
رفض الرئيس نبيه بري نصائح بعض المحيطين به بالتلويح «بورقة» «المونة» على غالبية الضباط الشيعة في المؤسسة العسكرية، سواء عبر استقبال رتب عالية في «عين التينة»، او عبر تقدم هؤلاء بمذكرة تحمل صفة الاستعجال الى قائد الجيش، تحت عنوان الحفاظ على الوحدة الداخلية وعدم تلقف قرارات تحمل صفة الانقسام الطائفي والسياسي في البلد. وجدد الرئيس بري على رفض اي تحرك يؤذي او يخدش صورة الجيش من قريب او بعيد، مؤكدا التمسك بابعاد هذه المؤسسة الوطنية عن التجاذبات الداخلية والخارجية.
من جهته، يقف حزب الله على المسافة عينها من المؤسسة العسكرية التي شكل التنسيق معها احد عوامل النجاحات الكبيرة في حماية السلم الاهلي في اصعب الظروف، وكذلك في مواجهة المد التكفيري التي ترجمت ميدانيا في معركة الجرود، «التحرير الثاني»، حين خاض المقاومون وعناصر وضباط الجيش المعركة جنبا الى جنب، ولعل التنسيق الاهم يبقى في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، حيث لم تكن معادلة « الجيش والشعب والمقاومة»، مجرد «حبر على ورق» بل عمدت بالدم في الكثير من الاحيان، لهذا من غير الوارد على قيادة حزب الله الدخول في اي مواجهة مع المؤسسة العسكرية مهما بلغت التضحيات، وسبق ان اختار الحزب «العض على الجرح» عندما حاولت الطبقة السياسية توريط بعض الضباط والعسكريين بلعبة «الفوضى، كما حصل في احداث مارمخايل، ومأساة جسر المطار، وكان الاختبار الاكثر دقة وخطورة في احداث السابع من ايار 2008 بعد قرارات الحكومة المشبوهة في الخامس من ايار، ونجح الطرفان حينها في ايجاد الصيغة الفضلى التي حمت المؤسسة من الانقسام، وانقذت البلاد من اتون حرب اهلية.
واليوم، ليس في قاموس حزب الله اي كلمة تتحدث عن احتمال الدخول في مواجهة مع المؤسسة العسكرية، «والورشة» الداخلية القائمة على «قدم وساق» لاستعادة التعافي تركز على كيفية استعادة الردع مع العدو الاسرائيلي، لوقف اعتداءاته، واعادة بناء هيكيلية جديدة يكتنفها «الغموض البناء» لترك «اسرائيل» عمياء عبر تقليص الخروقات الامنية الى حدودها القصوى، والاستعداد لمعركة التحرير القادمة لا محالة في حال استمرار احتلال الاراضي اللبنانية، واذا كانت قيادة المقاومة لا تفصح عن موعد او تحدد توقيتا، الا ان تلك المصادر تشير الى ان «ساعة الصفر» قد تفرض نفسها على الجميع، لان قيادة حزب الله لديها قرار حاسم بمنع نقل المواجهة مع «اسرائيل» الى الداخل اللبناني، وقد يكون موعد انفجار اول لغم، او اطلاق اول صاروخ ضد القوات المحتلة على الاراضي اللبنانية ايذانا ببدء مرحلة جديدة من المواجهة، عندما تشعر قيادة المقاومة ان ثمة من نجح في دفع الامور نحو مواجهة داخلية، عندها ستقوم المقاومة بتصحيح هذا المسار بنقل المعركة نحو وجهتها الصحيحة، لان كلفتها ستكون اقل بكثير من اي صدام داخلي.














