تُعدّ الأخطبوطات من أكثر الكائنات البحرية غموضًا وذكاءً، إذ جمعت بين الأسطورة والعلم، وارتبطت عبر التاريخ بصورٍ مدهشة ومخيفة في آن. يعيش أكثر من 300 نوع من الأخطبوطات في مختلف بيئات المحيطات حول العالم، لكنها تواجه اليوم تهديدات متزايدة بفعل التغير المناخي والصيد الجائر.
ويُعتبر أخطبوط كارنارفون المكتشف حديثًا في الأعماق، الأصغر حجمًا بين الأنواع المعروفة، إذ لا يتجاوز طوله خمسة سنتيمترات، في حين يتصدر أخطبوط المحيط الهادي العملاق القائمة كأضخمها، بطول يصل إلى تسعة أمتار ووزن يقارب 270 كيلوغرامًا.
ويمثل الأخطبوط رمزًا للإبداع والذكاء والمرونة في عالم الحيوان، إذ يتمتع بجسم ناعم يمكنه تغيير شكله للمرور عبر أضيق الفتحات، وبجهاز عصبي متطور يُعد من الأكثر تعقيدًا بين اللافقاريات. وتُظهر الدراسات أن الأخطبوطات قادرة على حل الألغاز وفتح الأغطية والهروب من الأحواض، بل واستخدام الأدوات، ما يجعلها من أذكى الكائنات البحرية.
وبفضل ذاكرتها القوية وفضولها، تُستخدم في أحواض الأسماك التعليمية، حيث تُزوّد بألعاب تفاعلية لإظهار قدراتها أمام الزوار. وتشير أبحاث علمية إلى أن قلب الأخطبوط يتوقف عن النبض أثناء السباحة، ما يدفعه إلى تفضيل الزحف كوسيلة أقل إرهاقًا.
أما الأنثى فتتميز بضخامتها مقارنة بالذكر، وتضع ما بين 50 ألفًا و200 ألف بيضة، تحضنها لمدة قد تمتد من ستة أشهر إلى أكثر من أربع سنوات، وهي أطول فترة حضانة معروفة في مملكة الحيوان. وتكرّس الأم حياتها لحماية بيضها، إذ تمتنع عن الطعام حتى تموت بعد الفقس مباشرة.
كما أظهرت الدراسات أن الأخطبوط يتمتع بقدرة فريدة على تنسيق حركة أذرعه الثمانية، إذ تعمل كل ذراع بشكل مستقل تقريبًا، بفضل وجود الجزء الأكبر من خلاياه العصبية فيها، ما يمنحه قدرة خارقة على القيام بعدة مهام في الوقت نفسه، من الصيد إلى بناء المخابئ في قاع البحر.














