الإثنين, ديسمبر 22, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةسياسة"جمهورية الليزر" و"عهد الصخرة"!

“جمهورية الليزر” و”عهد الصخرة”!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| زينة أرزوني |

“تمخّض الجبل فولد تعميماً”.

نواف سلام، الذي أتى على حصان أبيض من الأمم المتحدة، حاملاً سيف “الإصلاح والدولة”، قرّر أن اللحظة الحاسمة في بناء الدولة تبدأ من… صخرة الروشة!

لا من إصلاح القضاء، ولا من وقف الانهيار الاقتصادي، ولا من ضبط الحدود والمعابر، ولا حتى من وقف الانتهاكات الاسرائيلية… بل من منع “الصورة” على صخرة بحرية قديمة، يُضاء عليها كل فترة علم دولة إستعمرت لبنان أو وجه أمير خليجي، أو حتى شعار أحد تطبيقات المواعدة. لكن فجأة: الآن فقط.. تحرّكت الدولة!

أصدر سلام تعميماً “ثورياً” طلب فيه “التشدد بمنع استخدام الأملاك العامة من دون تراخيص”. ظاهر القرار قانوني ومنطقي، لكن باطنه سياسي ـ أمني بامتياز. فبينما البلاد تغرق في أزمات، قرّر سلام أن معركته هي… صخرة، وخصمه: صورة شهيدين يشكلان وجدان جزء كبير من اللبنانيين.

السؤال: هل نواف سلام بصدد تطبيق “العدالة الانتقائية”، أم أنه يُكمل مهمته كـ”رئيس حكومة بالوكالة” عن مشروع دولي أكبر؟

هل صدّق فعلًا أن محو وجه من على صخرة، قد يمحو حضور هذا الوجه في قلوب الملايين؟

لنكن واضحين.. لا أحد يعارض تنظيم استخدام الأملاك العامة. ولكن أين كان هذا الحرص عندما أُضيئت الصخرة بعلم فرنسا المستعمر السابق؟ أو بصور ملوك وأمراء خليجيين؟ أين كانت “عزّة الدولة” حين وُضع اسم لبنان على خريطة الجغرافيا السياسية كساحة تصفية حسابات دولية وإقليمية؟

الجواب بسيط: لم يكن هناك أمر عمليات بعد.

أما اليوم، فجاءت التعليمات واضحة على لسان توم براك، المبعوث الأميركي إلى سوريا، حين قال: “الحكومة الحالية جيدة… لكنها لا تفعل شيئًا”.

وبما أن “شيئًا” يجب أن يُفعل، قرّر نواف سلام أن يبدأ من وجه الشهيد السيد حسن نصرالله والشهيد السيد هاشم صفي الدين على صخرة… عظيم هذا الأمر!

سلام الرئيس الذي يُضيء اليوم باللايزر عتمة الفتنة!

ردود الشارع لم تتأخر، فالغضب الشعبي، وخصوصاً الشيعي، لم يكن على مجرد صورة، بل على ما تمثله الصورة من رمزية وتوقيت، وما يعكسه القرار من انحياز سياسي واضح.

ووسط هذا الجو المشحون، هل نسي نواف سلام أن هذه البلاد تتنفس من أنف طوائفها، وأن اللعب بالرموز هو لعب بالنار؟

هل يُعقل أن رئيس حكومة يتصرف وكأنه حاكم عسكري لمنطقة غير خاضعة له شعبياً ولا سياسياً؟

وهل ظنّ فعلاً أنه بهذا القرار، سيكسب الشارع المسيحي أو السني أو الدولي؟ أم أنه يُراكم الفشل فوق الفشل، ويثبت مرة جديدة أنه جزء من حكم الوصاية الأميركية على لبنان، ويزيد منسوب الاستفزاز في لحظة إقليمية لا تحتمل مزيداً من التوتر الداخلي؟

سلام الذي يبتز الطائفة الشيعية بمشاعرها، ابتزها مسبقاً بإعادة الإعمار، فمنذ العدوان الاسرائيلي على لبنان وحتى اليوم تنتظر آلاف العائلات جنوباً ترميم منازلها.

عرض وزير المالية ياسين جابر تخصيص 50 مليون دولار، فرفض سلام، بحجة “الاعتماد على المجتمع الدولي”، متناسياً أن المجتمع الدولي الذي ينتظره لا يأتي إلا بعد خراب البيوت… أو عند صناديق الاقتراع.

سلام يريد إعادة الإعمار فقط إذا كانت ورقة ضغط سياسية وانتخابية.

يريد أن يقنع “المجتمع الدولي” أنه زعيم الشيعة المعارضين لـ”حزب الله”، علّه يخرق بـ7 مقاعد نيابية، كما يحلم، أو كما يوهمه مستشاروه ومن كتبوا له تاريخه “الممتاز”.

لكن الحقيقة.. حتى الآن، الرجل لم ينجح سوى في إغضاب طائفة، واستفزاز شارع، وإثبات أنه لا يحكم بقراره، بل بما يُملَى عليه.

أيها اللبنانيون، لا تنخدعوا: لسنا أمام مشروع دولة، بل أمام “مشروع صخرة”، يظنّ صانعه أن نور الشهداء يُطفأ بقرار إداري، وأن العدالة تُقاس على قياس من يُعجب السفارات.

نواف سلام، يا حضرة الرئيس، الشعب لا يريد منك أن تمنع الصور، بل أن تمنع الذل، أن تمنع الفقر، أن تمنع الاحتلال، لا أن تمنع الإضاءة!

أما أنتم، يا أصحاب السرايات، فتذكّروا: لا يُبنى وطن بإطفاء صورة، ولا يُلغى حزب بقرار، ولا تُستفزّ طائفة ثم يُطلب منها الهدوء.

وبما أنك اخترت أن تكون رئيسا لـ”هيئة حماية الصخرة”، فدعنا نذكّرك: الشعب سيُنير صورته، لا على صخرة، بل في صندوق الاقتراع، وسيرسل القرار الحقيقي… باللايزر أيضاً، ولكن من صناديق الجنوب، لا من فوق السراي.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتس اب” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/KcTcdtSlZ5a0SaZPTZsoiV?mode=ems_copy_c

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img