أشارت وكالة “شينخوا” الصينية، إلى أنه “خيمت مشاعر متناقضة من الفرح والحزن والقلق على الفلسطينيين في قطاع غزة، بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس بعد حرب مدمرة استمرت عامين، وخلفت عشرات الآلاف من القتلى”.
ولفتت إلى أنّه “مع الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق، شهدت شوارع غزة أجواء احتفال ممزوجة بالدموع، حيث خرج مئات السكان إلى الشوارع في مختلف المناطق، ملوحين بالأعلام الفلسطينية ومرددين هتافات ترحب بوقف إطلاق النار”.
وقال حسين الهندي، وهو نازح من بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، لوكالة أنباء “شينخوا” إنه يشعر بمزيج من المشاعر يصعب وصفها بعد إعلان وقف إطلاق النار.
وأضاف: “أريد أن أبكي وأرقص في الوقت نفسه. انتهت الحرب أخيراً، وتوقف الموت الذي كان يلاحقنا كل يوم. طوال عامين لم نعرف طعماً للنوم أو للطمأنينة، كنا نعيش على أصوات الانفجارات وصرخات الجرحى”.
وتابع الهندي، وهو أب لثلاثة أطفال يقيم مع أسرته في خيمة مؤقتة منذ تدمير منزله قبل عام، “ما زلت لا أصدق أن الحرب توقفت فعلاً، أستيقظ في الصباح وأتساءل إن كانت الغارات ستعود من جديد”.
وذكر أنّ “كل ما نريده الآن هو أن نعيش حياة طبيعية، أن نعيد بناء بيوتنا، وأن نرى أطفالنا يذهبون إلى المدرسة بدل أن يختبئوا تحت الركام”.
وقال: “فرحتنا كبيرة لكننا نخاف أن تكون مؤقتة. نريد وقفاً دائماً لإطلاق النار، نريد أن تنتهي هذه المأساة إلى الأبد. غزة أنهكتها الحرب، لكننا ما زلنا نؤمن أن السلام ممكن إذا صدقت النوايا”.
أما عبد المجيد هنية، وهو نازح من مدينة دير البلح، فعبّر عن ارتياحه الشديد لوقف إطلاق النار رغم خسائره الكبيرة، في تصريح لوكالة “شينخوا”.
وقال الرجل الذي فقد ابنه في غارة جوية إسرائيلية سابقة: “الموت توقف، وهذا هو الأهم. لا شيء يعوض فقدان ابني، لكن على الأقل لن يموت أطفال آخرون كما مات هو”. وتابع: “من الصعب أن أفرح كاملاً، لكنني سعيد بأن هذه المأساة انتهت”.
ورغم الأجواء الاحتفالية، فإن العديد من الفلسطينيين في القطاع أبدوا قلقهم من غموض بعض بنود الاتفاق، خاصة المتعلقة بمستقبل إدارة القطاع بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، ومصير سلاح الفصائل الفلسطينية، وهو مطلب رئيسي تطرحه إسرائيل لإنهاء الحرب بشكل كامل، وفق ما نقلت وكالة “شينخوا”.
وقال عابد دهمان، وهو نازح من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، للوكالة، إن الاتفاق “يمثل لحظة تاريخية طال انتظارها”، مضيفا “كل شيء تغير هنا. غزة التي نعرفها لم تعد موجودة تقريباً، لكن هذا لا يمنعنا من الشعور بالفرح. على الأقل، سنبدأ من جديد”.
وأشار المحلل السياسي من غزة حسام الدجني لـ”شينخوا”، إلى أنّ الاتفاق “يشكل تحولا مهماً نحو إنهاء الحرب، لكنه لا يعني أن الصراع انتهى بالكامل”.
ولفت إلى أن “تطبيق بنود الاتفاق على الأرض سيحتاج إلى ضمانات دولية واضحة لضمان التزام الطرفين وعدم حدوث أي خرق محتمل”.
وشدد على أن “الضمانات يجب ألا تكون شكلية، بل فعلية ومتابعة ميدانية مستمرة، خاصة أن التجارب السابقة علمتنا أن غياب الرقابة يؤدي إلى انهيار الهدن سريعا”.
وأضاف أن “الاتفاق يمثل فرصة نادرة لإعادة ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني وإطلاق مسار لإعادة الإعمار، لكن التحدي الأكبر يكمن في اليوم التالي للحرب، أي في كيفية إدارة القطاع، وتأمين الاحتياجات الإنسانية العاجلة لمليوني مواطن فقد معظمهم مساكنهم ومصادر رزقهم”.
وتابع قائلا إن “المرحلة المقبلة تتطلب جهدا سياسيا مكثفا من جميع الأطراف الفلسطينية لتوحيد الموقف الداخلي، فالمشهد لا يحتمل الانقسام بعد الآن. هناك حاجة إلى رؤية وطنية موحدة لإعادة بناء المؤسسات، وتثبيت الأمن، وفتح المجال أمام عودة الحياة الطبيعية”.
وشدد الدجني على أن “وقف الحرب لا يعني نهاية المعاناة، فغزة اليوم تحتاج إلى أكثر من مجرد اتفاق؛ تحتاج إلى إرادة دولية تضمن عدم تكرار المأساة، وإلى مشاريع تنموية حقيقية تعيد الأمل للناس وتمنع عودة دورة العنف من جديد”.














