| حيدر خليل |
في أول تحرك خارجي منذ تسلّمه رئاسة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، يحطّ علي لاريجاني في بيروت، قادمًا من بغداد حيث وقّع مذكرة تفاهم أمنية. الزيارة تأتي على وقع اشتداد الجدل في لبنان حول قرار مجلس الوزراء تكليف الجيش وضع خطة لنزع سلاح “حزب الله” قبل نهاية العام، ما يضع توقيتها في دائرة الأسئلة والقراءات المتباينة.
دعم المقاومة.. ورسالة إلى المعترضين
قبل وصوله، شدّد لاريجاني على أن “العلاقة بين طهران وبيروت عميقة الجذور”، مؤكّدًا تمسك إيران بدعم لبنان في مواجهة “التهديدات الإسرائيلية”. وفي ما بدا ردًا غير مباشر على قرار الحكومة، قال إن “سلاح المقاومة ضمانة لحماية لبنان”، ليؤكد أن الموقف الإيراني ثابت تجاه “حزب الله” وسلاحه.
برنامج الزيارة يضمّ سلسلة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة، إلى جانب شخصيات سياسية وروحية. الملفات الأمنية والاقتصادية ستكون على الطاولة، لكن العنوان الأبرز سيبقى “مستقبل المقاومة” في ضوء المستجدات اللبنانية والإقليمية.
انقسام حاد واستنفار سياسي
الزيارة فتحت جبهة جديدة من السجال الداخلي: محور مؤيد يعتبرها “رسالة تضامن” في زمن الضغوط، ومحور معارض يراها “تدخلاً فاضحًا” في الشأن اللبناني. بعض الأصوات المعارضة، وعلى رأسها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، طالبت بتحرك عربي ودولي للحد من النفوذ الإيراني.
المشهد المقبل: بين التصعيد والاحتواء
في ظل هذه التوترات والإنقسامات، تبقى السيناريوهات مفتوحة أمام المشهد المقبل:
• سيناريو أول: ارتفاع حدة الخطاب السياسي والإعلامي مع اقتراب مواعيد الاستحقاقات الأمنية.
• سيناريو ثانٍ: محاولات تهدئة من قبل أطراف داخلية لتفادي مواجهة مفتوحة.
• سيناريو ثالث: تحركات دبلوماسية خارجية تضيف بعدًا إقليميًا للملف.
قراءة في التوقيت والرسائل
زيارة لاريجاني لا يمكن فصلها عن المشهد الإقليمي المتوتر. فإيران، التي تواجه ضغوطًا متصاعدة من الولايات المتحدة الأميركية، تبدو مصمّمة على تثبيت حضورها في الساحة اللبنانية، اعتماداً على “المقاومة” كقوة ردع ورسالة دعم في آن واحد.
في المقابل، يجد لبنان نفسه أمام اختبار مزدوج: كيف يحافظ على توازن علاقاته الإقليمية من جهة، ويمنع تفجّر الانقسامات الداخلية من جهة أخرى؟
وبين مؤيد يعتبر أن “حزب الله” يحمي البلد من الاعتداءات الإسرائيلية، ومعارض يرى في السلاح عبئًا على الدولة وسيادتها، تتحول زيارة لاريجاني إلى مشهد سياسي مكثّف يعكس كل التناقضات اللبنانية، وربما يرسم ملامح مرحلة مقبلة عنوانها الأبرز: تجاذب إيراني ـ عربي على أرض الأرز.














