شهد عام 1816 استثنائية نادرة، إذ مرّ دون فصل الصيف في نصف الكرة الأرضية الشمالي، ما جعل أوروبا وأمريكا الشمالية تعيشان ما أصبح يُعرف بـ”عام بلا صيف”، الأمطار الباردة المستمرة وتساقط الثلوج في يونيو ويوليو حولت المدن والمزارع إلى مناطق مظلمة وباردة، بينما كانت البحار مضطربة وعواصف قوية تعصف بالسواحل.
وفي نيو إنجلاند، تساقطت الثلوج خلال الصيف، وبقيت الأنهار متجمدة في ولاية بنسلفانيا. وفي أوروبا، هبت العواصف وارتفعت منسوبات الأنهار، فيما هطل المطر في أيرلندا بلا توقف لثمانية أسابيع متتالية.
صحيفة “نورفولك” في فيرجينيا وثقت الطقس القاسي قائلة: “نادرًا ما ظهرت الشمس، والسماء ملبدة بالغيوم، والهواء رطب وبارد لدرجة أن الجميع لجأوا إلى المدفأة”.
جون كوينسي آدامز، الذي كان آنذاك سفيرًا في لندن ولاحقًا رئيسًا للولايات المتحدة، كتب في مذكراته أنه لم يستطع مغادرة منزله بسبب الأمطار الغزيرة والرعود في أوائل تموز.
وبالرغم من صقيع نصف الكرة الأرضية الشمالي، سجلت الإمبراطورية الروسية درجات حرارة أعلى من المعتاد، بينما أدى الانخفاض العالمي في درجات الحرارة إلى تعطيل الرياح الموسمية في آسيا وحدوث جفاف.
وظل لغز “عام بلا صيف” قائمًا لعقود، حتى عام 1920 عندما افترض العالم الأمريكي ويليام همفريز أن السبب الرئيسي هو ثوران بركان جبل تامبورا في جزيرة سومباوا الإندونيسية في أبريل 1815. استمر ثوران البركان لأربعة أشهر، وبلغت قوته سبع درجات على مقياس الانفجارات البركانية، مخلفًا أكثر من 70 ألف قتيل، وهو أكبر عدد ضحايا مسجل في تاريخ الكوارث البركانية.
وأرسل البركان نحو 150 كيلو مترًا مكعبًا من الرماد إلى الغلاف الجوي، وارتفع عمود الرماد البركاني لمسافة 40 كيلومترًا، مما حدّ من وصول أشعة الشمس إلى الأرض. أدى ذلك إلى هطول أمطار غزيرة، صقيع صيفي، تلف المحاصيل، مجاعات، انتشار أوبئة مثل التيفوئيد والكوليرا، واضطرابات اجتماعية واسعة.
وفي أوروبا، عزا البسطاء هذه الكارثة إلى لعنة حروب نابليون، بينما كشف العلماء بعد قرن من الزمن حقيقة أن بركان تامبورا هو السبب وراء شتاء غير مسبوق لم يعرفه التاريخ الحديث، محولًا عام 1816 إلى عام بلا صيف.
