الثلاثاء, ديسمبر 9, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةشريط الاحداثالذكاء الاصطناعي قد يعرف مرضك قبل أن تعرفه!

الذكاء الاصطناعي قد يعرف مرضك قبل أن تعرفه!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

في تحول ملفت في مسار السياسة الصحية الأوروبية، لم تعد الحكومات تكتفي بالبحث عن العلاج بعد ظهور المرض، بل تسعى الآن لاستباق الخطر عبر الذكاء الاصطناعي، الذي بات شريكًا للعلماء وصنّاع القرار في مواجهة التهديدات الوبائية القادمة.

ففي تقرير حديث للوكالة التنفيذية الأوروبية للصحة والرقمنة تحت عنوان “أفق أوروبا 2025″، كشفت المفوضية الأوروبية عن مبادرة طموحة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في بناء منظومة وقائية قادرة على التنبؤ بانتشار الأوبئة قبل تفشيها. ويعتمد هذا المشروع على تحليل بيانات ضخمة تشمل السجلات الطبية، ومياه الصرف الصحي، والتغيرات المناخية، والمؤشرات البيئية.

وقد خُصصت للمبادرة ميزانية أولية تصل إلى 35 مليون يورو، توزع بين الفرق البحثية المشاركة، مع إمكانية مضاعفتها إلى 80 مليون يورو في بعض الحالات، ما يعكس حجم الرهان الأوروبي على الذكاء الاصطناعي كأداة لحماية الصحة العامة.

التجربة الإسبانية مثّلت نموذجًا رائدًا، حيث شرعت مدريد في تطوير نظام متكامل لرصد الفيروسات في مياه الصرف الصحي باستخدام خوارزميات ذكية قادرة على التنبؤ بموجات العدوى قبل ظهورها سريريًا، مما أتاح للسلطات التدخل المبكر وتقليص دائرة التفشي.

وفي حديث لصحيفة إلباييس، حذّرت عالمة الفيروسات مارغريتا ديل فال من أن التغيرات المناخية قد تُدخل أوروبا في زمن وبائي جديد، حيث تهاجر فيروسات المناطق الاستوائية مثل “زيكا” و”حمى الضنك” شمالًا، مستفيدة من ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة. وهنا، يكمن دور الذكاء الاصطناعي في تتبع حركة البعوض الناقل ودمجها مع بيانات الطقس لتحديد المناطق المهددة بدقة عالية.

لكن ديل فال شددت على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الخبرة البشرية، بل يجب أن يكون أداة مساعدة تتطلب عينًا علمية تراقب وتفسر. فالخطر قد يظهر أولاً في إشارة صغيرة داخل خوارزمية، تحتاج إلى عقل بشري لربطها بالواقع.

التحدي الأبرز الذي تواجهه هذه المبادرات ليس تقنيًا فقط، بل اجتماعيًا أيضًا. فنجاح المنظومات الذكية يتوقف على استعداد المجتمعات للامتثال لتوصياتها، ما يقتضي بناء ثقة عامة في العلماء وفي سلامة استخدام البيانات الصحية.

وترى المفوضية الأوروبية أن هذه الخطوة تمثل تحولًا جوهريًا في النظرة إلى الصحة العامة، باعتبارها جزءًا من الأمن القومي الأوروبي، لا تقل أهمية عن الأمن العسكري أو السيبراني. كما تأتي المبادرة في سياق تنافسي عالمي مع الولايات المتحدة والصين، حيث تسعى أوروبا إلى تأكيد استقلالها الرقمي عبر نموذج أخلاقي ومتوازن لتوظيف الذكاء الاصطناعي.

إنه زمن تُصبح فيه المجاري الحضرية مناجم بيانات، والبعوض مؤشر خطر، والخوارزميات جرس إنذار. وفي هذا العالم المتغير، قد تكون أهم المعارك الصحية هي تلك التي تُخاض قبل أن تبدأ.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img