الجمعة, ديسمبر 5, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةسياسة"مجزرة الجرافات".. رسائل بالنار إلى "حامي ظهر" المقاومة!

“مجزرة الجرافات”.. رسائل بالنار إلى “حامي ظهر” المقاومة!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| زينة أرزوني |

بينما كانت أركان الدولة تتفاخر بـ”الهيبة” التي فرضتها على جمعية تعنى بالفن والموسيقى، ويتبارى مستشارو رئيس الحكومة في شرح كيف استطاع القانون اللبناني ـ تحت راية سلام ـ أن يحاسب الذين تجرأوا على كسر قراره وإضاءة صورة على صخرة الروشة بتعليق عمل “رسالات”، كان العدو الإسرائيلي “يجرف” السيادة اللبنانية عبر “مجزرة الجرافات”، فيما صاحب المطالعات القانونية منهمك في إستكمال “فتّية الورق”، التي يبدأها كل ليلة عند الثامنة والنصف مع أصدقائه، ولعل سبب تأخره في إصدار بيان استنكار ـ كالعادة ـ هو أن العدوان الاسرائيلي وقع فجر السبت وهو عطلة في المؤسسات الحكومية لـ”دولة السيادة”.

إثنا عشر صاروخاً دكّوا قلب المنطقة الصناعية التي يعود عمرها إلى ما قبل تأسيس كيان الاحتلال الإسرائيلي نفسه، مستهدفين أكثر من 800 جرافة وآليات ثقيلة موزعة على 6 معارض وعدد من المصانع. نعم “إسرائيل” قررت فتح حرب على أدوات الحياة وإعادة الإعمار، في رسائل ليست بحاجة إلى دبلوماسي من وزن نواف سلام لفهمها.

الرسالة الأولى: إعادة إعمار الجنوب ممنوعة

من الآن فصاعداً، كل من يلمّ حجراً أو يرفع جداراً في عيتا الشعب، أو كفركلا، أو ميس الجبل، هو مشروع هدف جوي. لا “سماح” دولياً، ولا “موافقة” أميركية، ولا تغطية أممية. الجنوب محاصر جواً.

الرسالة الثانية إلى “حامي ظهر” المقاومة

اختارت “إسرائيل” توقيت الضربة بعناية فائقة، ساعات فقط بين الرد على الرد، ولكن هذه المرة ليس من السرايا الحكومية، بل من مقاتلات “إسرائيلية” تقصف المصيلح تحديدًا، أي “العصب الشعبي والسياسي” للرئيس بري.

فرئيس المجلس كان قد وجه عتباً علنياً لرئيس الحكومة بسبب تقاعس الدولة في الوقوف إلى جانب أهل الجنوب والبقاع، فجاء الرد أن نواف سلام قرر أن يذكرنا بزيارته إلى الخيام وصوره بعد نيل الثقة بـ48 ساعة، ونسي أن أهل الجنوب طردوه منها ولم يسمحوا له بالدخول إلى القرى، لقيامه بزيارة سياحية ظناً منه أنها تكفي لإثبات الوجود، وهو ما دفع الرئيس بري إلى رد مقتضب على الرد، فيه أن “الشمس شارقة والناس قاشعة”.

أما الرد على الرد فليس وليد الصدفة.. ففي منطق العدو لا شيء يُترك للصدف. القصف على أوتوستراد المصيلح ليس مجرد استهداف منشآت. بل هو رسالة بالنار إلى رئيس المجلس: إن كنتَ “حامي ظهر” المقاومة، فنحن نعرف ظهرك جيداً.

الرسالة الثالثة: استهدفوا الجرافات… وإتركوا لنا بيئة الحزب

إذا كانت “إسرائيل” تستهدف الجرافات التي تُزيل الركام، فالحكومة اللبنانية تستهدف من يحاول أن يُضيء شمعة فنية في عتمة الحرب. فجمعية “رسالات”، التي تروّج للفن المقاوم، أضحت الخطر الأكبر على “السيادة”، في عرف حكومة تعتبر صورة على صخرة، تهديداً أخطر مما ترتكبه “إسرائيل” بحق لبنان وشعبه.

في الداخل اللبناني، هناك جيش آخر يتحرّك، لكن ليس بجنازير ولا طائرات، بل بعناوين براقة عن السيادة، ومصطلحات مستوردة من واشنطن، وبيانات تصدر من مكاتب مستشارين “سياديين” يكتبون بالعربية لكن يفكرون بالإنكليزية.

الولايات المتحدة لا تحتاج إلى قواعد عسكرية في لبنان. لديها ما هو أنجح: عقول لبنانية تدير المعارك بالوكالة، تحت مسميات “سيادة” أو “محاربة الفساد”، بينما الهدف الأساسي واضح: خنق “حزب الله” من الداخل، بعد أن عجز الخارج عن هزيمته.

ما حصل في المصيلح ليس غارة عادية. هو عدوان صريح على شريان اقتصادي وشعبي مرتبط مباشرة بالجنوب، وبالهوية الوطنية للبقاعيين والجنوبيين، وهو استهداف غير مباشر للبيئة الحاضنة لـ”حزب الله”، في معادلة صريحة: “كل من يعمّر، سنقصفه. كل من يبني، سنهدمه. كل من يبقى سندمّره”.

هنا نرى الانقلاب الحقيقي عندما الضحية تتحوّل إلى مشكلة، والمقاومة تُقدَّم كسبب للخراب، بينما العدو يُغسل من دماء الأطفال بحجج محلية: “تعلموا مما حصل في غزة”.

من يصوّب على “حزب الله” اليوم من بيروت، هو نفسه من يتلقى تعليماته من مراكز أبحاث في واشنطن وتل أبيب. لا فرق بين سياسي لبناني “سيادي” يحاضر عن “احتكار السلاح”، ومحلل “إسرائيلي” يُطالب بقصف الضاحية. كلاهما يعمل ضمن سلسلة واحدة من الحصار والتضييق، والآلية واضحة:

– تشويه صورة المقاومة عبر الإعلام: ربطها بالخراب والدمار وما يمكن أن يحدث للشعب اللبناني.

– تفكيك حضور المقاومة الشعبي: منع النشاطات الثقافية، إغلاق الجمعيات، تضييق الخناق على المدارس والمراكز الصحية والاقتصادية التي تحمل هوية مقاومة.

– خلق “نموذج الدولة لا الدويلة”: حيث الحكومة “السيادية” تتباهى بإطفاء صورة، لكنها لا تحرك ساكناً أمام القصف.

قد تكون “إسرائيل” لا تحتاج إلى احتلال الجنوب مجدداً، ولا إلى فتح الحرب مرة أخرى، فلديها أدوات في الداخل تقوم بالمهمة: تحاصر المقاومة سياسياً، تجفف منابعها الشعبية، وتحاصر بيئتها اقتصادياً، وكل ذلك بـ”شرعية” حكومية.

لكن من يعرف الجنوب، يعرف أن ما بُني بالدم، لا يُهدم بقرار وزاري، وأن الذين حرروا الأرض، لن يهزمهم موظفون في السفارات، مهما صرخوا بـ”السيادة”.

أما أزلام أميركا، فلهم لبنانهم… ونحن لنا جراحنا التي نلملمها بلا مِنّةٍ من أحد.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتساب” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/KcTcdtSlZ5a0SaZPTZsoiV?mode=ems_cop

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img