/ كارلا قمر /
معركة طويلة انتهت في المجلس النيابي!
هذا ما اعتقده البعض، فهلل واحتفل، وكأن لبنان عاد به الزمن إلى المرحلة التي أُطلق عليه فيها، لقب “سويسرا الشرق”… إلا أنها ليست سوى بداية مجموعة معارك مستقبلية.
وصول 15 مرشحاً من قوى التغيير إلى المجلس النيابي، تخطّى كل التوقعات، وأعاد شعلة الأمل لتضيء بعض النفوس التي أطفأها انفجار 4 آب. لكن ما بعد 15 أيار ليس كما ما قبله.
في هذه المرحلة، تظهر المسؤوليات التي قد تثقل كاهل نواب المجتمع المدني، وقد تزيد من تحدياتهم بوجود كتل كبيرة ترغب بلعب دور الخصم. لذلك، تساؤلات كثيرة تلوح في الأفق، من دون إجابات حتى الساعة، بانتظار المرحلة المقبلة والاستحقاقات المنتظرة.
فهل سيتغير مسار بعض نواب هذه القوى بعد أن أصبحوا في الداخل؟ هل سيخلفون بوعودهم التي قطعوها قبل دخولهم البرلمان؟ وكم من المحتمل لأن يتحالف جزء منهم مع كتل نيابية تابعة لأحزاب سياسية تقليدية؟ وهل جميعهم متحكم بقراره وصوته داخل المجلس النيابي؟ ويبقى السؤال الأهم: هل سيوحدهم الموقف، خصوصاً أنهم دخلوا مشتتين، إذا صح التعبير؟
بحسب ما يردّد عدد من نواب قوى التغيير، فإن التحالف سيتم على “القطعة”. أي أن التوافق، أو حتى الخلاف، بين أعضاء البرلمان، يرتبط بالملف، فأطراف التحالف ليست ثابتة وقد تتغير. وأكد أحدهم، أنه لا يمكن إهمال حقيقة أن جميع النواب وصلوا بأصوات الشعب، ما يؤكد رضاهم عليهم ويجعل منهم ممثلين عن الشعب، وبالتالي فإن “التحالف مع أي نائب، لن يكون عاراً في حال توافق القرار مع المصلحة الوطنية”، بحسب رأيه.
بغض النظر عن احتمال عدم توحّد قوى التغيير، فإنه لا يمكن إهمال تأثيرهم على أعضاء المجلس النيابي، وتجسيدهم لـ”بيضة القبان” التي قد تغير المعادلات، ما سيجبر القوى الأخرى أن يحسبوا لهم ألف حساب، وبالتالي سيدفعهم إلى محاولة اكتساب أصواتهم لتشريع القوانين ومنح الثقة في الاستحقاقات المنتظرة.
الواضح أن البلد مقبل على مرحلة صعبة، قد تتسم بالتجاذبات السياسية التي من المحتمل أن تكون هدّامة بالنسبة للوطن الذي قطع أشواطاً من الانهيار، وموجعة بالنسبة للمواطن الذي بات يرزح تحت خط الفقر.
بحسب التوقعات، فإن الفراغ على مستوى المؤسسات الدستورية، “حتمي”، في حال تمت الإطاحة بالاستحقاقات الدستورية.
حتى الآن، الصورة ضبابية، لا يمكن رسم طبيعة التحالفات في البرلمان الجديد، في ظل وجود مجموعة كتل غير متجانسة، وغياب واضح للأكثرية النيابية، إلى جانب دخول قوى التغيير كطرفٍ ثالث يكسر الصورة النمطية للبرلمان اللبناني المنقسم بين ما كان يعرف بفريقي ٨ و١٤ آذار.
يعتقد أحد نواب التغيير، أن “العمل ككتلة تغييرية موحدة رغم بعض الفروقات السياسية البسيطة، هو أمر لا مفر منه”، وخيردليل على وجود النية في ذلك، هو الاجتماع الذي عقد، والذي ضم 14 نائباً من قوى التغيير، بهدف تشكيل كتلة والاتفاق على الخطوات المستقبلية، وكذلك دراسة الخيارات المتاحة ووضع بنود في هذا الشأن.
حتى لو لم تتمكن هذه القوى من إحداث التغيير الذي تطمح للوصول إليه، لا يمكن إنكار أن دخولها إلى المجلس النيابي، يضخّ دماً جديداً ويحفّز باقي الكتل البرلمانية.
هذا التحول الذي طرأ على المجلس النيابي، “يحمل ومضات من الأمل بأن التغيير لم يعد مستحيلاً، وإنما أصبح أقرب إلى الواقع”. هكذا وصف عدد من نواب قوى التغيير هذا التحول، معتبرين أن إرادة اللبنانيين كسرت حاجز الصمت.
هذه فقط البداية. بناء الأحكام المسبقة هو ظلم لكل من نواب قوى المجتمع المدني وللمواطن، الذي يلجأ إلى الحكم المسبق. لم تبدأ المسيرة الفعلية بعد كي يُحكم عليهم. هناك فرصة تلوح، وهناك آمال معلّقة على النواب الجدد ورهان على قدرتهم في معالجة الأزمات المتراكمة في البلد.