الخميس, ديسمبر 11, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةشريط الاحداثاجتماع باريس قائم | دمشق - "قسد": المطلوب "تنازلات قاسية"

اجتماع باريس قائم | دمشق – “قسد”: المطلوب “تنازلات قاسية”

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

بعد جدل واسع حول إمكان انعقاد اللقاء الرباعي في العاصمة الفرنسية باريس بين ممثّلين عن الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» («قسد») بحضور وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، والمبعوث الأميركي توم برّاك، أو الاكتفاء بزيارة وفد كردي برئاسة القائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي ولقاء الرئيس إيمانويل ماكرون، جاء التأكيد الرسمي لانعقاد الاجتماع، من خلال بيان ثلاثي أميركي – فرنسي – سوري. وأتى الإعلان بعد يوم واحد فقط من موقف رافض عبّرت عنه دمشق، في شأن المشاركة في لقاء يجمعها مع «قسد» على الأراضي الفرنسية.

وبدا البيان المُشار إليه نتاجاً مباشراً لضغوط فرنسية ـــ أميركية مارستها باريس وواشنطن على دمشق لإقناعها بالانخراط في الاجتماع. وكانت «قسد» وجّهت اتهامات صريحة إلى الحكومة السورية بالخضوع لضغوط تركية لعدم المشاركة في لقاء باريس، علماً أن العلاقة بين أنقرة والأخيرة، تشهد من وقت إلى آخر توتراً.

في المقابل، جدّد مصدر حكومي سوري القول إن «الدولة السورية لم ولن تقبل بأي خطاب يقوم على التهديد أو فرض شروط مُسبقة تتعارض مع مبدأ وحدة الدولة ومؤسساتها السيادية»، وتشدّد على أن «الحوار الوطني الحقيقي لا يكون تحت ضغط السلاح أو عبر الاستقواء بأي طرف خارجي، بل من خلال الالتزام بوحدة البلاد ومرجعية الدولة والتمسّك بالمؤسسات الشرعية».

وأضاف المصدر الحكومي نفسه، في حديث إلى قناة «الإخبارية» السورية أن «الحديث عن رفض تسليم السلاح والتمسّك بتشكيل كتلة عسكرية، هو طرح مرفوض جملة وتفصيلاً، ويتناقض مع أسس بناء جيش وطني موحّد، ومع أسس الاتفاق الموقّع بين الرئيس (في المرحلة الانتقالية أحمد) الشرع وعبدي في آذار الماضي»، مشدّداً على أن «الطريق الوحيد لتحقيق الحل السياسي المستدام يكمن في العودة إلى حضن الدولة، وفتح حوار وطني جادّ تحت سقف السيادة السورية ووحدة أراضيها، وبعيداً عن الشروط المسبقة أو التهديد بالسلاح أو الارتباط بالمشاريع الخارجية التي أثبتت فشلها».

إلا أن الاجتماع السوري الإسرائيلي الذي عُقد في فرنسا برعاية أميركية وفرنسية، وما أعقبه من اجتماع ثلاثي أميركي – فرنسي – سوري، أفرزا بياناً مشتركاً صدر بعد انعقاد اللقاء الأخير، غيّر من نبرة تلك التصريحات؛ إذ دعا البيان إلى ضرورة «الانخراط السريع في الجهود الجوهرية لإنجاح مسار الانتقال في سوريا، بما يضمن وحدة البلاد واستقرارها وسيادتها على كامل أراضيها»، مشدّداً على «عقد جولة من المشاورات بين الحكومة السورية و”قسد” في باريس في أقرب وقت ممكن». كما شدّد على «دعم الجهود الرامية إلى محاسبة مرتكبي أعمال العنف».

وبعد ساعات من ذلك، أكّدت الخارجية الفرنسية، في بيان، أن وزير أوروبا والشؤون الخارجية أجرى اتصالاً مع عبدي، عقب محادثاته مع نظيره السوري أسعد الشيباني، والمبعوث الأميركي. وقالت الخارجية إن اللقاء «شكّل فرصة لتأكيد انعقاد جلسة تفاوض قريبة في باريس بين السلطات السورية الانتقالية و”قسد”، بهدف تنفيذ اتفاق 10 آذار، برعاية فرنسا والولايات المتحدة»، مؤكدةً «دعم فرنسا لوضع حل تفاوضي وسلمي من أجل توحيد سوريا، ودمج سكان شمال شرق سوريا في العملية الانتقالية السياسية، وضمان حقوق الأكراد».

يبرز احتمال اختبار عملية «دمج تجريبي» لـ«قسد» في إحدى المناطق، كـ«خطوة أولى نحو دمج تدريجي»

ومع ذلك، لا تزال أجواء التوتر تخيّم على علاقات الطرفين، وهو ما عكسته التصريحات السورية والكردية الأخيرة، في مشهد يشي بصعوبة التوصل إلى توافقات سياسية في اجتماع باريس المُرتقب خلال أيام، إذ أكّد مدير إدارة الشؤون الأميركية في الخارجية السورية، قتيبة إدلبي، أن المفاوضات مع «قسد» تصطدم بـ«غياب رؤية موحّدة ضمن قيادتها (القيادة الكردية)»، مشيراً إلى أن دمشق لا تزال «مؤمنة بتحكيم العقل للوصول إلى حل».

وفي مقابلة مع قناة «الإخبارية» السورية، أشار إدلبي إلى أن اتفاق آذار بين الحكومة و«قسد» لم يشهد أي تقدّم في التنفيذ، مؤكداً أنه «لا يحتاج إلى شهور، بل إلى رغبة حقيقية في تطبيقه». وأشار إلى أن اللقاء التشاوري الأخير في باريس يأتي استكمالاً لجولات تفاوض سابقة تهدف إلى «تحقيق اندماج كامل»، متحدّثاً عن وجود «رغبة أميركية وفرنسية في استكمال الإجراءات التي تضمن وحدة سوريا»، ومشدّداً على أن «المطلوب أن تأتي “قسد” إلى طاولة الحوار من خلال جهود الوساطة الفرنسية والأميركية».

في المقابل، اعتبرت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في «مسد»، إلهام أحمد، أن «غياب هيكلية شفافة للجيش السوري، خاصة بعد أحداث السويداء والساحل، يُعقّد دمج قوات “قسد” ضمن بنيته، والأميركيون يراقبون المشهد». وعلى الرغم من تأكيدها أن «وحدة الأراضي السورية محسومة بالنسبة إلى الإدارة الذاتية»، شدّدت على أن «اللامركزية مطلب أساسي». كما رأت أن «الوصول إلى حل سياسي يتطلب مشاركة كل مكوّنات الشعب السوري في صياغة مستقبل البلاد»، لافتة إلى أن «ما جرى في السويداء كارثة إنسانية، بسبب تحوّل الصراع إلى طائفي».

أما القيادي الكردي البارز، وعضو هيئة الرئاسة في «حزب الاتحاد الديمقراطي» (PYD)، آلدار خليل، فصعّد من لهجته ضدّ الحكومة السورية، محمّلاً إياها مسؤولية المجازر في السويداء. وقال إن «المجازر التي ارتُكبت في السويداء جاءت نتيجة سياسات تكرّر نهج حزب البعث، وتُعيد إنتاج الفتنة باسم المكوّنات»، معتبراً، في تصريحات لوسائل إعلام كردية، أن «استخدام اسم البدو في مجازر السويداء محاولة خبيثة لإثارة الفتنة، فالجناة لا ينتمون إلى البدو ولا إلى العشائر السورية».

وأضاف أن «العشائر والقبائل السورية متآلفة ومتحابّة ومتعايشة منذ القدم، وما يُروَّج عكس ذلك هدفه ضرب النسيج المجتمعي»، لافتاً إلى أن «من كانوا بالأمس يتحرّكون باسم داعش، أصبحوا اليوم يدّعون أنهم الجيش السوري، إنها محاولة لمنح داعش صبغة شرعية باسم الدولة السورية». ورأى أن «ما نشهده اليوم خطير للغاية؛ فالداعشيون باتوا يمتلكون هوية يسمّونها الجيش السوري، وهذا يهدد كيان الدولة السورية»، مؤكداً أن «إصرار الحكومة الانتقالية على ربط كل المناطق بالمركز وحرمان المكوّنات من حقوقها، سياسة مرفوضة وغير وطنية».

كذلك، رأى أن من يديرون الحكومة الانتقالية «لا يمثّلون مكوّنات الشعب السوري، بل يمثّلون فئة سلطوية تسعى للهيمنة»، مرجّحاً أن تؤدي «ممارسات السلطة الحالية إلى انتفاضة شعبية جديدة، كما حصل سابقاً ضد النظام البعثي القمعي». وأكّد «(أننا) نطمح إلى توسيع نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية ليشمل عموم سوريا، لأنه المشروع الأنجح حتى اليوم»، مبيّناً أن «هدفنا أن تعيش جميع مكوّنات الشعب السوري في سلام وديمقراطية وكرامة، واللامركزية لا تعني الانفصال».

وفي السياق، يؤكّد مصدر مطّلع على مسار المفاوضات، في حديثه إلى «الأخبار»، أن لقاء باريس متوقّع خلال أسبوع، مشيراً إلى أن انعقاده جاء «بعد ضغوطات على دمشق، التي كانت تعارض عقده في فرنسا، بدفع تركي»، لافتاً إلى أن «باريس تتخذ موقفاً داعماً لقسد و لا تريد إنهاء دورها بالكامل في سوريا».

وكشف أن الاجتماع الرباعي المُرتقب، الذي يضم دمشق و«قسد» وبرعاية فرنسية ومشاركة أميركية وتنسيق تركي، يهدف إلى «دفع الأطراف نحو تقديم تنازلات قاسية لبدء تنفيذ اتفاق 10 آذار»، مرجّحاً أن «يتم تعديل الاتفاق أو الاستعاضة عنه بآخر جديد في حال التوافق على مخرجات بديلة».

وأشار المصدر إلى احتمال اختبار عملية «دمج تجريبي» في إحدى المناطق، كدير الزور أو الرقة، كـ«خطوة أولى نحو دمج تدريجي»، لكنه لفت، في الوقت نفسه، إلى أن الملف «لا يزال معقّداً في ظل الإصرار التركي على حل “قسد” بالكامل، وهو ما يجعل من إمكانية عدم خروج اللقاء بنتائج واضحة ممكناً».

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img