آخر محطات الاشتباك المفتعل بين المكوّنات الداخلية – وربما ليست الأخيرة في هذا الجو الداخلي المنقسم على ذاته – كانت على حلبة الملف الإنتخابي، مع تحوّل الجلسة التشريعية لمجلس النواب، إلى حفلة مزايدات عبثية حول القانون الإنتخابي وتراشق الاتهامات بتطيير الانتخابات النيابية، التي يُفترَض أن تجري خلال الـ60 يوماً السابقة لانتهاء ولاية المجلس الحالي في 31 أيار المقبل، أي بين شهرَي نيسان وأيار المقبلَين.
ما جرى في مجلس النواب خلال جلسة التشريع أمس، قدّم صورة مصغّرة تمهيدية للمعركة السياسية القاسية الواقعة حتماً على حلبة الملف الإنتخابي، وكانت واضحة للعيان الحملة المنظّمة شكلاً ومضموناً من قِبل جهات نيابية قواتية وكتائبية وسيادية وتغييرية، لفرض تعديل القانون الإنتخابي النافذ، بما يمنح المغتربين حق الإنتخاب لكل أعضاء المجلس النيابي، وليس حصر هذا الحق بالنواب الـ6 على مستوى القارات الـ6. وكانت لافتة ملاحظة أبداها رئيس مجلس النواب نبيه بري إزاء ما يثار حول الموضوع الانتخابي: «كفى محاولات لتجاوز قانون الإنتخاب الحالي».
وإذا كانت الحفلة قد أفضت إلى انسحابات قواتية وكتائبية من جلسة التشريع، بالإضافة إلى تعليق «القوات» مشاركتها في اجتماعات اللجنة المعنية بحث الملف الإنتخابي وبعض التعديلات المقترحة، وذلك كتعبير اعتراضي على عدم استجابة رئاسة المجلس لمطلبها بطرح التعديل المقترح حول المغتربين على مائدة الدرس والإقرار في الهيئة العامة، إلّا أنّ مرجعاً كبيراً أبلغ إلى «الجمهورية»، أنّ «إصرار هذه الجهات النيابية على طرح هذا الأمر في هذا التوقيت، وقفزها فوق المهمّة المولجة باللجنة النيابية المعنية بدراسة الملف الإنتخابي وما يُحيط به من اقتراحات وتعديلات، هو أمر مستغرب حتى لا أقول إنّه مريب، ولا أستبعد أنّه يُخفي رغبة في التصعيد السياسي حول القانون الإنتخابي لتطيير الإنتخابات».
ولفت المسؤول عينه إلى «أنّ الطريقة التي تُطرح فيها الأمور تنمّ عن رغبة جامحة من قِبل بعض الأطراف لفرض إرادتها على كلّ المكوّنات السياسية في البلد. فهناك قانون نافذ بصرف النظر عن مضمونه، وتعديله ممكن وحق للنواب من كلّ الاتجاهات، لكن ليس بهذه الطريقة الاستعلائية تُطرَح التعديلات. ثم ليس خافياً على أحد أنّ تصويت المغتربين لكل أعضاء المجلس ثَبُتَ أنّه لا يُحقّق العدالة، ويَصبّ في مصلحة أطراف دون غيرهم، ومن هنا تصويت المغتربين تجرّب في الانتخابات التي أنتجت المجلس النيابي الحالي، ومَن جرَّب المجرّب كان عقلو مخرّب».
وفي موازاة الأصوات النيابية التي ارتفعت من جهات سياسية مختلفة لتأكيد حق المغتربين بالتصويت لكل أعضاء المجلس النيابي، وتُلقي باللائمة على رئاسة المجلس النيابي تحديداً في قطع الطريق على إرادة الشريحة الواسعة من النواب التي تنتصر لهذا الحق، أكّدت مصادر مسؤولة لـ«الجمهورية»، «أنّ الساحة البرلمانية مقبلة على اشتباك كبير، من الصعب التكهّن بمجرياته مسبقاً أو بالاحتمالات التي ستترتب عليه، ومن ضمنها احتمال أن يؤدّي هذا الإشتباك إلى خلق ظروف تفرض تأجيل الإنتخابات، وبالتالي التمديد للمجلس النيابي لسنة أو سنتَين».















