تسجّل في العالم حالة انتحار واحدة كل 45 ثانية، ما يعني وفاة مئات الآلاف من الأشخاص سنويًا بطريقة تفوق في فتكها الحروب وجرائم القتل والملاريا والإيدز وسرطان الثدي، بحسب تقرير جديد صادر عن منظمة الصحة العالمية.
وبحسب التقرير، مثّلت حالات الانتحار في عام 2021 حوالي 1.2% من إجمالي الوفيات العالمية، حيث تم تسجيل 727 ألف حالة وفاة، بمعدل بلغ 8.9 حالات لكل 100 ألف شخص. وقدّرت دراسة نشرتها مجلة “لانسيت للصحة العامة” في العام 2025 أن العدد الفعلي لحالات الانتحار في العام ذاته بلغ نحو 740 ألفًا، في إشارة إلى وجود فجوة في الإحصاءات الرسمية.
ويختلف معدل الانتحار بشكل كبير بين البلدان، حيث يتراوح بين أقل من حالة واحدة إلى نحو 40 حالة لكل 100 ألف شخص. وتُظهر البيانات أيضًا أن كل حالة انتحار ناجحة تقابلها نحو 20 محاولة فاشلة.
وتُعد اليابان وكوريا الجنوبية من الدول ذات أعلى معدلات الانتحار في العالم، رغم تقدمهما الاقتصادي والاجتماعي. ففي اليابان، ينتحر سنويًا نحو 30 ألف شخص. وسجلت وزارة الصحة اليابانية 20,268 حالة انتحار في عام 2024، أي أقل من العام 2023 بأكثر من 1,500 حالة. أما في كوريا الجنوبية، فقد تم تسجيل 14,439 حالة وفاة بالانتحار عام 2024، ما يضعها أيضًا في مقدمة الدول الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة.
في المقابل، تُسجل أدنى معدلات الانتحار في دول أمريكا اللاتينية والدول الإسلامية، بينما لا تزال الإحصاءات في القارة الإفريقية شبه معدومة، ما يُصعّب التقييم الدقيق لوضعها في هذا السياق.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن 56% من حالات الانتحار عالمياً تحدث قبل سن الخمسين، وأن 73% منها تقع في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث يقيم غالبية سكان العالم.
وتبرز فجوة واضحة بين الجنسين، إذ يبلغ معدل انتحار الذكور أكثر من الإناث بـ2.2 مرة عالميًا، وتزداد هذه الفجوة في دول مثل الولايات المتحدة، حيث يبلغ معدل انتحار الرجال أربعة أضعاف النساء. إلا أن النساء يقمن بمحاولات انتحار أكثر تكرارًا، ما يعني أن العديد منها يكون غير مميت.
وتكشف الدراسات أن الفئات الأكثر عرضة لخطر الانتحار تشمل اللاجئين والمهاجرين، والشعوب الأصلية، وأفراد مجتمع الميم، والسجناء. وفي الولايات المتحدة، تُسجل أعلى معدلات الانتحار بين السكان الأصليين وسكان ألاسكا، يليهم البيض غير اللاتينيين.
وفي عام 2023، سجلت الولايات المتحدة حوالي مليون ونصف محاولة انتحار، وأفاد 12.8 مليون بالغ بأنهم فكروا بجدية في الانتحار.
وغالبًا ما تحدث حالات الانتحار بشكل “اندفاعي” خلال لحظات اليأس الحاد، بسبب ضغوط الحياة مثل المشاكل المالية، أو تفكك العلاقات الاجتماعية، أو الأمراض المزمنة.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد حالات الانتحار تراجع قليلًا مقارنةً ببداية الألفية الجديدة، حيث سُجل حينها نحو 800 ألف حالة سنويًا (حالة كل 40 ثانية)، إلا أن هذا الانخفاض يبقى دون الأهداف العالمية للحد من الظاهرة، والتي تشكل جزءًا من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
ولمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، تخصص منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الرابطة الدولية لمنع الانتحار، اليوم العالمي للوقاية من الانتحار في 10 أيلول من كل عام، لتعزيز الوعي والوقاية حول العالم.
وفي الولايات المتحدة، تنشر الجهات الصحية رسائل دعم تقول “إذا كنت تناضل أو تعرف شخصًا يعاني، تذكر أنك لست وحدك. تواصل للحصول على المساعدة عبر الرقم 988 أو من خلال مركز الأزمات المحلي.”














