شهدت فرنسا تطوراً قضائياً لافتاً تمثل في رفض محكمة الاستئناف الإدارية الأدلة التي قدّمتها المخابرات الداخلية الفرنسية (DGSI) ضد باحثة لبنانية شابة من معهد IMT Nord Europe في مدينة ليل، كانت قد رُحّلت عام 2023 بتهمة تشكيل تهديد للأمن القومي عبر صلات مزعومة مع “حزب الله”.
قضية الباحثة اللبنانية تعود إلى آب/ أغسطس 2023 حين ألغى محافظ “نورد” تصريح إقامتها استناداً إلى مذكرة غير موقّعة من المخابرات الداخلية الفرنسية(DGSI) ، وصنّف وجودها بأنه “تهديد للأمن العام”.
واعتبرت المخابرات أن الباحثة أسست شبكة طلابية في مدينة ليل لتعزيز “الجناح العلمي” لـ”حزب الله”، ما قد يسهم في تطوير القدرات العسكرية للتنظيم المصنف إرهابياً أوروبياً.
المذكرة الأمنية أشارت أيضاً إلى محاولتها إنشاء جمعية لتقديم الدعم المالي للطلاب اللبنانيين عبر قنوات مشبوهة، واستخدام حسابات تواصل اجتماعي مرتبطة بمؤيدين لـ”حزب الله”.
لكن الباحثة ومحاميها مازن فقيه نفيا هذه التهم وأكدا أن عملها العلمي يتمحور حول إعادة التدوير وتحليل الانبعاثات الملوثة، وهو متاح للعامة عبر الإنترنت.
محكمة مدينة ليل الإدارية ألغت قرار الترحيل في ديسمبر 2023، لكن محافظ نورد استأنف أمام محكمة “دواي” الإدارية العليا. في 17 أيلول/ سبتمبر 2025، قضت الأخيرة بعدم وجود أدلة كافية على الاتهامات، معتبرة أن المذكرة البيضاء تفتقر إلى الدقة ولا تثبت أي نشاطات مرتبطة بدعم الإرهاب.
هذه القضية تندرج ضمن سياق أوسع من تشديد السلطات الفرنسية مراقبتها للجاليات اللبنانية والأنشطة الأكاديمية الحساسة، خصوصاً مع تصاعد المخاوف الأوروبية من استخدام البحث العلمي كغطاء لبرامج مرتبطة بـ”حزب الله” أو إيران.
لكنها تكشف أيضاً عن ثغرات قانونية في كيفية بناء الملفات الأمنية واعتمادها على تقارير استخباراتية يصعب تثبيتها قضائياً.
الحكم القضائي لا يُعد فقط انتصاراً قانونياً للباحثة اللبنانية، بل يضع المخابرات الفرنسية في موقف حرج أمام القضاء والرأي العام، خاصة مع تزايد الانتقادات حول “تسييس” بعض الملفات الأمنية.
القضية قد تُعيد فتح النقاش في فرنسا حول حدود الرقابة الأمنية في الأوساط الأكاديمية، ومدى قدرة الأجهزة الاستخباراتية على تقديم أدلة ملموسة تتجاوز الشبهات والافتراضات.














