الثلاثاء, ديسمبر 9, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةسياسةحتى لا "يُغتال" القرار 1701 مرّتين!

حتى لا “يُغتال” القرار 1701 مرّتين!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| جورج علم |

تستحوذ مشاركة لبنان في إجتماعات الدورة العاديّة للجمعيّة العامة للأمم المتحدة، على قدر من التشاور بين كبار المسؤولين.

تنطلق أعمال الدورة في النصف الثاني من هذا الشهر، وعلى جدول أعمالها مواضيع مصبوغة بالأحمر القاني من أوكرانيا إلى غزّة، ومن القضيّة الفلسطينيّة إلى سائر القضايا الكونيّة المكلومة.

يدور التشاور حول رئاسة الوفد الرسمي. هل سيكون برئاسة رئيس الجمهوريّة، أو رئيس الحكومة؟ ومن يفترض أن يضمّ من الأكفاء أصحاب الإختصاص والخبرة، كأعضاء؟ وما هي الأولويات التي يفترض التركيز عليها؟ وهل من لقاءات يفترض القيام بها مع رؤساء وفود مشاركة؟ وما هو الموقف اللبناني الرسمي من القضايا الكبرى المطروحة على جدول الأعمال الدورة؟

التحضير قبل الإنطلاق، ضرورة، كون حركة الوفود الزائرة من دون بركة، ومضيعة للوقت، ونوع من المورفين المخدّر للوجع المصيري الذي يتحكّم بمفاصل الوطن. وكون المشاريع التوسعيّة ـ التفتيتيّة التي تنفّذها “إسرائيل” بدعم واضح من الإدارة الأميركيّة، بدأت تطلّ برأسها من الجنوب، باسم “الشريط الحدودي العازل”، و”منطقة ترامب الصناعيّة”.

ولا جدال أن مصير القرار 1701، يجب أن يتصدّر أولويّة الإهتمام في نيويورك، كونه يتعرّض لمحاولة إغتيال. الإدارة الأميركيّة الحاليّة تتجاهله. مورغان أورتاغوس، وتوم برّاك لم يأتيا على ذكره، إلاّ لماماً، فيما “إسرائيل” تعلن رفضها له، والسعي إلى تجاوزه، والمضي قدماً في مشروعها التوسعي غير عابئة بقرارات مجلس الأمن، وشرعة الأمم المتحدة.

هناك مؤشرات مقلقة.

الأول: إن التمديد للقوات الدوليّة العاملة في الجنوب “اليونيفيل”، هو الأخير وفق القرار الصادر عن مجلس الأمن نهاية آب الماضي.

ودار نقاش طويل داخل القاعة، وخارجها، حول الدور والماهيّة، إلى أن تمّ تفاهم أميركي ـ فرنسي على التمديد سنة، ومن ثم تبدأ مرحلة التحضير للمغادرة بعدما وصلت إلى لبنان بُعيد 19 آذار 1978، وأمضت ما يكفي من السنوات تحت شعار مساعدة الجيش، والقوى الشرعيّة اللبنانيّة على بسط السيادة الوطنيّة على كامل التراب اللبناني في الجنوب.

الحقيقة أن هذه القوّة قد انتدبت لتنفيذ قرارات مجلس الأمن بدءاً بالقرارين 425 و426 ـ (آذار1978) – وصولاً إلى القرار 1701، (آب 2006). المهمّة لم تنجز، فيما المهلة قد أنجزت، وآن أوان المغادرة، والإستعداد لها، وهذا ما أفضى إليه النقاش الذي غاص في الأسباب الشائكة المحيطة بالوضع الجنوبي المعقّد، وقد نجحت كلّ من واشنطن وتل أبيب في تقييده، وحرفه عن الهدف الأساس، وحصره بالمواجهة المفتوحة ما بين “حزب الله” و”إسرائيل”، خصوصاً بعدما ذهب “الحزب” إلى خطّ المواجهة مساندة لحركة “حماس”، ودفاعاً عن قطاع غزّة.

حاول لبنان الرسمي رفع الصوت، وإقناع الدول الكبرى بأن المهمة لم تنجز، ولم يطبّق القرار الدولي حتى يصار النظر بوضع “اليونيفيل”، لكن صوته لم يُسمع، لأن الدعاية الإسرائيليّة كانت قد رسخت قناعة لدى المجتمع الدولي بأنها تواجه إيران في لبنان، وأن “حزب الله” قد حوّل الجنوب إلى ساحة للمواجهة، وهو يتصرّف بمقدّراته، وكأنه ملكيّة خاصة لا شأن للدولة به.

الثاني: إن لبنان قد ركّز في الآونة الأخيرة على إتفاق وقف إطلاق النار ـ (27 تشرين الثاني 2024) ـ كأولويّة، والسعي المستميت إلى حمل “إسرائيل” على التقيّد بأحكامه، وأغفل الإهتمام بالقرار 1701، وضرورة العمل على وضعه موضع التنفيذ.

لقد كشفت هذه الثغرة مقداراً من العيوب التي تعتري الدبلوماسيّة اللبنانية في هذه المرحلة المصيريّة.

لو كان على رأس هذه الدبلوماسيّة شخصيّة مرموقة، معروفة من قبل الدول الشقيقة والصديقة، وتحظى بإحترام وصيت ذائع لدى عواصم دول القرار، وصاحب ديناميّة هادفة لا تهدأ، وأسلوب – مفتاح في تقديم الحجج والذرائع لإقناع الدول المقتدرة بصوابيّة الموقف اللبناني من القرار الأممي، ومن دور “اليونيفيل”، والمهمّة التي إنتدبت من أجلها… لما كان لبنان قد وصل إلى ما وصل إليه.

مع الأسف الشديد هناك معادلة جديدة تأخذ طريقها نحو التنفيذ خطوة بعد خطوة في الجنوب على حساب القرار 1701، وعلى حساب السيادة، وسلامة التراب الوطني، وسط ملهاة لا تنتهي فصولاً عنوانها تطبيق إتفاق وقف إطلاق النار!

الثالث: هناك رئيس ـ تاجر، ومطوّر عقاري ناجح، في البيت الأبيض، همّه المال، والإقتصاد، وسهم البورصة، والتعرفة الجمركيّة… يبيع المواقف الناريّة الإستفزازيّة، ويشتري بالمقابل الإنصياع، والرضوخ، والتجاوب مع إملاءاته، تجنّباً للأسواء، وتحاشياً للأعظم.

رفض الرئيس ترامب تمويل “اليونيفيل”، والولايات المتحدة المموّل الأكبر، وتعاطى مع الموضوع، وفق ما هو معلن، بأسلوب “البزنس”، الربح والخسارة، ورأى أن لا مصلحة لبلاده في تبذير مالها على قوة حفظ السلام في الجنوب، وبالتالي يجب سحب هذه القوات، أو ـ في أقلّ الواجب ـ حجب التمويل الأميركي عنها، وتحميل الدول الأخرى المتحمّسة لبقائها، وإستمراريتها، تأمين تمويلها وإحتياجاتها لضمان إستمراريتها، ولكن طبقاً للشروط الأميركيّة ـ الإسرئيليّة.

طبعاً، كانت عقدة التمويل بمثابة ذريعة، وحجة، لما هو أدهى، لأن الهدف المركزي “شطب” القرار 1701، وفق المخطط الأميركي ـ الإسرائيلي نحو “الشرق الأوسط الجديد”، على أن تبدأ عمليّة الشطب بنزع ورقة التين عن العري الذي تعاني منه القوات الدوليّة، والمطالبة بسحبها، مع وعد بدعم الجيش اللبناني كي يكمل مهمّة إنتشاره في الجنوب.

قبل أن يغادر وفد لبنان إلى الأمم المتحدة عليه أن يتحرّر من الأوهام، ويسعى إلى إقناع الدول الصديقة، والشقيقة، بأولويات ثلاث:

–      ضرورة وضع القرار 1701 موضع التنفيذ كاولوية لا تتقدّم عليه أية أولويّة أخرى.

–      ضرورة التشبث بقوات “اليونيفيل” حتى تنجز ما انتدبت من أجله في الجنوب، ولتمكين الدولة اللبنانيّة من بسط كامل سلطتها على أراضيها.

–      ضرورة إقناع الولايات المتحدة بأن تطبيق إتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب هو أولوية في الالتزام والإحترام. وإرغام “إسرائيل” على الإلتزام بمندرجاته. وإحترام الولايات المتحدة لمصداقيتها كونها الراعي لهذا الإتفاق، والضامن لتنفيذه. وهذه المصداقية هي الآن أمام إمتحان.. وعلى المحكّ!

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتس اب” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/D1AbBGEjtWlGzpr4weF4y2?mode=ac_t

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img