الأربعاء, ديسمبر 10, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderبين "الإقرار" و"الترحيب".. هكذا تم سحب فتيل التفجير الداخلي ونزول الجميع عن...

بين “الإقرار” و”الترحيب”.. هكذا تم سحب فتيل التفجير الداخلي ونزول الجميع عن الشجرة!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| زينة أرزوني |

عوضاً عن “الترهيب والترغيب” الذي كان سائداً خلال الفترة التي سبقت جلسة مجلس الوزراء، إختارت الحكومة اليوم اللعب على فعل “الترحيب” لا “الإقرار”، فإستعانت ببحور اللغة العربية الفضفاضة للهروب من قرارات حاسمة.

وبكلمة “ترحيب” يكون تم سحب فتيل صاعق التفجير الداخلي، الذي كانت رمت قنبلته الوفود الاميركية التي حفظت طريق لبنان- تل أبيب عن ظهر قلب، ومارست الضغوط السياسية والتلويح بضربة عسكرية اسرائيلية اضافة الى اعتماد الدبلوماسية وصولا الى الاغراءات المالية التي طرحها المبعوث الاميركي توم باراك، وإمكانية عقد اتفاقيات دفاعية بين الجيش والولايات المتحدة كما وعد السيناتور الأميركي ليندسي غراهام شرط نزع سلاح الحزب.

ففي الوقت الذي كانت فيه الوفود الأميركية تُصعّد من سقف خطابها وتهديداتها، وتلوّح بإغراءات دفاعية – مالية لجرّ الدولة اللبنانية إلى خريطة التزامات استراتيجية جديدة، كان الرد الرسمي اللبناني ذكياً وملتوياً في آنٍ، عبر الالتفاف على مبدأ القرار، والإمساك بورقة “الترحيب” كحل وسط، يُرضي الداخل ويُهدّئ الخارج، دون أن يُورّط الحكومة في قرارات قد تُفجّر البيت الداخلي.

من الضغط إلى التجميد: كيف تم “تفكيك” القنبلة؟

القنبلة السياسية- الأمنية التي رُميت في وجه الحكومة من الجانب الأميركي، جاءت بصيغة خطة متكاملة تتضمن وقف الاعتداءات الإسرائيلية مقابل التزام لبناني بنزع السلاح من خارج إطار الدولة، مع تسهيلات مالية ودفاعية أميركية. لكنّ لبنان، في قراءة ذكية للتوازنات الداخلية، قرّر “تفكيك” هذه القنبلة لا عبر نزع فتيلها فحسب، بل عبر تعليقها على شماعة “الطرف الآخر”.

فالبيان الحكومي جاء واضحًا في إشارته إلى أن كل خطوة سيقوم بها الجيش ستكون مرهونة بتجاوب إسرائيل وراعيها الأميركي. وهذا ما يعيد كرة النار إلى ملعب واشنطن وتل أبيب، ويمنح الدولة اللبنانية مساحة من الوقت، والمناورة، والضغط المعاكس.

الجلسة: مسرحية تكتيكية بتنسيق عميق

الجلسة الوزارية التي شهدت عرض خطة الجيش، لم تكن بعيدة عن التنسيق العميق بين أركان الدولة، فالإخراج بدا محسوباً: دخول قائد الجيش لعرض الخطة، ثم انسحاب الوزراء الشيعة الأربعة تكتيكياً، وترك الوزير الخامس فادي مكي يُسجّل “تمايزًا” منظمًا عبر استقالة شفهية مشروطة.

بهذا التمايز، تحقّق هدف مزدوج: عدم إعطاء شرعية سياسية مباشرة للخطة من الثنائي، وعدم إحراج الجيش أو إسقاط الجلسة، خصوصاً وأن الخطة المطروحة جاءت أصلاً نتيجة مشاورات شاملة مع حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وتم تفصيلها بعناية لتجنّب النقاط الخلافية الكبرى.

بين الطموح الواقعي والإمكانات المحدودة

خطة الجيش، التي جاءت من دون مهل زمنية، وتضمنت خمس مراحل تبدأ من الجنوب وتنتهي في البقاع، هي عملياً خارطة طريق لضبط السلاح وحصره بيد الدولة، لكن بشروط: وقف الاعتداءات الإسرائيلية، توفير الدعم اللوجستي والتقني والبشري، دعم دولي – سياسي متوازن لا يستهدف المقاومة، تعاون داخلي يُراعي التوازنات الطائفية والأمنية.

هذه الشروط تجعل من الخطة “قابلة للتنفيذ” نظرياً، لكنها “معلّقة” عملياً على التزام الطرف الإسرائيلي وموقف واشنطن.

كما أنها من حيث التفاصيل والمراحل والرؤية، تُظهر حجم التحديات البنيوية: نقص في العديد، ضعف لوجستي وتقني، حاجة لمساعدات مالية وهندسية، وصعوبات أمنية في مناطق حسّاسة مثل المخيمات الفلسطينية، الحدود الشرقية، وأحزمة البؤر المسلّحة، هو ما جاء واضحا على لسان وزير الاعلام عقب انتهاء الجلسة حين قال: “سيبدأُ تنفيذَها ولكن وفق الإمكانات اللوجستية والتقنية والبشرية”.

ما فعلته الحكومة إذاً، هو أقرب إلى “إعادة تعريف” لفكرة القرار السيادي. فهي لم ترفض الخطة، لكنها لم تُقِرّها. رحّبت بها، دون أن تُلزم نفسها بمهلة، أو آليات تنفيذ واضحة، فجاء موقفها أقرب إلى منطق “التخريجة اللبنانية” المعهودة، لكنه في الوقت نفسه يعبّر عن دقة المرحلة وخطورتها. فلبنان، العالق بين مطرقة العقوبات الأميركية وسندان التهديدات الإسرائيلية، يُدرك أن أي خطوة غير محسوبة قد تُشعل الجبهة الجنوبية، أو تُفجّر الداخل الهش.

وبهذا تكون الحكومة قد كسبت الوقت بانتظار تغيّرات إقليمية أو تفاهمات دولية أوسع، ورفعت الضغط الأميركي عنها من خلال إشارات “إيجابية”، وجنّبت البلاد صداماً داخلياً لا قدرة لها على تحمّله، وحافظت على الغموض البنّاء في علاقتها مع حزب الله، وهو عنصر مفتاحي في التوازن الأمني والسياسي.

لكن في الوقت عينه، دفعت الحكومة “ديناً استراتيجياً” إلى واشنطن، ستطالب الأخيرة بتحصيله عاجلاً أم آجلاً، سواء عبر مزيد من الضغوط، أو عبر فرض التزامات تدريجية على الأرض تحت عنوان “تطبيق خطة الجيش”.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/KcTcdtSlZ5a0SaZPTZsoiV?mode=ems_copy_c

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img