل الجيش في ولاية شمال دارفور، في حين شن الجيش هجوماً جديداً لاستعادة السيطرة على العاصمة.
السودان بعد حرب العامين
أحيت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالبشير الآمال في أن يتمكن السودان وسكانه البالغ عددهم نحو 45 مليون نسمة، من التخلص من الاستبداد والصراع الداخلي والعزلة الاقتصادية التي استمرت ثلاثة عقود تحت حكم البشير المدعوم من الحركة الإسلامية.
لكن استمرار الحرب لنحو عامين، ألحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية، وأجبر أكثر من 12 مليوناً على النزوح، وعرّض نصف السكان لمستويات كارثية من الجوع.
في آب 2024 اعلنت منظمات انسانية وقوع المجاعة في منطقة واحدة من إقليم دارفور، وزاد العدد في كانون الأول إلى خمس مناطق، مع توقعات بتفشيها في مزيد من المناطق.
كما قُتل عشرات الآلاف على الرغم من أن تقديرات القتلى غير مؤكدة. وفرّ مئات الألوف إلى مصر وتشاد وجنوب السودان، وعبرت أعداد أقل إلى إثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.
للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتساب”، إضغط على الرابط
https://chat.whatsapp.com/KcTcdtSlZ5a0SaZPTZsoiV?mode=ems_copy_c














